حينما لا نخفي على انفسنا أن الخطأ واقع... نكون وضعنا أيدينا على مكامن الإصلاح، وذلك بمرافقة رؤى سياسية تدعم آليات التنفيذ مع اتساق عملي للحرية بمفهومها الواسع، والتي تجعل المنطلق لمستقبل قادم، والخطوات الفعلية لتحقيق الاستقرار والأمن والأمان بعدم السكوت عن الخطأ.

حول رؤية الإصلاح تحدّث الباحث والكاتب "نبيل فوزات نوفل" عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSyria قائلاً: «القيام بخطوات تصاعدية تحقق أقصى ما هو ممكن من الحرية والتأكيد أن حرية المجتمع ليست نقيضاً لحرية الفرد وهذا يتطلب إيجاد صيغ مؤسسية تنظم العلاقة بين حرية المجتمع وحرية الفرد تمكن مجموع الأفراد أن يمارسوا حريتهم، والإصلاح الذي نسعى لتحقيقه يجب أن يجسد طموحاتنا المشروعة، مبدأً ومصلحة وكرامة، بأدوات وأساليب تتناسب مع هذا الطموح، وهذا يوجب علينا تعرية وفضح كل القوى المستغلة والفاسدة والتأكيد على تلازم الحرية والعدل الاجتماعي والإيمان بأن الديمقراطية الحقيقية هي التي تتيح لجميع أفراد المجتمع المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وتطوير وتفعيل الأسس الصحيحة لأسلوب التعاون البناء المثمر بين جميع مكونات القوى الوطنية والقومية وتطوير البنيتين الفكرية والتنظيمية لها ومحاربة الأمراض التي أصيبت بها من ترهل وتخبط فكري وبعض مظاهر الفساد بأنواعه، وهذا يجب أن يترافق مع تطوير التعددية الاقتصادية ووضع ضوابط لمنع تسرب مظاهر الاستغلال وارتهان الاقتصاد الوطني للخارج مع الحفاظ على البعد الاجتماعي في السياسة الاقتصادية والدعم الدائم لصناعاتنا الوطنية والاهتمام بالمسألة الزراعية لأنهما يحققان لنا الأمن الغذائي، مع إعطاء الأولوية للشباب وتأمين فرص التعليم المجاني وفرص العمل».

أعتقد أن الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه سورية يتضمن لغة حوارية إصلاحية، والأهم أن الإصلاح تقوم دعائمه على أيدي الشباب ونشاطهم الإبداعي من خلال روحهم الشبابية وحبهم للعمل وقيمته، وبالمقابل يجب على السلطات التنفيذية تأمين فرص عمل لجيل الشباب كي يساهموا فعلاً في المشاركة ببناء الوطن، كي لا نكون معزولين ومهمشين فاقدين قيمتنا التي هي إنتاجنا أو ما نساهم فيه، وبالتالي لا أعتقد أن هناك إصلاحا دون حوار شامل وعام يضم أطياف وفئات المجتمع كافة، ونشر ثقافة جديدة من شأنها بناء الدولة التي هي جزء من وجوده وانتمائه

وعن الجانب التثقيفي أوضح الكاتب "نبيل فوزات نوفل" بقوله: «إيلاء الجانب الثقافي الأهمية القصوى لبناء جيل منتمٍ لوطنه وأمته ومحافظ على هويته العربية وتحصينه من كل مظاهر الاختراق التي تبثها العولمة، ولابد من إعادة تأهيل المنظمات الشعبية والنقابات المهنية ومؤسساتنا بمستوياتها المختلفة ورفدها بالقيادات القادرة والتي تتمتع بصفات قيادية قادرة على مواكبة مشروع الإصلاح والتي نرى أن من أهم الصفات التي يجب أن تتوافر فيه التفكير المنطلق الذي يكسب الشخصية القدرة على الاستجابة للمشكلات وإنتاج اكبر قدر من الحلول التي تتصف بالمرونة والصالة التي تمنح الشخصية مجالاً واسعاً من الحرية والتقصي والبحث والتعامل مع المشكلات بجوانبها المختلفة بمرونة والتحرر من القصور الذاتي والأفكار النمطية، والتحلي بالمثابرة والبحث عن الحلول الناجحة وتحسس نقاط الضعف حسبما تقتضي إعادة التنظيم والانفتاح على الخبرات والقدرة على تلقي الكثير من المعلومات المتناقضة والتحلي بالتفرد وتحقيق الذات الذي يحقق الانتقال بالشخصية من مبدأ القوة إلى مبدأ الفعل والتمتع بأصالة التفكير والتمسك بالهدف والاتجاه والتبصر والنظرة الثاقبة التي تمكنه من اختراق الحجب التقليدية إلى جانب تمتعه بصفة الانتماء المنتج الذي يعبر عن نفسه من خلال التفكير الذي هو محاولة للامساك بالعلم من خلال العقل ومن خلال الفعل، والمهم هو تمتعه بالإخلاص للحق والحقيقة».

الدكتور محمد سعيد الحلبي

وحول أهم مرتكزات خارطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بيّن الدكتور "محمد سعيد الحلبي" مستشار وباحث في التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية قائلاً: «قد يكون الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في معظم دول العالم ضرورة معيشية، ولكنه في سورية أولوية سياسية تنظيمية مؤسساتية لبناء سورية الحديثة لتلبية طموحات وآمال الشعب السوري الذي يمتلك تراثا ثقافيا وحضاريا يميزه عن دول المنطقة وما يمتلكه من قدرات وإمكانات وموارد تأهله لتحقيق طموحاته وآماله الكبيرة، ومن أهم مرتكزات خارطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في سورية مساهمة في وضع لبنة لهذا الإصلاح في المجال الاقتصادي والمالي وهناك خطوات منها تحرير وتطوير المناخ الاستثماري وتحقيق الكفاءة والعدالة في الفرص للجميع، وتعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازية، وتطوير السياسة المالية والتي تتناول الميزانية بما فيها الإنفاق الحكومي والإداري، والضرائب وموارد الخزانة بحيث تصبح كأدوات اقتصادية وليست جبائية فقط، وتطوير السياسة النقدية والتي تتناول الائتمان، المصارف، حركة رأس المال، الفوائد، الأسواق المالية»

وفي مجال العدالة الاجتماعية تابع الدكتور "الحلبي" بالقول: «معالجة موضوع البطالة وإعادة الاعتبار لمشاريع الدولة لمكافحة البطالة المتزايدة والمرتفعة بمعدلات مقلقة وعدم ترك الأمر لقوى السوق فقط، ومعالجة موضوع الفقر وضع برامج فعالة ضمن شبكة الحماية الاجتماعية لتخفيف حدة الفقر وتخفيف معدلاتها العالية وخاصة في الريف السوري، والعدالة في توزيع الخدمات العامة بين الريف والمدينة، وإصلاح القطاع العام إذ لابد للحكومة أن تخرج من ترددها وتعلن تبنيها لسياسة واضحة لإصلاح القطاع العام، وذلك بتحسين الرواتب والأجور من الضروري معالجة مستوى الرواتب والأجور بما يتناسب مع مستوى تكاليف المعيشة مع مراعاة الكفاءة والخبرة للوصول إلى المساواة النوعية بين العاملين، والأهم تحسين الروتين الحكومي لابد من تبسيط الإجراءات وتعزيز اللامركزية في عمل الوزارات والحد من التشابكات بينها وتقليل العمل الروتيني أمام المستثمر والمواطن، واتخاذ الخطوات العملية لتطبيق برامج الحكومة الالكترونية، وإعادة التأهيل والتدريب لتعريز قوة العمل السورية وزيادة المهارات المهنية والوظيفية».

الكاتب والباحث نبيل فوزات نوفل

ومن جيل الشباب الذي أراد توضيح أن الإصلاح قائم على التعاون بين الأجيال أوضح الشاب "محمود زريفة" من أهالي وسكان ريف دمشق قرية "سكة" قائلاً: «أعتقد أن الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه سورية يتضمن لغة حوارية إصلاحية، والأهم أن الإصلاح تقوم دعائمه على أيدي الشباب ونشاطهم الإبداعي من خلال روحهم الشبابية وحبهم للعمل وقيمته، وبالمقابل يجب على السلطات التنفيذية تأمين فرص عمل لجيل الشباب كي يساهموا فعلاً في المشاركة ببناء الوطن، كي لا نكون معزولين ومهمشين فاقدين قيمتنا التي هي إنتاجنا أو ما نساهم فيه، وبالتالي لا أعتقد أن هناك إصلاحا دون حوار شامل وعام يضم أطياف وفئات المجتمع كافة، ونشر ثقافة جديدة من شأنها بناء الدولة التي هي جزء من وجوده وانتمائه».

محمود زريفة