لم يكن الفنان الراحل "نذير سرحان" ممثلاً عادياً، ولم يؤدِ طيلة مسيرته دوراً عادياً حتى في الشخصيات الثانوية التي لعبها، وقدم مختلف الشخصيات "الفلاح، المتمدن، الجندي، الأستاذ، التاجر" وأجادها كلها دون استثناء.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 شباط 2020 "عيسى الضاهر" وهو كاتب ومعد برامج في مكتبه بمبنى الإذاعة والتلفزيون، وبدأ حديثه عن "سرحان" قائلاً: «شقّ الفنان "نذير سرحان" طريقه بصعوبة مثل أغلب فناني جيله، بسبب رفض الأهل والمجتمع للفن، بدأت انطلاقته مع الفنانين "عباس النوري" و"علي كريّم" من خلال "مسرح الضوء"، حيث شارك بالعديد من العروض المسرحية على الخشبات الخاصة والمسرح الجامعي، واستفاد "سرحان" من هذه التجربة لينمي قدراته الصوتية والجسمانية، وصقّل وقفته على المسرح ليحقق الجمال والأداء المثالي، وبدأ يلامس لا شعورياً عواطف أصيلة في أعماق ذاته ولحظات إلهام في تمثيله، وهذه الأشياء هي التي تؤسس الممثل الناجح، ومن هنا جذب أنظار المخرجين المسرحيين المتميزين منهم الكبير "فواز الساجر"، وشاركه بعضاً من عروضه، منها بطولة مسرحية "رسول من قرية تميرة" شاركه العمل كل من "عباس النوري، سلوم حداد، رشيد عساف، بسام كوسا، فيلدا سمّور، ونادين خوري"».

استطاع "نذير سرحان" خلال الشخصيات التي لعبها التقاط الشارع السوري بتفاصيله الحياتية ونقلها في أدواره إلى الشاشة الصغيرة وخشبة المسرح والسينما بواقعية لامست عمق المتلقي، غير ذلك بدا مميزاً بمرونته في التعاطي مع الآخرين وصدقه تجاه زملائه وخير دليل على ذلك هو بقاؤه من بداياته وحتى آخر عمل له مع بعض الأشخاص ومنهم الفنان "عباس النوري"، وبهذا الشكل كان تعامله مع كلّ من حوله، محبوب من قبل جيرانه وأهله وناسه

وأضاف: «لم يعمل "سرحان" في "مسرح الضوء" ممثلاً فحسب، بل مؤلفاً أيضاً، ومن المسرح انتقل إلى الدراما، ومن الأعمال التي كتبها ولعب البطولة فيها مسلسل بعنوان "يوميات مرحة"، شاركه كبار الفنانين السوريين، واعتبر العمل من أهم الأعمال الكوميدية اللطيفة ضمن إطار اجتماعي حيث طرح فيه العديد من المواضيع بأسلوب سلس قريب من الناس، وفيما بعد لعب دوراً صعباً في مسلسل "الخشخاش" مع المخرج "بسام الملا" بشخصية "حسن" وأجاد دور المدمن بتكنيك عالٍ، وخاصة المشاهد التي يظهر فيها لوحده فيتحول المشهد وكأنه مونودراما مسرحية، وفي مسلسل "الدروب القصيرة" للمخرج "هاني الروماني" حيث يتناول العمل المشاكل الزوجية خلال مجموعة من المواقف، بسبب شعور الزوجات بالإهمال والاستغلال من قبل أزواجهن، حيث يناقش القضية خلال أجيال مختلفة تواجه المشاكل نفسها، يجسد "سرحان" دور "أحمد" الشاب الذي يعمل في أحد معامل النسيج، متفانٍ بمهنته وخير مثال للشخص الناجح ويقف دائماً مع زملائه بوجه صاحب المنشأة الذي يحاول استغلال العمال ولكن "أحمد" بالمرصاد دائماً، كما قدم شخصية مهمة في مسلسل "أبو كامل" وقدم خلالها أجمل أدواره واستطاع إيصال التفاصيل الكبيرة والصغيرة في البيئة الشامية، وحقق النجاح ذاته بدور مختلف تماماً في المسلسل البدوي "غدر الزمان" للمخرج "سالم الكردي" وظهر متمكناً من اللهجة وأدائه البارع، وكأنه يتحدث لهجته الأم الشامية».

من مسلسل "أبو كامل"

"عادل نبي"، صحفي ومتابع للفن السوري، قال: «استطاع "نذير سرحان" خلال الشخصيات التي لعبها التقاط الشارع السوري بتفاصيله الحياتية ونقلها في أدواره إلى الشاشة الصغيرة وخشبة المسرح والسينما بواقعية لامست عمق المتلقي، غير ذلك بدا مميزاً بمرونته في التعاطي مع الآخرين وصدقه تجاه زملائه وخير دليل على ذلك هو بقاؤه من بداياته وحتى آخر عمل له مع بعض الأشخاص ومنهم الفنان "عباس النوري"، وبهذا الشكل كان تعامله مع كلّ من حوله، محبوب من قبل جيرانه وأهله وناسه».

يشار إلى أنّ الراحل "نذير سرحان" مؤلف مسرحي وممثل من مواليد عام 1950 "باب توما- دمشق"، توفي بـ"دمشق" عن عمر ناهز 43 عاماً أي عام 1993 قضى نصف عمره في خدمة الفن السوري ومن أعماله أيضاً "البيادر، سمر، لك ياشام، الوسيط"، وعمل في السينما أيضاً ومن مشاركاته فيلم "حب للحياة" إلى جانب "منى واصف، عباس النوري، وسمر سامي".

مشهد يجمعه مع فاديا خطاب
مع عباس النوري