تمتع الراحل الدكتور "خالد الطبجي" بشخصيّةٍ قياديّةٍ وشجاعةٍ باتخاذ القرارات، وخبرةٍ في إدارة الأمور وحلّ المصاعب وقول الحق، وكان لديه من الحماس والتفاني لإنجاز الكثير، فتمتع بثقافةٍ عاليةٍ واطلاعٍ واسع، وحاز على احترام وتقدير كلّ من عرفه وعمل معه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 19 تشرين الثاني 2019 التقت مع "محمد الطبجي" شقيق الراحل الدكتور "خالد الطبجي" وعضو مجلس إدارة منظمة "الهلال الأحمر"، ونادي "النبك" الرياضي الذي تحدث عن أخيه قائلاً: «وُلد الدكتور "خالد" في مدينة "النبك" عام 1960، وحصل على شهادة الثانوية العامة فيها، ثمّ سافر إلى "بلغاريا" ودرس في أكاديمية الطبّ ونال شهادة البكالوريوس في الطبّ البشري والجراحة 1987، وبعد إنهاء دراسته عاد إلى "سورية"، وعمل كطبيب متدرب بمشفى "القلمون"، ثمّ سافر إلى "ليبيا" عام 1989، وعمل بمشفى "2 مارس" المركزي، وجامعة "سبها" الطبية، نال فيها شهادة الاختصاص بالأمراض الباطنية حتى 1993، ثم عاد إلى "سورية" والتحق بالخدمة الإلزامية، بعد تأديتها فتح عيادته الخاصة في "دمشق"، ثم عاد لمشفى "القلمون"، وعمل كطبيب مقيم بقسم الداخلية، وكان مديراً لها لحوالي عام، واستمر عمله في الطب لعام 2010، إلى أن أصبح مديراً لشعبة "الهلال الأحمر" بمنطقة "النبك"، حيث كانت لديه مسؤوليات كبيرة إلى جانب ممارسته للطب».

في بداية الأزمة بدأ اهتمام المنظمات بالأماكن التي يأتيها وافدون من المناطق المجاورة، أصبحت المسؤولية والجهد أكبر لمساعدة الذين لجؤوا للمدينة، وقد كانوا بحدود 150 ألف نسمة، حيث استطاع الدكتور "خالد" توفير المسكن والمعونات اللازمة لعدد كبير منهم، وحتى أنه في أحد المرات عند انقطاع الخبز عن أهل المدينة قام بإرسال أحد أفراد عائلته إلى "دمشق" لإحضار كميات من الخبز للاجئين وأهل المدينة. لقد كان رجلاً بالمعنى الحقيقي ولا يتكرر، ويعمل من قلبه، ويفهم الأمور كما هي، ولا يتأثر بمعلومة من أحد إلا إذا تأكد من صحتها وحللها بالمنطق

وتابع عن عمله في السنوات الأخيرة: «أثناء الأزمة أصبح عضوَ مجلس مصالحة في مدينة "النبك"، وعضواً في لجنة الإغاثة، ومنسقاً للمركز الطبي بمشروع الدعم الإنساني عام 2012، ومنسقاً للنقطة بمشروع الدعم الإنساني عام 2014.

أثناء زيارته مع أعضاء الهلال الأحمر لمشفى القلمون

وقد كان مسؤولاً عن الإغاثة، وأصيب أكثر من مرة أثناء خروجه لإسعاف المصابين، وتحمّل مسؤولية اللاجئين الذين قدموا إلى "النبك" من المدن المجاورة، ووفّر لهم الملاجئ والسكن الملائم، واستقبل عدة وفود أجنبية وتعامل معها بكل حنكة، فقد كان يتكلم الإنكليزية والروسية والبلغارية والعربية.

وفي تلك الفترة كان ملجأً لكلّ أبناء مدينة "النبك"، ويحاول حلّ مشاكلهم في منظمة "الهلال الأحمر" قدر المستطاع».

إحدى جولاته أثناء عمله في حفظ التراث

وتابع عن هوايته الأدبية: «كان الراحل أديباً وشاعراً وكاتباً وباحثاً اجتماعياً وتاريخياً، وله عدة أبحاث ومسرحيات وقصائد، وكتب كتابين عن "النبك" ومنطقة "القلمون" بحاضرها وتاريخها وتراثها وعاداتها، وحمل الأول عنوان "القطوف الدانية في رحاب النبك الزاهية" وهو متداول منذ عام 2009، وكتاب "مرايا التراث" وهو قيد الطباعة في وزارة الثقافة، وله أيضاً مؤلفات كثيرة في الشعر والأدب والنثر، وكتب القصص القصيرة والمسلسلات، وأيضاً ساهم بتأسيس المتحف في "النبك" وجمع له الكثير من المقتنيات التاريخية من أهل المدينة، وكان عضواً في لجنة السجل الوطني لحفظ التراث عن "ريف دمشق"».

"صالح الأبرص" عضو مجلس إدارة جمعية "السنونو" السكنية في "النبك"، تحدث عن الدكتور "خالد" قائلاً: «تم تأسيس الجمعية على يد الدكتور "خالد"، أما معرفتي به فكانت عام 1973، فقد كنا في الصف نفسه بالمدرسة، وكنا نلتقي يومياً لساعات طويلة، وكانت تربطني به علاقة صداقة قوية، وعندما قرر الاستقرار في "سورية" كان طموحه أكبر من قضاء حياته في عيادة خاصة.

عام 2006 كان يتردد علينا والدكتور "مصطفى التلا" واقترحنا فكرة العمل في المركز الثقافي بالمدينة، وكانت الفكرة الأولى للدكتور "خالد" هي أمسية للمسابقات، وعندما وجدنا إقبالاً من الناس اقترحنا جمع عدد من الطلاب من الثانوية العامة لعمل ندوة حوارية تخص الشباب، ثم بدأنا بالمسرح، ومثلنا عدة مسرحيات قصيرة كان يكتبها ويشرف عليها بنفسه، وكنت بفترة من الممثلين على المسرح، وكان الغرض منها تنشيط المركز الثقافي ونشر رسالة تهم أهالي المنطقة في تلك الفترة، وأغلبها كان بصورة عفوية وبعضها من غير نص مكتوب، وقد كان الحضور يملأ المركز.

في 2010 عندما أصبح رئيس شعبة "الهلال الأحمر" في مدينة "النبك"، نهضت الشعبة في أيامه بشكل كبير، وتميز بالجرأة لكن بشكل محسوب وعقلاني».

وتابع قائلاً: «في بداية الأزمة بدأ اهتمام المنظمات بالأماكن التي يأتيها وافدون من المناطق المجاورة، أصبحت المسؤولية والجهد أكبر لمساعدة الذين لجؤوا للمدينة، وقد كانوا بحدود 150 ألف نسمة، حيث استطاع الدكتور "خالد" توفير المسكن والمعونات اللازمة لعدد كبير منهم، وحتى أنه في أحد المرات عند انقطاع الخبز عن أهل المدينة قام بإرسال أحد أفراد عائلته إلى "دمشق" لإحضار كميات من الخبز للاجئين وأهل المدينة.

لقد كان رجلاً بالمعنى الحقيقي ولا يتكرر، ويعمل من قلبه، ويفهم الأمور كما هي، ولا يتأثر بمعلومة من أحد إلا إذا تأكد من صحتها وحللها بالمنطق».

الجدير بالذكر أنّ الدكتور "خالد أحمد الطبجي" عمل منذ عام 2002 وحتى وفاته بالتأليف والكتابة، وحصل على شهادة تقدير من مديرية ثقافة "ريف دمشق" لجهوده في مجال حفظ التراث وتوثيقه، وتوفي في 24 كانون الثاني عام 2015، تاركاً خلفه إرثاً لا يمحى.