أحلام للوطن بعيداً عنه يعتقد البعض أنها قد تحقق بالتمني، لكن بوجود أشخاص يتحدون ظروفهم -الاضطرارية غالباً- لاغترابهم الطويل، فتراهم لا يفارقون حدود البلاد فترة محدودة إلا ليعودوا حاملين تجربتهم وأبحاثهم العملية قبل أحلامهم النظرية يلقون بها بكل كرم أمام كل طالب علم لم ينل من هذا العلم، بوجودهم لن يستمر التمني طويلاً.

موقع "eSyria" بتاريخ 8/9/2009 أجرى اللقاء التالي مع البروفيسور "نزار الحلو"، حيث حدثنا بداية عن وجوده في "أمريكا" منذ 29 عاماً لينهل من العلم ما أستطاع، والثمن مدفوع مسبقاً بغربته عن أرضه وأهله: «سافرت إلى "أمريكا" لدراسة الدكتوراه عام 1980 لمدة سبع سنوات، عدت من بعد ذلك إلى جامعة دمشق، درّست فيها لمدة ثلاث سنوات وكنت مديراً لمعهد "هندسة الكمبيوتر" ثم سافرت للمرة الثانية إلى "أمريكا" عام 1990 وبدأت بالتدريس هناك، فكان من الصعب العودة إلى الوطن بسبب التزام أولادي بدراستهم في المرحلة الإعدادية والثانوية، ومن حوالي 19عام أعمل كمدرس بجامعة "ديترويت – ميشيغين"، حيث مررت بمراحل أستاذ مساعد، أستاذ مشارك ثم بروفيسور، كما كنت رئيس قسم في الجامعة لمدة سبع سنوات بدءً من عام 2000».

أزور سورية مرة أو مرتين في السنة كحد أدنى باستمرار، لأتواصل مع الأساتذة والزملاء من أبناء بلدي وأقدم ما أمكن من معلومات اكتسبتها حديثاً خلال محاضرات وندوات، كما أشجع أولادي لزيارة سورية مرة على الأقل في السنة، لتحسين اللغة العربية وارتباطهم بالبلد الأم، إضافة إلى أني أقوم حالياً بمشروع بناء منزل في الريف، فمن الجميل أن تجد منزلك بانتظار زيارتك من الغربة، خاصة إن كان منزلاً في ريفنا السوري الجميل

لم تمنعه جديته ببحثه الدءوب والمستمر عن تواصله مع أرضه وجذوره لينقل خبراته وعلمه لوطنه: «أزور سورية مرة أو مرتين في السنة كحد أدنى باستمرار، لأتواصل مع الأساتذة والزملاء من أبناء بلدي وأقدم ما أمكن من معلومات اكتسبتها حديثاً خلال محاضرات وندوات، كما أشجع أولادي لزيارة سورية مرة على الأقل في السنة، لتحسين اللغة العربية وارتباطهم بالبلد الأم، إضافة إلى أني أقوم حالياً بمشروع بناء منزل في الريف، فمن الجميل أن تجد منزلك بانتظار زيارتك من الغربة، خاصة إن كان منزلاً في ريفنا السوري الجميل».

نزار الحلو

انتقلنا في حديثنا مع البروفيسور "نزار" إلى الجانب العلمي والأكاديمي في سورية وهنا يقول: «التدريس في الجامعات السورية ذو مستوى عالي، وهذا ما لمسته خلال احتكاكي بالطلاب السوريين الذين جاؤوا إلى جامعة "ديترويت" وعادوا حاملين شهادة الماجستير أو الدكتوراه، فكانوا كلهم ناجحين ومتفوقين، إضافة إلى وجود ما يقارب الخمسين طالب في الدراسات العليا من خريجي جامعة "دمشق" و"حلب" حالياً وهي نسبة عالية مقارنة بالجامعات العالمية، كما أرى أن التعاون بين الجامعات السورية والأمريكية جيد لنقل الخبرات والمعلومات في مجال المناهج الدراسية إلى الجامعات السورية لتحسين هذه المناهج، فيكون بالتالي خريجي الجامعات السورية بنفس مستوى الجامعات العالمية».

تطرق "الحلو" كثيراً خلال حواره معنا على أهمية العناية بالمناهج التعليمية وتطويرها، عن ذلك يقول: «سورية بلد متقدم علمياً وحضارياً، كما نشعر بالفخر من الانطباع الايجابي الذي يكونه من يزور سورية من بلدان شرقية أو غربية عن المستوى العلمي الجيد للطلاب والخريجين، فمن الضروري أن تكون مناهجنا متقدمة ونتمكن من تطويرها مع تطور التكنولوجيا والمعلوماتية في العالم، لنواكب الجامعات المتقدمة في العالم، وبخصوص الاعتناء بالجامعات والبرامج المتبعة لذلك ألقيت محاضرة منذ فترة قصيرة، كما زرت بعض الجامعات الخاصة منها جامعة "القلمون" وألقيت محاضرات بهذا الخصوص، إضافة لدعوات من جامعات أخرى كجامعة "البعث" حيث سأتطرق خلال زيارتهم عن هذا الموضوع لأهميته البالغة».

من خلال تجربته عن طرق التبادل العلمي وأهميتها يشير"الحلو": «التعاون بين أساتذة محليين وأساتذة من "أوربا" يساهم في نقل المعرفة ومشاركة المعلومات بشكل فعّال، فمن خلال زيارة بعض الأساتذة السوريين إلى "أمريكا" وتعرفهم على ما يجري من بحوث فيها، إضافة إلى احتكاكهم المباشر مع الباحثين، وجدنا أنهم عادوا بخبرة جيدة، ولنتمكن من الإفادة عملياً في بلدنا الأم وكعلماء وباحثين مغتربين، يمكن أن نقيم خلال أربعة أشهر على سبيل المثال في الجامعات السورية ونتعاون خلال ذلك مع الأساتذة المحليين لنشرف على بعض الطلاب بشكل مشترك من طلاب الدراسات العليا، إضافة إلى ضرورة زيارة الأساتذة كل منهم إلى البلد الآخر بشكل دوري».

يضيف "الحلو": «من خلال خبرتي أقول أن سورية في وضع متقدم تكنولوجياً بشكل جيد نسبياً، لوجود اتصال دائم مع البلدان الغربية، كما إن هناك قفزة نوعية بفضل "الجمعية العملية السورية للمعلوماتية" التي وفرت الإنترنت ووسائل الاتصال، التي تسهل عملية تقديم الخبرات الشخصية بشكل استمراري، إضافة لوجود إمكانيات أخرى قابلة للتحسين كالـ"برود باند" الذي يسهل للناس الاتصال والحصول على المعلومات السريعة سواء على الانترنت أو التطبيقات المختلفة، فبالنهاية الاتصال هو المفتاح الذي يسهل التعامل ويحسن النتائج».

نهاية حوارنا مع البروفيسور "نزار الحلو" كان بكلماته القليلة وأمانيه الكبيرة بانتظار أن تحقق: «أتمنى أن نحظى في سورية دائماً بوجود مؤتمرات علمية عالمية، إضافة إلى توفير الإنترنت ليسهل لنا التواصل مع طلابنا في الدراسات العليا، لكي يطّلعوا على آخر الدراسات والأبحاث وآخر التطورات التكنولوجية لتقديم محتوى وبحث متقدم، وبالتالي تكون سورية بلد متحضر كما هي دائما وتستمر في التقدم، كما أني أدعو وأعمل على إنشاء فرع للمنظمة العلمية العالمية "IEEE" في سورية، لنتمكن بالتالي من إتاحة الفرصة للطلاب والأساتذة للحصول على نسخة من الأبحاث الحديثة باستمرار».