حصل على وسام الاستحقاق السوري موقعاً من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في نهاية الخمسينات من القرن الماضي،ونال وسام ثورة الثامن من آذار، وغيرها من الأوسمة، حضر النكبة والنكسة وتشرين التحرير،

عاصر الانقلابات التي شهدتها سورية نهاية الأربعينات ومطلع الخمسينات، عاش تجربة الوحدة السورية المصرية، وتجرع مرارة الانفصال المرير، وعاش ثورة الثامن من آذار ونال وسامها، إنه يوسف رعد بن شحادة والدته مهجة كما يحب أن ينادى؟؟

ويقسم السيد رعد حياته المهنية إلى قسمين دون أن يفصل بينهما من حيث الأثر والتأثير المتبادل، فيقول يوسف رعد لموقع eSyria، ولدت في صيدنايا عام 1924 حسبما تذكر القيود، ودرست في مدرسة خاصة كاثوليكية (عربي- فرنسي)، فحصلت على شهادة سرتفيكا فرنسية / صف خامس/، وهي التي أهلتني للدخول في دورات طبية على مستوى عالٍ مع رسوب عدد كبير من طلاب الدورة أو المدرسة، ونتيجة تعلقي باللغة العربية وآدابها، درست وباجتهاد شخصي عشرات الكتب المتخصصة، ولا أزال في دنيا الشعر والأدب والقصة، ولي مؤلفان: كتاب/ خمس قصص بالحب/، وآخر يحمل عنوان/ المغارة المسحورة/، وعشرا ت القصائد الشعرية الوطنية والغزلية، وفي الرثاء أيضا، كما كتبت في مجال النقد في معظم الصحف والمجلات المحلية والعربية، ولا أخفيكم أنني بدأت الكتابة الى مجلة جيش الشعب، والجندي العربي، وهما اللتان أجازتا لي الدخول إلى حقل الأدب كجواز سفر إلى الصحف الأخرى، وأحب أن أقول هنا أننا كما في معظم الريف السوري آنذاك، كنا ندرس ونكتب وظائفنا على ضوء مصابيح البلدية المعلقة على أعمدة، وننجح وقد خرج من صفوفنا أطباء القلب وكان اختصاصاً نادراً في ذلك الحين.

مضافات؟؟

وعن زاوية مضافات التي يكتبها السيد رعد في صحيفة نضال الفلاحين منذ سنوات طويلة، يقول اكتب الزاوية وغيرها منذ أعوام عديدة، وقد لاقت قبولاً رائعاً في الأوساط الفلاحية، وللمضافة في ذاكرتي أشياء كثيرة وجميلة، حاولت وأحاول من خلال زاوية مضافات رصدها ونقلها إلى القارىء الكريم برؤية جديدة، فالمضافات كما نعلم جميعا تراث قديم في بلادنا العربية- وقلما تجد قبيلة بلا مضافات، وعلى هذا كانت ملتقى لكبار السن يصبون فيها خبراتهم في الأمور الزراعية وغيرها، ويسوّون الخلافات بينهم بالتي هي أحسن خارج المحاكم، وكانت أحكامهم نافذة، يقال فيها الحق بلا مواربة ولا مجاملة، وفيها – في الزاوية - أقدم أفكاري، فأبدأ: قالوا في المضافة كذا، ثم برامج التوجيه والتطريب على لسان مطرب المضافة وربابته، وبما لديه من جديد الشعر والزجل والعتابا والميجانا التي تجسد الموضوع بالكلام الجميل المعبر، فيقدم للفلاح وعائلته النصح، ويشيد بعطاء الفلاح والمرأة الفلاحة وهمومها وأفراحها، ويتحدث في المهور الغالية وأثرها السلبي، وفي الغزل العفيف الذي يحرك الذكريات ويرفع المعنويات، لكنه لا يقوم على هزّ الخصور وكشف الصدور، ويؤكد السيد رعد أنه أوجد مدرسة لنظم الشعر تعتمد على الإيجاز فيكون البيت كحكاية كاملة تبدأ وتنتهي بغطاء جميل وهي القافية منها على سبيل الذكر لا الحصر:

بيادرنا إذا بالقمح غلّت بجودة حبّها الأسعار غلّت

وإذا ما سكة الفلاح غلّت بأرض البور حيّاها التراب.

السرتفيكا أدخلتني معترك الحياة؟

بالعودة إلى الجانب الآخر من حياة يوسف رعد المهنية، يتحدث السيد رعد فيقول: تطوعت في صفوف الجيش في أربعينات القرن الماضي، وبدأت إتباع دورات طبية أهلتني لها شهادة السرتفيكا التي حصلت عليها في مطلع ثلاثينات القرن العشرين، فحصلت على شهادة ممرض ومسعف من رئيس أطباء المستشفى العسكري بالمزة، وكنت الأول على دفعتي، ووقع على الشهادة آنذاك الأستاذ الجراح مرشد خاطر، وحصلت بعد ذلك على شهادة ممرض، ومسعف، ومدرب ممرضين تحت رقم مدون في السجل الذاتي، ثم شهادة رئيس ممرضين، وفن أدوية وصحة عالمية ووقائية بتاريخ 15/6/1954 ، وأخيراً شهادة مساعد طبي وكنت الأول في الدورة 38 بمعدل 16,7 من عشرين موقعة من هيئة الإمداد والتموين آنذاك، وتقاعدت من الجيش برتبة مساعد أول بعد خدمة قاربت الثلاثين عاما.

طلب لي عقوبة 20 يوم ثم ألغاها؟

ويؤكد السيد رعد تميزه في خياطة الجروح وتجبير وكشف الكسور وإعطاء الأبر الوريدية بلمحة بصر، فيشير الى حادثة حصلت معه في خمسينات القرن الماضي فيقول : أذكر ما حدث معي مع ناظر موقع دمشق عندما أعطيته إبرة في العضل ولم يشعر بألم، فطلب لي عقوبة عشرين يوماً ، لأنه ظن أنني استغفلته ولم أعطه إبرة، ويتابع فيقول : فلم أخف منه، وقلت له يمكنك أن تأتي بمراقبين ليؤكدوا لك أنني أعطيتك الإبرة، ولن تشعر بألم - معروف لدى الجميع أن إبرة البنسلين تسبب ألما بعد إفراغ الدواء- فقال له ضابط موجود آنذاك برتبة مقدم، هذا ممرض رائع وله سمعة ممتازة بالمهارة والأخلاق، فاقتنع بالفكرة، وتأكد في المرة الثانية، ولم يعاقبني، بل أشاد بمهارتي .

يتابع السيد يوسف رعد بن شحادة فيقول: لقد عشت واشتركت في حروب 1948- 1967- وحرب تشرين التحريرية عام 1973 التي قادها وخطط لها الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما عاصرت الانقلابات العسكرية ابتداءً من انقلاب حسني الزعيم في عام 1949 ،وإلى الانقلاب على الشيشكلي عام 1954 ، كما شهدت الوحدة السورية المصرية ...الخ.

ومن ذكريات الحروب يقول السيد رعد : في حرب 1948 ألقت طائرة حربية إسرائيلية قنبلة على المستشفى العسكري بالمزة في المساء، ولم تصب المبنى، بل سقطت في وادي على بعد 100متر، إلا أن ذلك أدى إلى تحطم زجاج المستشفى، ودب الذعر في المرضى والعاملين وأغمي على بعض الممرضات، فكان علينا نحن المدربين إسعاف ونقل المرضى إلى الملاجئ، ونقل الممرضات ممن أغمي عليهن أيضا، فحدث خلاف ما بين جنديين على حمل أخفهن وزناً وأكثرهن جمالاً وعلقا معاً، فحملتها أنا وأوصلتها للملجأ.