استقطبت الأغاني الوطنية شريحة واسعة من المجتمع السوري ولاسيما فئة الشباب الذين تهافتوا في الأسابيع الماضية على شراء هذه الأغاني، كما أنه من الملاحظ الانتشار الواسع لها في مختلف الأماكن العامة والخاصة "بدمشق"، وبقية المدن والمحافظات، في صورة واضحة تعكس وحدة وتلاحم الشعب السوري خلال هذه الظروف التي تمر على سورية.

ويرى الفنان "أنس أبو قوس": «إن المرحلة التي تمر فيها سورية حساسة للغاية، والشعور الوطني عال جدا لدى أبناء الشعب السوري، وهو معروف بتمسكه بقيمه ومبادئه القومية، وتلمسه اليوم لما تتعرض له سورية من محاولات الاعتداء على اللحمة الوطنية دفعه للتمسك بهويته بشكل أكبر، واعتقد أن انتشار الأغاني الوطنية واحدة من صور التمسك بالهوية والانتماء لهذا الوطن».

الموسيقا مهمة في حياة الناس لأنها تلامس المشاعر بكلمات بسيطة، وتؤثر في حالتهم النفسية وتمنحهم الراحة والطمأنينة، وتبعد عنهم القلق والخوف

وذكر "أبو قوس" متحدثا لموقع eDamascous من "ألمانيا" مساء الأربعاء 4/5/2011: «الشعب السوري يمر حالياً بظروف قاسية تدفعه ليؤكد للعالم تمسكه بحقوقه وجذوره التاريخية، وهو يؤكد بوقفته اليوم أنه لن يفرط بتاريخ أجداده الذين بنوا هذا الوطن، ومن الناحية الفنية فإن الشعب الذي أحب الأغاني التراثية والطرب الأصيل سيحمل في قلبه حبا واحتراما لكل ما هو وطني».

أبو القوس

ومن وجهة نظر فنية أخرى وجد الفنان التشكيلي "مصطفى علي": «أن الأغاني الوطنية جاءت في وقت تمر فيه سورية بظروف صعبة، فشكلت لدى الشارع السوري بمختلف فئاته وشرائحه حالة يجتمعون فيها تحت سقف الوطن الواحد، في صورة تعبر عن التآلف والوحدة الوطنية التي تجمع بين أبناء الشعب».

وعن رأيه فيما يخص الانتشار الواسع والإقبال الكبير على هذه الأغاني قال "علي": «الموسيقا مهمة في حياة الناس لأنها تلامس المشاعر بكلمات بسيطة، وتؤثر في حالتهم النفسية وتمنحهم الراحة والطمأنينة، وتبعد عنهم القلق والخوف».

سورية الله حاميها

من جهته يرى الشاب "محمد حسن" أن: «الأغاني الوطنية حالة تؤكد انتماء الشعب السوري لوطنه ورفضه للفتنة والتخريب، وأعتقد أن إقبال الشباب على هذه الأغاني يعود إلى أنها تمنح شعوراً وطنياً لم يعشه الجيل الحالي بالخوف على أمن الوطن واستقراره، وإحساسه بوجود خطر يتهدد مستقبله ويمس وحدته الوطنية التي لطالما كانت نموذجاً لكل دول العالم».

ولم يقتصر سماع الأغاني الوطنية عبر الإذاعات والمحطات، بل تعدته إلى نغمات الجوال التي وجد أصحابها أن كلمات الأغاني الوطنية تبعث على التفاؤل والأمل بمستقبل أفضل.

الفنان مصطفى علي

ووصف "محمد العبد الله" وهو طالب جامعي شعوره لدى استماعه للأغاني الوطنية بالقول: «قمت بوضع إحدى هذه الأغاني وهي "سورية يا حبيبتي" كنغمة للجوال، وحتى حين لا أتلقى الاتصالات أستمع إليها، فهي ترمز للزمن الجميل ولحب هذا الوطن، وتعطي شعوراً بأن الأزمة التي نعيشها اليوم ستمر بسلام على شعبنا وبلدنا».

ومن الناحية النفسية يرى أستاذ علم النفس "أحمد مفيد" أن: «تعلق الناس بالأغاني الوطنية في هذه الفترة يأتي بصورة رئيسية لشعورهم بالقلق والتوتر الذي يهدد حالة استقرارهم وأمنهم، وتمثل هذه الأغاني بشكل أو بآخر صورة وطنية تدفع أبناء الشعب إلى الالتفاف حولها، نتيجة تراكمات تاريخية ترتبط بمقاومة المشاريع الاستعمارية والتآمرية على هذا البلد».

ويعلل "مفيد" إقبال الشارع السوري على هذه الأغاني بالقول: «الموسيقا يمكنها ملامسة مشاعر الناس، وتصبح الكلمات أكثر قوة وتأثيرا وهو ما يخلق حالة من الانسجام والتالف معها، كما أن هذه الأغاني تشكل عنصراً يجتمع حوله أبناء البلد الواحد في مواجهة خطر يتهدد أمنهم ووحدتهم، وهو أمر مهم في الحالة النفسية التي تبحث عن السكينة والشعور بالأمن الاجتماعي».

وفي هذا السياق قام عدد من الفنانين والمطربين بتسجيل مجموعة من الأغاني الوطنية وإهداءها للشعب السوري، ومنهم الفنان "مصطفى الخاني" الذي أدى أغنية تحت عنوان "قسم الوطن"، والفنانة اللبنانية "مي حريري" تحت عنوان "جنوبية وجاية رد الجميل"، بالإضافة إلى أغاني قدمها مطربون من سورية ولبنان "أيمن زبيب" و"شادي أسود" و"علي الديك" و"ملحم زين" و"إلياس كرم".