من أساسيات التحضيرات المطبخية في كل منزل ضمن مؤونة الشتاء، من خلال تيبيس الكوسا والباذنجان، وتعليقها كقلائد في أحد أركان البيوت الدمشقية، وعلى الرغم من التطور وبيعها مجففة جاهزة في الأسواق، إلا أن طريقة إعدادها مازالت عادة اجتماعية لم يستغنِ عنها الكثيرون.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 آب 2015، "هالة المنعم" (ربة منزل) في القنوات؛ التي حدثتنا عن طريقة تحضيرها لمؤونة الخضار بطريقة التيبيس التي تعلمتها من والدتها، وتقول: «اعتادت ربات المنازل إعداد مؤونة من الباذنجان والكوسا تكفي لفصل الشتاء، وكانت في السابق تتم عن طريق "التيبيس" أي التجفيف قبل وجود "الثلاجة" لحفظها أطول مدة ممكنة، في فصل قد لا توجد فيه وإن وجدت يكون سعرها مرتفعاً، وبقيت معظم النسوة تعتمد تلك الطريقة حتى الآن ضمن عادات متوارثة لا يمكن الاستغناء عنها، وتتم هذه الطريقة على مدى يوم أو يومين ضمن عادات تراثية تجتمع فيها "الحماية" مع "الكناين"، وتقوم بتوزيع المهام عليهن، وبعد الانتهاء من العمل والحصول على الخضار المجففة تشرف "الحماية" على تقسيم تلك المؤونة وتعطي الكمية المناسبة لكل عائلة بحسب عدد الأفراد، بما يكفي لحاجتهم خلال فصل الشتاء كاملاً».

توجد طريقة ثانية لحفظ الخضار عن طريق كبسها ضمن مطربانات مع الماء والملح للحفاظ عليها أطول وقت ممكن، وعند الرغبة في طبخها نقوم بنقعها بالماء وإزالة الملح منها ثم طبخها، وأيضاً لهذه الطريقة روادها الذين اعتادوها سابقاً ومازالوا حتى الآن

وتضيف: «بالنسبة لي أجتمع في نهاية الصيف مع عدد من قريباتي نوزع المهام بيننا، بعد أن نكون قد أحضرنا الكوسا والباذنجان من السوق بكميات تكفي طوال الشتاء، ثم نقوم بتجهيز الأدوات المناسبة للمرحلة الأولى من العمل وهي المحفرة والسكين، يقوم الأطفال الصغار بالمشاركة في هذا العمل من خلال غسل الخضار جيداً، وتقوم الفتيات بقطع الجزء العلوي من كل حبة خضار، ثم نقوم بحفرها وتفريغها من "اللب"، وفي هذه الأثناء نكون قد وضعنا على النار طنجرة فيها ماء وقليل من الملح، وبعد أن يغلي نغمر حبات الكوسا والباذنجان فيها كل نوع على حدة لدقائق حتى لا يتغير لونها.

باذنجان مجفف

نقوم بتصفيتها جيداً ثم نحضر طبقاً كبيراً، ونفرد عليه الحبات ونضعها على السطح لتتعرض لأشعة الشمس جيداً حتى تجف، ونتركها ليومين أو أكثر، وبعد ذلك نحضر خيوطاً قطنية ونقوم بإدخالها من الرأس بواسطة إبرة، ونقوم بجمعها بشكل دائري يشبه القلادة، ونربط نهايته جيداً، ونعلقه بمكان جاف تحت أشعة الشمس ونتركه طوال فصل الشتاء، وعند طبخها نقوم بفك الكمية المطلوبة ووضعها بماء ساخن لتصبح جاهزة لحشوها مباشرة».

تتابع: «الخضار المجففة لا تأخذ حيزاً كبيراً ويكون وزنها خفيفاً على خلاف وضعها بـ"الفريزر"، وهناك ربات منزل يقمن بشراء الخضار من السوق وتفريزها ولا يقمن بتجفيفها في المنزل، لكن ارتفاع أسعارها جعل إعدادها بالمنزل بطريقة التجفيف أوفر وخصوصاً في غياب الكهرباء».

محمود الطحان

أما "محمود الطحان" صاحب محل بيع "خضار مجففة" فيقول: «كانت معظم الأسر سابقاً تعتمد على عملية تجفيف الخضار في المنزل، وهذه الطقوس لم تغب نهائياً إلا أنها قلت إلى حدّ أصبحت تباع مجففة، حيث أقوم بتجفيف الخضار وتعليقها وبيعها بالقطعة، ولخفة وزنها لا يمكننا بيعها بالكيلوغرام، وكان سعر القطعة يتراوح بين 10 و15 ليرة سورية، أما اليوم فأصبحت ما بين 25 و30 ليرة سورية، وهي تلقى إقبالاً من قبل الزبائن وطلباً واضحاً».

يضيف: «توجد طريقة ثانية لحفظ الخضار عن طريق كبسها ضمن مطربانات مع الماء والملح للحفاظ عليها أطول وقت ممكن، وعند الرغبة في طبخها نقوم بنقعها بالماء وإزالة الملح منها ثم طبخها، وأيضاً لهذه الطريقة روادها الذين اعتادوها سابقاً ومازالوا حتى الآن».

الدكتور الكيميائي "عدنان بيازيد" حدثنا عن فوائد الخضار المجففة ويقول: «إن الخضار المجففة مرت بعملية إخراج السوائل منها للمحافظة عليها، وهذا يجعلها لا تتلف، وبسبب تركيز السكر فيها وإضافة الملح بحكم أنهما يعدّان من المواد الحافظة التي تمتص السوائل؛ فهذا يجعل الجراثيم تجف ولا يبقى أي ضرر لها لتصبح صالحة للأكل».