لم أكن أعرف هل كانوا سعداء أم لا، لكنهم أصروا على متابعة معرضهم الذي بذلوا الكثير في سبيل إنجاحه، واكتفوا بالإحساس بما عملوا مستخدمين البصيرة أداة للرؤية بدلا من البصر

فأبدعوا مصنوعات يدوية من الخزف والنول والخيزران تفوق في دقتها أي مشغولة أخرى صنعها شخص قادر على الرؤيا، حتى أنهم شاركوا أيضا بالحفل المرافق لمعرضهم الذي أقيم في المركز الثقافي بكفرسوسة بتنظيم من شركة الشمس للدراسات التسويقية بالتعاون والرعاية من مزود خدمة الانترنيت سوا، بحضور إعلامي لم نعتده، إضافة لحضور شعبي ملأ مقاعد المركز الذي لم يمتلئ منذ زمن.

وحول مشاركته بالمعرض تحدث الطفل فتحي عبد الزارق" أنا أري الموجودين كيف أصنع حمالة هاتف بكل أطوارها، وأنا أتابع دراستي العادية إضافة للدوام بالمعهد المهني الذي علمني التريكو وصناعة الخيزران والنول والخرز، ولقد منحني تواصل مع الأطفال البقية، وأنا أطمح أن أدّرس في المعهد الذي علمني هذه الأشياء، وأنا لا أحس أني مختلف عن البقية بل سعيد لأني موجود هنا أعمل ما أشاء وما أحب.

فتحي يصنع حمالة هاتف

وفي شرح عن آلية وجود الأطفال بالمعهد وما يتعلموه فيه قالت المتطوعة عهد الحاج يوسف :" المعهد المهني للمكفوفين هو عبارة عن مدرسة تعلم الطلاب حتى البكالورية يضم الذين لم يستطيعوا أن يكملوا دراستهم أو التحقوا بالمدرسة متأخرا وهكذا، ويتولى القسم المهني مهمة تعليمهم الأشغال اليدوية، والمعهد يشارك بعدة معرض أبرزها معرض دمشق الدولي، وهذه المنتجات يعود بيعها إلى المعهد مع مكافئات للطلاب المتميزين، وهناك قسمين داخلي وخارجي للطلاب من كافة المحافظات، ومن الضروري أن تشارك الفعاليات الاقتصادية بمثل هذه الفعاليات للفت النظر لهؤلاء الأشخاص الغير عاديين.

أما الطالبة يسرا فحكت قصة وجودها بالمعهد منذ أربع سنين واتجاهها إلى العمل المهني الذي لم تكن تعرف عنه شيئا، وبعد فترة أحبت شغل التريكو والخيزران لأنها تخرج منتجات يمكن أن يستفيد منها الغير.

أحمد

وقالت يسرا: أشكر الله أني وجدت هذا المعهد الذي أبعدني عن الملل والجلوس دون عمل، كما أني شاكرة لمن أعد لهذا المعرض حتى لا يبقى ما نعمله في الظلام، فضلا أني استمتعت بسماع أصوات الأطفال وهم يشاركون بلعبة شد الحبل والأغنية التي قدموها أثناء الحفلة والتي تعبر أن لا فرق بين مكفوف وأخر سليم وكلنا يمكن أن نتواجد سوية في مكان واحد ونشارك بنشاط واحد.

وعلى يمين يسرا جلست صديقتها أمل التي أحبت أيضا الشغل بالنول لصنع السجاد، وقالت أنه تمضي ساعات وساعات مع يسرا في صنع السجاد والخيزران، مبينة أنها شاركت بالعديد من المعارض وحصلت على عدة مكافئات نتيجة لأعمالها الجميلة.

لعبة شد الحبل والفائز هم البنات

وعبر الطفل أحمد عن سعادته لوجوده مع يسرا وأمل وبقية الأطفال المكفوفين الذين لم يكن يعرف عن وجودهم، ولكنه لعب سوية معهم ورسموا على وجوهم النجوم و(سبيادر مان)، وقال أحمد أيضا" رأيت الأعمال التي ينتجونها وأريد منهم أن يعلموني كيف أصنع عقدا لأهديه لأمي، والحفلة كانت رائعة والأغنية التي قدمت فيها كانت جميلة ولقد غنيناها سوية".

وهن هدف هذا المعرض والحفلة قال أيمن سيجري (شركة شمس للدراسات التسويقية ): الهدف من الحدث تسليط الضوء على هذه الشريحة من الأشخاص التي غفل عنها الكثيرون من الشارع السوري، ولقد زرتهم ورأيت أهمية ما يصنعون وما يمكن أن يقدمونه للمجتمع السوري ، ولم أكتفي بدعوة هؤلاء الأطفال بل دعوت شريحة واسعة من مدراس الأيتام التابعة للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين وهي حالة دمج مثالية كل من الطرفين يحس بالأخر ويتعلم منه، فضلا عن وجود شريحة كبيرة من المجتمع الأهلي، وأتمنى أن يكون لكل فعالية اقتصادية مجالها الذي تعمل عليه دون الحاجة الدائمة لدعوتهم، وأن ترتقي بالحدث لأعلى المستويات.

وبين المهندس حسام نشواتي (مدير تسويق شركة سوا) أن هذا الحدث الذي يتواجدون فيه الآن ليس الهدف منه تسويقي ولا رعاية بل دعم أعمال هؤلاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من مكفوفين وأيتام، و يهمهم كثيرا أن يظهروهم للمجتمع كعناصر منتجة وفعالة، ورأوا أن يكون هناك حفل لترفيه هؤلاء الأطفال ولكن كان هناك صعوبة كيف يمكن أن يستمتع كلا الطرفين الأيتام والمكفوفين ففضلوا أن يكون هناك أغاني وألعاب تناسبهم وفي النهاية الهدف الأسمى هو سعادتهم.

وقال المخرج ممدوح الأطرش" أن هذا الجو الاحتفالي الذي يشعرنا بفرحة الحياة والأمل بهذه المجموعة الكبيرة من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتمسكون بالحياة ويعوضون على ما حرمهم الله، ومع الشكر لكل للهيئات الخاصة التي رعت هذا الاحتفال أقول أين المنظمات الحكومية وأطالب بعطاء أكثر لهؤلاء وان يكون هناك احتفالات على مدار السنة تغطي كافة الشرائح ، والجمع بين كلتا الشريحتين يعطي المعنى الفلسفي للوجود ودرس يعطيه الطفل المكفوف للمعافى، وينظر المعافى إلى هذه الحياة كم هي قيمة وصعبة.