أمي... يا مصدر الحنان والرعاية والعطاء، أمي... يا أيها الملاك المجهول الذي يسهر الليالي، ليرعي ضعفنـا ويمرض علتنـا، أمي.. يا مرشـد إلى طريق الإيمان والهدوء النفسي أنت الأرض الذي يحتوينا ليزرع فينا بذور الأمن والطمأنينة، فأنت البلسـم الشافـي لجروحنـا والمخفف لآلامنا.

ولن تكفيني صفحات لا أحصي وصف الأم وما تستحقه من بر وتكريم وعطاء وامتنانا لما تفعله في كل لحظة على حد قول الشاعر نزار قباني، ولكن أريد في حصرها في عبارة واحدة "هي الحياة بكـل صـورها ومعانيـها"

لابد من انك تحتفظ بذاكرتك بيوم 21 آذار لأنه مم لا شك فيه أن أفضل يوم في السنة وذلك لأنه مناسبة فريدة ورائعة لتكريم اعز إنسان إليك... أمك، (eSyria) تجولت في الأسواق عن هذا اليوم وكان لنا وقفة مع السيدة رولا قنطار التي كانت تشتري هدية لامها، حيث قالت: "الدعوة للاحتفال بعيد الأم يلاعب الوتر الحساس في النفس وذلك لأنها تلك المرأة التي احتضنتك في جسدها قرابة العام ورعتك طوال أيام حياتك إنها الفرصة اليوم لكي تكرمها أو ترد لها جزء ضئيل من الدين الذي تدين لها به". أما ياسر معراوي أكد أن يوم الاحتفال بعيد الأم هو محاولة بسيطة لكي نعيد للأم اعتبارها وفضلها علينا وكذلك محاولة لأن نحيي في داخلها شعور الوفاء والإخلاص تجاهها، مشيرا إلى أن كل الأديان السماوية حضت على إكرامها و تجليلها. بينما علي الإمام بائع في أحد المحلات قال: "عيد إلام يذكرك بالشخص الذي ربما تكون نسيته أو تناسيته مع انشغالك في خضم الحياة".

ولقد أهتم القرآن الكريم بالأم اهتمام خاصا، وقد أمـر الله سبحانه وتعالى ببرها وحرم عقوقها، وأكد جلا جلاله أن رضاه برضاها، كما أمر جلا جلاله بحسن صحبتها ومعاملتها بالحسنى ردا للجميل وعرفانا بالفضل لصاحبه. كما حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالوصية من خلال حديثه الشريف (أتى رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي، قال (ص): أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أبوك).

إلام ترجمت قصص عظيمة خلال تاريخها

بالرغم من اختلاف عيد إلام في تاريخه وعاداته وتقاليده من بلد لأخرى في كافة أنحاء العالم إلا أنه هناك اتفاق عالمي للاحتفال به حسب المصادر التاريخية. ففي كتاب (إلام في أنحاء العالم) للدكتور عبد الغفور العاصي الذي تحدث فيه عن تكريم الأمهات منذ آلاف السنين، وكيف أن عيد إلام بدأ مع بداية الأساطير من خلال إله وإلهة قاما بتحريك قرص الشمس في السماء. ومن أشهر الأساطير التي تناولها الكتاب، تلك الأسطورة التي حاكها شعب فريجيا (آسيا الصغرى). حيث كانوا يعتقدون أن أهم إلهة لهم هي(Cybele) ابنة السماء والأرض وهي أم لكل الآلهة الأخرى، ويقوم شعب فريجيا كل عام بتكريمها.

أما اليونانيون فقد كانت الإلهة الأم هي (Rhea) لأنها كانت أقواهم وكانوا يحتفلون بها ويقدسونها. ومع ظهور الرومانيون، الذين كان لهم أم لكل الآلهة تسمى باسم - ماغنا ماتر(Magna Mater) أو الأم العظيمـة وكان الاحتفال بها يوم 15 آذار من كل عام ولمدة ثلاثة أيام. وكان يطلق عليه مهرجان هيلاريا “Festival Of Hilaria". وبمجيء المسيحية أصبح الاحتفال يقام علي شرف الكنيسة الأم Mother” Church ". ويعتقد الدكتور أيضا أن عيد الأم بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع وهي مهداة إلى الإله الأم (ريا) زوجة (كرونس).

من الفراعنة إلى كل الوطن العربي

وفي كتاب (يوم إلام) للكاتب المصري سعد الألفي بين فيه كيف بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم داخل الوطن العربي، والتي بدأت من مصر على اقتراح من الأخوين مصطفى وعلي أمين مؤسسي دار أخبار اليوم الصحفية فقد وردت إلى علي أمين رسالة من أم تشكو جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها وتصادف أن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه وحكت له قصتها وكيف توفي زوجها وأولادها صغار وكرست نفسها لتربيتهم ثم كافؤوها بالنكران والقطيعة فكتب مصطفى وعلي أمين في عمودها الشهير (نكرة) يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها مشيرين إلى أن الغرب يفعل ذلك وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم فانهالت الخطابات المشجعة للفكرة واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يوماً واحداً وشارك القراء في اختيار 21 آذار ليكون عيداً للأم وهو أول أيام فصل الربيع ليكون رمزاً للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة واحتفلت مصر بهذا اليوم ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية، ومنها إلى سورية.

إذا لازال الاحتفال بعيد الأم قائما إلى يومنا هذا وذلك لأن الأم هـي اشـراقة النـور في الحياة، ونبـع الحنـان المتجسد في صورة انسـان.