يعتبر أنطون مقدسي واحداً من أهم المثقفين العرب وليس السوريين فحسب، كما يرى بعضهم، رغم أنه لم يؤلف أي كتاب باستثناء ماقامت دار الريس في بيروت بجمعه من مقالاته تحت عنوان "افتراق الجسد العربي".

ومشاركته في كتاب "الأمة على مشارف الألف الثالث" الذي أصدرته دار النهار اللبنانية عام 1990 تكريماً له، وكان الفصل الذي كتبه فيه يحمل عنوان "الأمة الإشكالية"، لكنه نشر الكثير من المقالات والترجمات.

ولد أنطون مقدسي عام 1914 في يبرود.

حصل على الإجازة في الفلسفة من جامعة مونبليه في فرنسا.

حصل على الإجازة في الحقوق من مدرسة الحقوق الفرنسية في بيروت (التابعة لجامعة ليون الفرنسية).

وكذلك حصل على الإجازة في العلوم السياسية.

درّس الفلسفة اليونانية في جامعة دمشق لمدة عشرين عاماً، والفلسفة السياسية في المعهد العالي للعلوم السياسية لمدة أربعة أعوام.

عمل مديراً للتأليف والترجمة في وزارة الثقافة السورية منذ عام 1965 ولغاية عام 2000 حيث فصل بسبب مقالاته النقدية للوضع القائم في سورية كما يرى بعضهم، واستطاع أن يجعل من إصدارات وزارة الثقافة السورية أهم إصدارات الكتب في الوطن العربي، حيث أدخل الحداثة وكافة التيارات الفكرية والنقدية الحديثة إلى سورية.

في أحد الحوارات معه كان يقول كلمة "قرائي"، وقد لاحظ المحاور أنه يقول ذلك لا ليقصد قراء أعماله، بل ليقصد قراء الكتب الصادرة عن وزارة الثقافة السورية، كان يشعر أن الكتب الصادرة عنها كأنه هو الذي يكتبها، لذلك كان لاينشر سوى الكتب التي يعتبر أنها مفيدة للثقافة السورية، واكتسب بذلك شهرة واسعة لدى القراء واحتراما بالغاً وثقة عظيمة.

يعتبر أنطون مقدسي أحد مؤسسي حزب "الإتحاد الإشتراكي" بزعامة أكرم الحوراني، ووضع دستوره ونظامه الداخلي، وحين اندمج هذا الحزب مع حزب "البعث العربي" ليصير اسمه حزب البعث العربي الإشتراكي، كان أحد الذين كتبوا وثيقة الإندماج، مع هذا لم يدخل أي حزب سياسي.

نتيجة هذه السيرة المهمة فقد احتفى المثقفون فيه كثيراً عندما قامت وزارة الثقافة بفصله، فكتبوا الكثير حول هذا وانتقدوا قرار الفصل واعتبروه مغرضاً وتعاطفوا مع المقدسي.

كان يلقب في الأوساط الثقافية السورية بـ "الأستاذ" حيث أنه لم يعمل كمؤلف كتب، بل كان يناقش ويحاور ويوجه ويلقي المحاضرات، وكان ذا معرفة واسعة بمختلف أنواع وأشكال الفكر، وبمختلف الإتجاهات الفلسفية القديمة والحديثة، وكان محباً بشكل خاص للفلسفة اليونانية، كل هذا جعل لقب الأستاذ ينطبق عليه كثيراً.

لقد عاش أنطون مقدسي محترماً ومبجلاً على المستوى الثقافي العربي والسوري خاصة، ومن النادر أن يعيش مثقف سوري هذا العمر المديد ويحافظ على هذا الإحترام طيلة الوقت.

توفي أنطون مقدسي عام 2005 وكتب الكثير حوله.