قبل خمسة عشر عاما، كان لدى المصوّرين السبعة تحديّاً وجودياً، وكان من نتائجه تأسيس مكتب "أوستكروز"، الذي حدّدت غايته بوضع "الطموحات الشخصيّة والمهنيّة في منزلة واحدة"، لكنّ الاضطراب الذي يخلقه عادةّ هذا النوع التحدّيات لم ينعكس تعقيداً أو عمقاً في الصور الملتقطة، حيث لم نشاهد صوراً تعنى بإثارة أسئلة عن لحظات إنسانيّة إشكاليّة، أو على الأقل، في تلك الصور التي عرضت في كلية الفنون الجميلة بـ"دمشق" ضمن معرض "صور من ألمانيا... ثماني وضعيات تصويريّة" بتاريخ 22/10/2008.

ربما يعود الأمر إلى الاقتصار على عرض صور لأربع من أعضاء المكتب الذين بلغ عددهم اليوم سبعة عشر مصوّراً، تتراوح أعمارهم بين العشرين والستين عاماً، وعليه، كان لطلاب كلية الفنون الجميلة ـ قسم التصوير الضوئي، أن يستفيدوا "نقديّا" من المعرض الذي أقيم برعاية المركز الثقافي الألماني بـ"دمشق" ـ معهد غوته، قبل أن يحققوا متعة جماليّة.

لماذا لم تعرض سوى أعمال أربعة مصوّرين، على الرغم من أن البروشور يتحدّث عن معرض جماعي لأعمال سبعة عشر مصوّراً، ويقوم معهد غوته بعرضها في كل أنحاء العالم؟!

فالصور المعروضة، بحسب "جيهان" وهي طالبة في الكليّة: «لا تقدّم الكثير على المستوى الإبداعي في فن التصوير الضوئي، بل هي أقرب إلى صور الاسم على المسمى بمعنى أن الصورة التي سميت (البحر) لا شاهد فيها شيئاً سوى البحر، وتلك التي تضمّ خيماً اسمها "خيم"»، وتتابع "جيهان": «حتى أنّ بعض الصور التي سقطت بطاقات التعريف الملصقة أسفلها، يمكن أن تخمّن ما هو اسمها، فمثلاً تلك الصورة التي نشاهد فيها طفلاً يأكل، لابدّ أن يكون اسمها: "طفل يأكل"». يتفق "فؤاد" مع رأي زميلته، لكنّه يتساءل: «لماذا لم تعرض سوى أعمال أربعة مصوّرين، على الرغم من أن البروشور يتحدّث عن معرض جماعي لأعمال سبعة عشر مصوّراً، ويقوم معهد غوته بعرضها في كل أنحاء العالم؟!». ويفضّل "فؤاد" أن يتحدّث عن المستوى التقني في الصور المعروضة فيصفه بأنّه: جيد جداً، وفيه الكثير من الحرفيّة العاليّة". أمّا عن أكثر الصور التي لفتت انتباهه فيقول "عروة": «لا يوجد مواضيع مميّزة في الصور المعروضة، وكنّا نتمنى أن نشاهد كامل صور المعرض حتى نستطيع أن نحقق فائدة منها، وأن نخرج بانطباع عنها. على العموم، الصور التي شدّتني هي صور المجموعة المعنونة بـ "وداعاً للماضي" وهي للمصوّرة "يورديس أنتونيا شلوسر"».

وإلى جانب مجموعة "وداعاً للماضي"، ضمّ المعرض ثلاث مجموعات أخرى هي: "على بحر الشمال" للمصوّر "توماس ماير" و"قطعة" لـ "لين شرودر" و"الطفولة" لـ "آنة شونهارتنغ".

OSTKREUZـ مكتب:

أسّس مكتب "أوستكروز" من قبل سبعة مصوّرين هم "سيبيلة بيرغمان" ـ "هارالد هاوزفالد" ـ "أوتة مالر" ـ "فرينر مالر" ـ "ينز روتش" ـ "توماس سانديير" ـ "هارف تسيمرمان"، وقد تميّز عمل المصوّرين بنظرة ناقدة لألمانيا الشرقيّة، وعلى الرغم من "تنامي النزعات الشعبيّة والمتطلبات التجارية في الصحافة ووسائل الإعلام"، حافظت مؤسسة "أوستكروز" على مبدأ حق الإبداع الفردي لكل مصوّر. وقد وصل عدد أعضاء المؤسسة خالياً إلى سبعة عشر مصوّراً، وهو "العدد الأقصى الذي يمكن لمؤسسة استيعابه من حيث التنظيم والإدارة". واللافت في هذه المؤسسة، هو انعدام التنظيم الهرمي التقليدي الذي يحكم العمل في مؤسسات مشابهة، حيث يتم اتخاذ القرارت بصورة جماعيّة، الأمر الذي يجعل العمل يتميز بروح تعاونيّة عاليّة.

أمّا اسم المؤسسة، فهو يعطي تصوّراً عن هويتها، فهو اسم أكبر وأهم محطة مترو في برلين الشرقيّة، والتي تتفرّع عنها العديد من الطرق، الأمر الذي يشبه إلى حد كبير نمط مؤسسة "أوستكروز" للتصوير، من حيث اتساع أفقها وتعدد إمكاناتها.