عاش كبار السن الفصول الأربعة بظواهرها المتعددة، من برد وحرّ، ورياح وأمطار، وتعود مشاهداتهم إلى آلاف السنين؛ وهذا كوّن لديهم معلومات قائمة على تجارب متكررة، كما هو الحال مع فصل الشتاء بتفاصيل أيامه وأمثاله وقصصه الشيقة، مثل "المربعانية" و"الخمسينية".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 كانون الثاني 2017، "مهند قسوان" المهتم بجمع التراث، الذي تحدث عن "المربعانية والخمسينية" وأقسامهما بالقول: «تبدأ "المربعانية" مع بداية فصل الشتاء 21 كانون الأول، وتستمر إلى 30 كانون الثاني، تعدّ من أكثر أيام السنة برودة وهطولاً للأمطار، وقيل فيها أمثال كثيرة، منها: (بتشرق ما بتغرق، المربعانية يا شمس تحرق يا مطر تغرق، إذا ما عجبكم حالي ببعتلكم خوالي، بكانون كون بيبيتك يا مجنون). أما "خمسينية" الشتاء، فهي تبدأ من أول شباط، وتستمر إلى 22 آذار، مدتها خمسون يوماً، مطرها غزير، رياحها شديدة، وبردها قارس».

السعد الأخير هو "سعد الخبايا"، وفيه تخرج الحيوانات المختبئة من أوكارها كالأفاعي وغيرها، ويقال إن فيه خرج "سعد" من مخبئه فسمي "سعد الخبايا"، وهو يمتد من 10 آذار إلى 22 منه؛ أي بعدها يحل فصل الربيع، وما قيل من أمثال عن "سعد الخبايا" كثير، منها: (اطلعوا يا صبايا، بسعد الخبايا بتطلع العقارب والحيايا، بسعد الخبايا بتشلح الفروة وبتلبس العباية)

ويتابع: «تقسم "الخمسينية" إلى أربعة أقسام، تسمى "السعود"، مدة كل واحد منها اثنا عشر يوماً ونصف اليوم، والأول يسمى "سعد دابح" الذي يمتد من الأول من شباط حتى الثالث عشر منه، وسبب تسميته بذلك تعود إلى قصص ترددت على مسامع الكثيرين، وهي أن شخصاً اسمه "سعد" خرج للغزو مع جماعة، وأثناء ذلك هبت عاصفة شديدة المطر والبرودة، ولم ينجُ منها إلا شخص واحد هو "سعد" الذي يقال إنه ذبح ناقته واختبأ بداخلها لشدة البرد، لذلك سمي "سعد ذابح". ومن الأمثال التي قيلت في ذلك: (سعد الذابح ما خلا ولا كلب نابح)؛ أي إنه من شدة البرد لم يبق ولا كلب في الخارج، وكذلك: (بابها انفتح ولا كلبا نبح، يا نهار مّد ويا برد شّد)».

مهند قسوان

ويضيف: «بعده يأتي "سعد بلع"، وقد سمي بذلك لأن الأرض فيه تبتلع كل مطر الشتاء، ويقال أيضاً إن "سعد الذابح" بدأ بعد اثنا عشر يوماً ونصف اليوم بأكل لحم ناقته التي ذبحها، ومن الأمثال التي قيلت عنه: (سعد بلع طاب الماء وانبلع، بسعد بلع بتنزل النقطة وبتنبلع). ويأتي بعدها "سعد السعود" الذي يبدأ من 26 شباط إلى 10 آذار، وسمي بذلك لأن "سعد" نجا وسمي "سعد السعود"، وفيه تبدأ الحرارة الارتفاع والدفء، وتنتهي بأواخر شباط فترة سبات النبات الذي بدأ امتصاص الغذاء من التربة، وتبدأ مرحلة الربيع حيث تنبت الأوراق وتتفتح الأزهار، ومن الأمثال التي قيلت عن "سعد السعود": (بسعد السعود بعد المسا ما في قعود، بسعد السعود بيدور الدم في العود)».

ولقصة "المستقرضات" حكاية يروي تفاصيلها بالقول: «خلال "سعد السعود" تأتي "المستقرضات" أو الأيام السبعة، وهي التي تمتد من آخر ثلاثة أيام في شباط، وأول أربعة أيام من آذار، كما سميت أيضاً "أيام العجوز"، مطرها غزير، وفيضاناتها كبيرة، ورياحها شديدة، والبرد فيها قارس، ومن الأمثال التي قيلت عنها: (شباط يا ابن عمي ثلاثة منك وأربعة مني، بالمستقرضات عند جارك لا تبات، شباط ما على كلامه رباط، شباط جر العنزة بالرباط)».

هيثم قاسم

ويختتم بالقول: «السعد الأخير هو "سعد الخبايا"، وفيه تخرج الحيوانات المختبئة من أوكارها كالأفاعي وغيرها، ويقال إن فيه خرج "سعد" من مخبئه فسمي "سعد الخبايا"، وهو يمتد من 10 آذار إلى 22 منه؛ أي بعدها يحل فصل الربيع، وما قيل من أمثال عن "سعد الخبايا" كثير، منها: (اطلعوا يا صبايا، بسعد الخبايا بتطلع العقارب والحيايا، بسعد الخبايا بتشلح الفروة وبتلبس العباية)».

ويتابع الموظف "هيثم قاسم" عما يحفظه في ذاكرته من أمثال بالقول: «عاش آباؤنا وأجدادنا خلال السنين الطويلة الماضية أيام الشتاء بكل سعودها ومستقرضاتها، وقد قيل الكثير من الأمثال عن هذه السعود، ولم يقتصر الشتاء على "المربعانية والخمسينية وسعوداتها"، وقد حفظت من جدي أن هناك أياماً يطلق عليها "الحسوم"، وهي ستة أيام تمتد من 11 حتى 16 آذار، وأيضاً هناك الجمرات الثلاث، ويقال سقوط الجمرات الثلاث، الجمرة الأولى تكون في 20 شباط، والثانية في 27 منه، والثالثة في 6 آذار».