كان الشغلَ الشاغل للسوريين في الأيام الأخيرة الماضية الحديثُ عن الليرة السورية والحملات الشعبية التي انتشرت لدعمها، سواء افتراضياً أم واقعياً، وخاصة بعدما قررنا -نحن السوريين الفقراء- تجنبَ الحديث عن العملة التي قلبت موازين حياتنا الاقتصادية في الفترة الأخيرة.

انطلاقُ حملة "ليرتنا عزنا" التي تهدف لدعم الليرة السورية كانت مبادرةً شعبيةً قام بها عددٌ من الناس البسطاء الذين يرون النصف الممتلئ من الكأس دوماً، ويستخدمون الأمل قوتاً لأيامهم العصيبة، ويعتقدون أنّ من واجبهم كمواطنين سوريين محاربة تدني قيمة الليرة السورية مقابل الدولار على عكس التجار الذين تجاهل أغلبهم ما عليهم من واجبات رغم دورهم القادر على تخفيف الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن.

شارك بالحملة أصحاب أعمال على اختلاف اختصاصاتهم من بائعي الخضار والفواكه ومحلات الطعام والألبسة والألعاب، ووصلت العروض المدرجة ضمن الحملة إلى سائقي سيارات الأجرة وصالونات التجميل وعيادات الأسنان وحتى المطاعم والمطربين، إضافةً إلى طرح فكرة لم تتعدَ صفحات "الفيسبوك" تحت شعار (خلي مهرك ليرة)، وذلك كان في مختلف المحافظات السورية غير أنّ الانطلاقة الفعلية وفقاً لصفحات مواقع التواصل كانت من محافظة "حمص".

لاقت الحملة انتقادَ البعضِ بسبب اعتمادها -خاصة في بدايتها- على بيع أي منتج/خدمة بليرة سورية واحدة، حيث من الصعب أن يستفيد من الحملة عدد كبير من الناس بسبب ندرة العملة النقدية المعدنية من فئة الليرة أو حتى الورقية من الفئة ذاتها والتي لم نرها منذ سنين، إلا أنّ بعض المساهمين الجديين بالحملة ممن يرغبون حقاً بتقديم الفائدة لغيرهم، بعيداً عن الدعاية و(البروظة) في بعض الأحيان، تداركوا عقبة الليرة وقدموا عروضاً أكثر منطقية من خلال استبدال طلب الليرة بأيّ قطعة معدنية من العملة السورية أو حسم مبلغ معين من السعر الأساسي.

الفائدةُ الاقتصادية التي من المفترض أنّها غاية الحملة أولاً وأخيراً، منطقياً لم تتحقق، رغم الضجيج الكبير الذي أحدثته الحملة بين الناس سواء سلباً أو إيجاباً، غير أنّ المهم ما تحقق معنوياً بالحالة الإيجابية التي ظهرت بين السوريين، من حبٍّ وتعاونٍ وتبادلِ الخير والتفاؤل والغيرة على بلدهم وعملتهم وبعضهم بعضاً.