تبلورت إبداعاته بعد سنين طويلة من البحث والدراسة والتدريس.. "أحمد يازجي" رسام ومصمم غرافيكي، دكتور مدرس في قسم الاتصالات البصرية بكلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"، ومدرس بالجامعة الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا بـ"دمشق"، أقام أكثر من /10/ معارض داخل وخارج القطر.

موقع "eSyria" بتاريخ 20/5/2009 التقى بالدكتور "أحمد يازجي"، وبداية حواره معنا كانت عن أولى خطواته بعالم الفن: «تربيت ضمن عائلة مصورين فوتوغرافيين بـ"دمشق"، ومنذ أن كان عمري حوالي الأربع سنوات بدأت اهتماماتي بالفن، بعد انتهائي من الدراسة الثانوية توجهت إلى الدراسة في كلية "الفنون الجميلة" حيث كانت رغبتي تتأرجح بين أن أختص "غرافيك" أو "تصوير"، اخترت أن أختص بقسم الاتصالات البصرية "غرافيك" لكن اهتماماتي بالرسم لم تتغير بل حافظت عليها وعملت على تطوير خطي».

أثناء دراستي في السنة الأولى عام 1978-1979 عملت في جريدتين، كانت الفكرة بأن أكون مخرجاً للجريدة إلا أن أصحاب العمل وضعوني في قسم الطباعة مع الحبر والألوان، ثم نقلوني إلى قسم المونتاج وفي النهاية عملت كمخرج واستمريت بهذا العمل حوالي أربع سنوات

يتابع "يازجي" متطرقاً إلى بعض التفاصيل التي عادت به إلى ثلاثة عقود مضت: «أثناء دراستي في السنة الأولى عام 1978-1979 عملت في جريدتين، كانت الفكرة بأن أكون مخرجاً للجريدة إلا أن أصحاب العمل وضعوني في قسم الطباعة مع الحبر والألوان، ثم نقلوني إلى قسم المونتاج وفي النهاية عملت كمخرج واستمريت بهذا العمل حوالي أربع سنوات».

من أعماله بالاكريليك

وهنا يخبرنا الدكتور "يازجي" عن دراسته في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في "باريس" 1989: «سافرت إلى فرنسا واختصيت في مجال التصميم، وحافظت على سيري ضمن خطين؛ التصوير الزيتي والغرافيك كل فترة دراستي، وبالرغم من إن اختصاصي في مجال التصميم إلا أن معارضي هناك كانت بمجال التصوير "fine art"، بعد أن عدت من "فرنسا" تعينت في الجامعة وأيضاً كانت أكثر معارضي بالتصوير، بالإضافة لعملي في مجال التصميم للمجلات».

يسّخر "يازجي" مطلق إحساسه وطاقاته للفن بتحدٍ واضح لذاته: «عشت من بداية دراستي في كلية "الفنون الجميلة" وإلى الآن في عالمين هما الغرافيك والتصوير الزيتي، ومن الصعوبة التعايش في هذين الجوين بنفس الوقت فهذا التناقض متعب بالنسبة لي حيث إني أعيش في عالم التصوير وعندما انتقل لرسم لوحة غرافيك عليّ التنفس من هواء مختلف، ولم أرغب أو أستطع يوماً الاستقرار في إحدى هذين العالمين كما يقرر معظم الفنانين».

الدكتور أحمد يازجي مع ابنه

"أحمد يازجي" مائي وجسد، هكذا بات التكامل بين اسمه ولقبه: «بدأت بمعالجة موضوع الجسد من أيام إقامتي في "فرنسا"، حيث كانت دراسة تفاصيل الجسد متاحة أثناء دراستنا، وعالجت هذا الموضوع بأساليب مختلفة "الغرافيك"، "التصوير"، "التبسيط"، "الخط"، أما عن استخدامي للألوان المائية فكانت بشفافيات متباينة وفي إحدى الفترات اقتربت كل ألواني إلى الأبيض بفهمهما أكاديمياً والحفاظ على صفات اللون».

يتابع "يازجي": «بعد عودتي إلى سورية تكونت عندي نظرة جديدة للجسد فبدأت أبسط وأختصر بعض التفاصيل لمدة تتراوح إلى العشر سنوات، إلا أن بدأت تضيع ملامح الجسد فأصبحت لوحاتي أنثى بدون تفاصيل، ثم انتقلت لاستخدام الفحم الذي أخذ من عملي جزءاً كبيراً حيث استمريت لحوالي الخمس سنوات أعمل فقط بالفحم، وفي بعض الأحيان كنت أعمل بالزيتي وأدخلته على الفحم، أما من خمس سنوات وإلى الآن أعمل بالاكريليك».

من أعماله

درّس الدكتور "يازجي" بجامعة "عمان" الأهلية قسم التصميم الغرافيكي 2002-2007، الأمر الذي أبعده عن إقامة معارض في سورية خلال هذه السنوات، أما مؤخراً فقد كان افتتاح معرضه في صالة "الشعب" بدمشق 17/5/2009: «لم أقم معارض في "دمشق" من عام 2001 بسبب إقامتي في "الأردن" لذلك عندي عدد هائل من الأعمال، من حوالي الثلاث سنوات بدأت بالتحضير لمعرضي الأخير وهو مختلف عن كل ما قدمته سابقاً، وفي الأسبوع الأخير من التحضير ظهرت عندي نتائج جديدة لكن لم أتمكن من عرضها لأنها مختلفة عن باقي الأعمال، حاولت أن أؤجل المعرض لشهر آخر ثم قررت أن أعرض أعمال هذه الفترة في وقتها، ولاحقاً في بداية العام الجديد سيكون عندي معرض آخر يتضمن أعمال تجسد مرحلة جديدة».

حب عميق ومسؤولية كبيرة حملهما "يازجي" في قلبه ليمتلك القدرة على الاستمرار بخطين "الغرافيك" و"التصوير": «أنا عندي حب للاثنين كما قررت أن أحمل همّ التفريق بين الاختصاصين حيث يتوه الكثيرون عن ذلك بسبب تقاربهما أحياناً بشكل مربك إلا أن ذلك لا يلغي ضرورة التمييز بينهما، فهذه قضيتي وهمّي من عام 1983 التي شغل فكري البحث فيها من أيام دراستي في "فرنسا" فأحياناً تكون اللوحة غير واضحة ويصعب التحديد إلى أين تنتمي حتى من قبل المختصين فيرون أن الاختصاصيين من الفنون وكلاهما رسم إلا أن هذا خطأ كبير وإطلاقاً هما غير متشابهين، لذلك طالما شغلني هذا الموضوع واهتممت به من خلال أعمالي وتدريسي وكتاباتي، ومشيت في الخطين وقد امتلكت في السنوات الأخيرة حلولاً تملكني القدرة على تحديد اللوحة بدقة، وأتحمل مسؤولية كلامي بشكل مطلق».

يحمل "يازجي" هموم الفن معه خلال يومه بتلقائية وصدق الفنان الملتزم: «كما يشغلني موضوع التقنيات حيث كل نوع ورق يعطي إحساساً مختلفاً للوحة وهذه القضية تبلورت عندي بعد عودتي للكلية وتدريسي لمواد التقنيات فبدأت بدراسة كل نوع ورق وقلم حيث تتجسد فكرة الفنان من خلال طريقة عمله، وهذه هي ثقافة الفنان وطريقة تفكيره ليس كما يظن البعض بأن اللوحة تحمل فلسفة ودلالات اجتماعية فهذه المفاهيم خاصة بالمتلقي، أما الفنان ففلسفته تكمن باختياره لقلمه وخطه، هذه التقنيات هي ثقافة هامة جداً وعدم امتلاكها يعني أن كل من خط شيئاً بقلمه كان فناناً».

يوجد توحد دائم بين شخصية الفنان وأعماله، و"يازجي" عمل بشفافيات المائي بدرجات مختلفة من ثم انتقل إلى الفحم هذه المادة البعيدة والمختلفة عن المائي: «كانت نقلتي بالصدفة في مرحلة كان المائي طاغياً على كل أعمالي فأثناء عملي بالمائي أكون بحاجة لهدوء شديد كما اللون، وكنت أعيش بحالة تنقلني إلى داخل اللوحة، وبالتأكيد هناك ما دفعني للعمل بالفحم، وبدرجات مختلفة من قسوة الخط وشفافيته، قد يكون هاجسي بمعرفة تفاصيل كل مادة، بالإضافة لتأثير الطلاب عليّ، لأني عند نقلي لمعلومة إليهم يتوجب أن أكون متأكداً من دقتها».

الدكتور "أحمد يازجي" خلال سنوات تدريسه لطلاب كلية الفنون الجميلة كوّن رأيه ونظرته بطلابه ليكون نهاية لقائنا به كلمات تنقل حصيلة إيمانه بهم، ونبل الفنان حين يكون كريماً بخبرته: «لدينا طلاب متميزون جداً أرى أنهم قد يكونوا مستقبلاً أهم منا كمدرسين لهم، فعلينا أن نشجعهم وندعمهم، ومن يقترب من الطلاب ويلمس إمكاناتهم بوضوح يدرك أهميتهم، وأنا أتشارك مع طلابي بكل الدراسات التي تشغلني وكثيراً أتوصل إلى حلول لهذه القضايا معهم، فهم الآن جزء مهم من يوميات حياتي».