ما إن بادرت السيد يوسف موسى المحمد أبو موسى بالسلام عليكم حتى شرب فنجاناً من القهوة المرة ليقدم لي مباشرة فنجاناً آخر ولا أطيب، ولم أكد أنته من شربه حتى قدم لي فنجاناً آخر فشكرته دون أن أنتبه لحركة يدي التي يجب أن أهزها والفنجان بيدي إشارة إلى الاكتفاء والشكر؟!.

في صالون بيته الواسع جداً كان عدد غير قليل من الضيوف والأقارب يتبادلون أطراف الحديث على إيقاعات المهباج مصدرة نغمات لا أحلى ولا أجمل تدغدغ آذان الجالسين والقادمين للمجلس، ولم يمض إلا وقت قصير بعد السلام ومعرفة القصد من الزيارة حتى بدأ السيد أبو موسى يروي لنا كيفية إعداد القهوة المرة يدوياً ليقول: الأدوات الموجودة أمامك من محماسة ومهباج وآلة طبخ ودلة تبهير هي التي أستخدمها لصناعة القهوة المرة وتقديمها للضيوف الكرام.

وبدأ السيد يوسف يسرد لنا بود ومحبة آلية تحضير القهوة المرة يدوياً بقوله أستمتع غاية المتعة في تحضير القهوة، حيث أقوم بإشعال النار وإن كانت اليوم على بابور الغاز بدلاً من الحطب ثم أضع المحماسة عليه وأضع القهوة وأقوم بتحريكها جيداً بحيث تظل حبات البن دائمة الحركة كي لا تحترق وأستمر في التحريك حتى تصبح القهوة شقراء أو سمراء حسب الرغبة ومن ثم أضعها مباشرة في المبرادة لبضع دقائق حتى تبرد وبعد ذلك أضعها في المهباج وأطحنها من خلال الدق عليها بقطعة خشبية فيصدر صوت إيقاعات أظنك سمعتها وأحاول دائماً أن تكون هذه الإيقاعات ذات نغمات جميلة تطرب لها أذن الضيف الموجود في المضافة، وما أن أنتهي من هذه العملية حتى أضع الكمية المناسبة من البن المطحون على مقدار من الماء المغلي في دلة الطبخ وأتركها تغلي بهدوء، وفي هذه الأثناء أقوم بطحن حبات الهال في المهباج ذاته وأضعه في دلة فارغة (( المبهارة)) القهوة المغلية في دلة المبهارة على الهال فقط وأضعها على النار لبرهة حتى تغلي قليلاً وبعد ذلك أنزلها عن النار لتهدأ حوالي نصف ساعة ونبدأ بصب القهوة للضيوف وصحتين وعافية.

بقي أن نشير أن القهوة العربية تقدم في كل المناسبات وبدون مناسبة ويعتبر الاعتذار عن شربها في بيت المضيف غير مقبول اجتماعياً وتقتضي العادات أنه كلما دخل ضيف جديد على المجلس تدور فناجين القهوة من جديد على جميع الجالسين ولا يجوز أن يغادر أحدهم المجلس والفناجين تدور وإنما عليه الانتظار حتى تستقر الفناجين في مكانها.