قدم الدكتور "إبراهيم دراجي" أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة "دمشق" دراسة قانونية شاملة عن ظاهرة الاتجار بالأشخاص عرض فيها لغاية وجود نظام قانوني خاص بهذا الشأن في سورية وحلل مختلف القوانين الجنائية السورية، وناقش من خلال الدراسة المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقت عليها الحكومة السورية وبهذه الدراسة قدم د."دراجي" أرضية متينة للمشرعين في سورية لإعداد قانون خاص بمكافحة ظاهرة الإتجار بالأشخاص بمختلف مستوياتها وأشكالها.

ود."دراجي" يعمل حاليا ضمن اللجنة الوطنية المشكلة من رئيس مجلس الوزراء بهدف وضع قانون وطني سوري لمكافحة الإتجار بالأشخاص في سورية، إضافة إلى عمله كمستشار قانوني لعدد من المنظمات الدولية، eSyria التقى د."دراجي" يوم الأربعاء 3/12/2008 وسألناه عن عمل اللجنة الوطنية: «اللجنة الوطنية تم تشكيلها من قبل رئيس مجلس الوزراء في العام 2005 بهدف وضع تشريع وطني سوري خاص لمكافحة جريمة الإتجار بالأشخاص، ونحن ندرك أن هذه النوعية من الجرائم ليست منتشرة في سورية ولكن هناك فكرة وقائية قبل أن تتحول إلى جريمة منظمة لذا كان من الأفضل إعادة النظر بالتشريعات وبشكل خاص بوجود اضطرابات كثيرة في عدد من دول المنطقة، وعلى ضوء الاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها سورية لنقوم بإعادة صياغتها بما يتناسب مع التطورات الجديدة».

فيما يتعلق بهذه النقطة فلا المجتمع عالم مثالي ولا الخادمات يعيشون في عالم مثالي؟، هناك أشخاص إيجابيون وسلبيون ومن الطبيعي أن نسمع عن تجاوزات من قبل بعض الخادمات وانتهاكات من قبل بعض الأشخاص، من هنا سيركز القانون على طبيعة الفعل الذي تم ارتكابه فإن كان مخالفاً للقانون فهو عمل غير مشروع سواء تم ارتكابه من قبل الخادمة أو رب العمل

الجهات المشاركة في اللجنة ذكرها لنا د."دراجي": «تضم اللجنة الوطنية جهات مختلفة مشكلةً مجموعة من الخبراء من جهات مختلفة "وزارات الداخلية- العدل- الخارجية- التعليم العالي"، وجهات أخرى منها "الهيئة السورية لشؤون الأسرة- الاتحاد النسائي العام"، إضافة إلى مؤسسات ومنظمات معنية بهذا الموضوع، ومهمتها الرئيسية هي إعداد مسودة القانون النهائي، ونحن حاليا قاربنا على إنجاز هذا القانون وتم الاتفاق على كثير من القضايا ومسودة القانون حاليا في مرحلتها النهائية لدى السلطة التنفيذية وسيتم قريبا إحالتها إلى السلطة التشريعية».

د.ابراهيم دراجي

وهل سيغطي القانون الجديد مختلف القضايا الخاصة بمكافحة الإتجار بالأشخاص؟: «القانون الجديد سيركز على موضوع الإتجار بالأشخاص بشكل عام ولن يتناول قضايا الهجرة واستقدام الخادمات الأجنبيات، بمعنى أنه سيتناول صور ومظاهر الاتجار "عمالة الأطفال- الاستغلال الجنسي- تجارة الأعضاء البشرية" وسيكون شاملاً لهذه القضايا بشكل كامل، كما أنه سيكون شاملاً لكل صور الإتجار التي تنشأ مستقبلاً لأننا حاليا في صراع مستمر بين عالم الجريمة المنظمة وعالم القانون كلما أغلقنا باباً يفتح المجرمون أبواباً أخرى، علماً أنه يجري حاليا إعداد قانون خاص بقضايا الهجرة غير المشروعة».

فيما يخص موضوع الخادمات الأجنبيات غالباً ما نجد المجتمع منقسم على نفسه بين معارض لهذه العمالة وبين مطالب بتقديم ضمانات حقيقية للعمالة الوافدة، وهنا علق د."دراجي": «فيما يتعلق بهذه النقطة فلا المجتمع عالم مثالي ولا الخادمات يعيشون في عالم مثالي؟، هناك أشخاص إيجابيون وسلبيون ومن الطبيعي أن نسمع عن تجاوزات من قبل بعض الخادمات وانتهاكات من قبل بعض الأشخاص، من هنا سيركز القانون على طبيعة الفعل الذي تم ارتكابه فإن كان مخالفاً للقانون فهو عمل غير مشروع سواء تم ارتكابه من قبل الخادمة أو رب العمل».

تدرس مادة القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة "دمشق" ما أهمية تطوير المناهج التدريسية لمواكبة المتغيرات التي تطرأ على المجتمع بشكل مستمر؟: «نحن بحاجة إلى نشر الوعي القانوني ليس فيما يتعلق بمسألة الإتجار بالأشخاص فحسب وإنما بالنسبة إلى كثير من الظواهر المستجدة في مجتمعنا، ونعلم أن بعض الكتب الجامعية جامدة إلا أننا نشهد حاليا ثورة تغيير بهذه المناهج وما زلنا بحاجة إلى إعادة النظر بالكتب الجامعية كل فترة من أجل أن نضيف لها بعض الظواهر التي لم تكن موجودة من قبل، بشكل عام الكتاب السوري يكون ممتازاً عند صدوره ونحن بحاجة إلى مواكبة المتغيرات التي تطرأ في المجتمع وهذا يتطلب تغييرات مستمرة».

أما دور الإعلام بمختلف أشكاله في نشر الثقافة القانونية في المجتمع فيرى فيه: «بكل تأكيد للإعلام دور أساسي في نشر الوعي القانوني ضمن المجتمع، وفي الدراسة التي قدمتها استعنت بكافة الأمثلة مما نشر في وسائل الإعلام المختلفة، فالإعلام يلعب دوراً رئيسياً ويساهم في تسليط الضوء على ما يجري ويقدم الحلول والبدائل والمقترحات، إلا أن هناك خطاً رفيعاً في هذه المسألة وذلك حين يتعامل الإعلام مع قضايا تمس الحريات الشخصية من خلال نشر الفضائح المتعلقة بالضحايا وهذا الموضوع يحتاج إلى حذر شديد، وفي بعض الدول هناك دورات خاصة برجال الإعلام للتعاطي مع هذه النوعية من القضايا وذلك لتعلم فضح الفعل دون المساس بالضحية».