المبادرة هي واحدة من الميزات الحميدة في الإنسان، ولكن أن تتحول هذه المبادرة إلى حالة جماعية فهذه تتطلب وعياً متقدماً. وهذا ما كان من المبادرة التي تدافع إليها مجموعة من الفنانين التشكيليين المقيمين في مخيم "خان الشيح" والتي كان من نتيجتها العمل جنباً إلى جنب مع مجموعة أخرى من مخيم "اليرموك" للعمل في تحسين وتجميل شارع المدارس في "خان الشيح" بلوحات جدارية كبيرة تمتد على جانبي الشارع الذي يبلغ طوله حوالي 250 متراً وبمتوسط ارتفاع للجدران الخارجية 275 سم.

موقع eSyria وقف عند هذه المبادرة ورصد حولها الآراء التالية.

بعد اجتماعنا مع الشباب وطرح المبادرة، كان هناك عدة أفكار بينها "ملتقى الرسم الشبابي" وبعد وضع قائمة من الفنانين الذين نريد العمل معهم نظمنا هذه المبادرة، وكان مركز "يلا شباب" المسؤول عن تنظيم هذه المبادرة وقيادتها، والراعي لهذه المبادرة هي شركة "البزرة" للدهانات، فقد قدموا لنا المواد اللازمة، وانطلقت المبادرة إلى التنفيذ مباشرة

الإعلامية "أمل شاهين" زارت موقع العمل وعلقت عليه بالقول: «من الجميل أن يتعود الأطفال منذ الصغر على تذوق ورؤية الفن، رؤية اللوحات والمشاركة في إنجازها أيضاً. فمن المفيد أن تترسخ الثقافة الفنية لدى الأطفال، هذه الثقافة غير الموجود لدى الجماهير العربية بصفة عامة، وأجمل ما في هذا المشروع هي المبادرة الإيجابية، فكل من تخطر بباله فكرة إيجابية وخلاقة من المهم أن يسعى لتنفيذها وتحويلها إلى واقع، وهذا بحد ذاته يساهم في أن نغير حياتنا وواقعنا نحو الأفضل. رأيت قصة الألوان في هذه التجربة، نحن دائماً نرى في المخيمات بشكل عام اللون الرمادي، الذي أراه لوناً بارداً، حيادياً، وبلا شخصية. لكن الألوان هنا تؤثر في نفسيتنا بطريقة فيها الجمال، الفرح والأمل، وهذا يحرك فينا كثيراً اتجاه إنسانيتنا».

"رام سلام" أحد الفنانين المشاركين في الورشة تكلم عن المشروع، فقال: «في البداية طرحت الفكرة بأن نعمل شيئاً على جدران مخيم "خان الشيح"، في الشوارع لتحسين صورة المكان الذي يعيش فيه أبناء شعبنا، فنحن نعمل الآن في "خان الشيح" بينما الفكرة كانت في"مخيم اليرموك"، هناك مجموعة من الفنانين الشباب الذين يعملون على هذا المشروع في "خان الشيح" فأحببنا أن نأتي ونعمل معهم ونساعدهم ليحدث أيضاً نوع من المشاركة والتعاطي مع أهلنا في المخيمات الأخرى، بدأنا العمل كل على طريقته، يوجد هنا مجموعة من الأعمال الخاصة لبعض الفنانين، وهناك ما نعمل عليه وهو نسخ لوحات لفنانين فلسطينيين معروفين. فالمكان الذي نعمل فيه هو شارع بطول حوالي 250 متراً وبمساحة خرافية، في هذا الشارع مجموعة من المدارس وكان لدينا أمل أن نعمل عليها، عندما طرحنا الفكرة كان هناك تقبل من كل الأهالي والكل تبرع بالجدران الخارجية لبيوتهم، والكل أحب أن نرسم عليها، كان الأهالي مسرورين جداً بأن نعمل والكل قدم لنا ما يستطيعونه من مأكل ومشرب ووسائل الراحة».

الفنانة التشكيلية "سومر سلام" تتحدث عن دورها في هذه المشاركة: «أتت مشاركتنا كمساعدة لأهالي مخيم "خان الشيح" لكوننا أتينا من مخيم "اليرموك"، فقد صممنا بعض اللوحات وكان معنا مجموعة من العاملين كعمال تطوعين من الشباب، الذين أتوا في أيام العمل. رسمت 3 أعمال هنا، عملين للطفولة ولوحة عن الحيوانات، شعرت أن الأطفال يتفاعلون معها فعلاً، أهل الشارع كانوا ودودين جداً وكنت أتلمس الرضا في عيونهم وفي ابتساماتهم، وأحياناً في بعض تعليقاتهم، ولكوننا نأتي في أيام العطلة، لم نر أطفال المدارس بجموع كبيرة، لكن أتى الجميع ورأوا الأعمال، والأطفال أبدوا رأيهم بجمالية اللوحات وبدؤوا بتسميتها، وجميعنا تقريباً أخذنا ردود الفعل المباشرة اتجاه المبادرة لأن العمل في الشارع».

"فادي عبد الهادي" أستاذ مدرسة ومتطوع في المشروع، والذي تحدث بدوره: «كانت فكرة النشاط تجميل المكان الذي نعيش فيه (المخيم)، المشكلة أننا كنا نصحوا كل يوم على ذات المناظر والكتابات العشوائية الموجودة على الجدران، وكانت المبادرة لتجميل الشارع وزرع ثقافة جديدة، هي الحد الأدنى من الثقافة الفنية، فكثير من الناس ليس لديهم ثقافة الذهاب إلى المعرض أو المتحف، لكننا أتينا بالمعرض إلى الشارع ليكون معهم وفيهم، طرحت مواضيع عن حق العودة، النكبة، حقوق الطفل، والبيئة، وكل ما من شأنه تطوير المجتمع المحلي والرفع من قيمه».

أما الفنان "عطا محمد" أحد المشرفين على الورشة، يقول عن المشروع ومشاركته: «طرحنا أن نعمل شيئاً في المخيم له علاقة بالرؤية الجمالية وتغيير الصورة النمطية للحي الشعبي، فكانت فكرة أن نعمل على لوحات جدارية، وضعنا أهداف لهذا المشروع وما نريد منه، كنشر الوعي الوطني وثقافة العمل الأهلي، ومن خلال هذه الأهداف وضعنا لوحاتنا برؤيتنا الجمالية وانطلقنا للمباشرة بالأعمال. هناك الكثير من الشباب الذين يعملون ويساعدون في هذا النشاط، ليس بالضرورة أن أنهي عملي وحدي، هناك مجموعة من الشباب يساعدون في فرد المساحات اللونية، لأن الكثير من الناس أحبوا أن يشاركوا في العمل وكانت الفرصة متاحة أمامهم، وكان هناك الكثير من مساعدات الأهالي والجيران، ولا ننسى أن الدور الأهم كان من الأطفال والشباب الصغار الذين أحبوا أن يعملوا معنا، وعملنا على تحقيق ذلك من خلال منحهم مساحات عمل حقيقية، رغم أن معظمهم ليس له علاقة بالرسم أو الفن، فقد كانوا يمسكون الفرشاة ويبدؤون بدهن الجدران معنا، ويملؤون المساحات بالألوان، والعلاقة بين الجميع كانت ممتازة جداً».

أما السيد "رامي أبو الهيجاء" يعمل في مركز دعم الشباب التابع لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في "خان الشيح" وهم المشرفون المباشرون على المشروع، يقول: «عدد الفنانين المشاركين من مخيم "خان الشيح" سبعة فنانين أساسيين، ومن "مخيم اليرموك" خمسة فنانين، هناك عدد كبير من الأطفال وصل إلى الأربعين وبشكل متفاوت. الأستاذين "عطا محمد وعماد رشدان" وضعا لنا رسالة المبادرة ومعاييرها، شروطها، أهم أهدافها، كان أول عنوان في الرسالة أن المخيم مكان مؤقت ولكن غايتنا تحسين الصورة فيه وتجميلها والتأقلم مع المكان الذي نعيش فيه حتى العودة، وعملنا على هذا الأساس في الوقت الذي حافظنا فيه على تراثنا وعاداتنا، حاولنا أن تكون الألوان جميلة والرسومات تتناسب مع المفهوم الجمالي والتراثي والثقافي الفلسطيني، والبيئي الحضاري وقضايا إنسانية عامة للمكان المؤقت الذي نتواجد فيه.

قام الجميع برسم لوحات خاصة بهم ونسخ رسومات جاهزة لفنانين فلسطينيين معروفين من المخيم "خان الشيح" ومن خارجه، بالإضافة إلى رسومات الأطفال التي ركزنا عليها أيضاً، على أن يرسم الأطفال بأنفسهم كل ما يجول بخاطرهم».

وأشار أخيراً: «بعد اجتماعنا مع الشباب وطرح المبادرة، كان هناك عدة أفكار بينها "ملتقى الرسم الشبابي" وبعد وضع قائمة من الفنانين الذين نريد العمل معهم نظمنا هذه المبادرة، وكان مركز "يلا شباب" المسؤول عن تنظيم هذه المبادرة وقيادتها، والراعي لهذه المبادرة هي شركة "البزرة" للدهانات، فقد قدموا لنا المواد اللازمة، وانطلقت المبادرة إلى التنفيذ مباشرة».