أنهى "محمد رنكوس" دراسته عام 2006 في المعهد المتوسط للصناعات النّسيجيّة - نسيج عام، حمل ما تعلمه إلى السّوق وعمل في صناعة "البروكار"، ليكون الوحيد الذي تابع العمل فيما درس، ووسع هذا الأفق بتدريسه "البروكار" في المعهد واستمر في ذلك حتى تخريجه آخر دفعة عام 2014.

في واحدة من أركان "التّكية السّليمانية" المحتضنة للكثير من الحرفيّن بما ينتجونه ويبدعونه، كان لمدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 30 أيلول 2020 لقاء مع حرفي صناعة "البروكار" "محمد رنكوس" ليتحدث عن قصته مع حرفته فقال: «لم أعمل إلا في إنتاج "البروكار" وفي عام 2011 اجتهدت بشراء أغلب الأنوال اليدويّة ممن رغب، وفي 2013 امتلكت النّول الآلي، ليكون عندي الآن عشرة أنوالٍ يدويّة وسبعة آلية رغم محدودية إنتاج تلك الفترة بحكم الظّروف التي مرت بنا وانقطاع حركة السّياحة، وفي عام 2018 بدأتُ الإنتاج الخجول للـ"بروكار" كما بقية الحرفين».

لم أعمل إلا في إنتاج "البروكار" وفي عام 2011 اجتهدت بشراء أغلب الأنوال اليدويّة ممن رغب، وفي 2013 امتلكت النّول الآلي، ليكون عندي الآن عشرة أنوالٍ يدويّة وسبعة آلية رغم محدودية إنتاج تلك الفترة بحكم الظّروف التي مرت بنا وانقطاع حركة السّياحة، وفي عام 2018 بدأتُ الإنتاج الخجول للـ"بروكار" كما بقية الحرفين

يتابع الحرفي "محمد" في شرح طريقة عمل النول اليدوي الذي بقي منه اثنان على خط الإنتاج ويقول: «عام 1890 استقدم "أنطون الياس مزنر" النّول الفرنسي اليدوي المُعتمد على البطاقة المثقبة التي أوجدها "جوزيف ماري جاكار" 1808 حيث كان يجري تثقيبها يدوياً على قالب خاص (الزَمبا)، وتطورت فيما بعد وأصبحت تُثقب باستخدام الكمبيوتر ووفق النّقوش والرّسوم المطلوبة، تُجمع البطاقات وتحبّك لتوضع على الماكينة في أعلى النّول "الجاكار" وتعطي أوامرها للإبر والسّحبات، حيث يعطي الثقب الأمر للإبرة وبدوره ينتقل للشنكل ليرتفع للأعلى ويحرك خيط الشبك الحريري، ومن ثم نُحرّك المكوك يميناً ويساراً ليرسم الزخارف بخيطه».

نول البروكار القديم

يتابع الحرفي "محمد" قائلاً: «عُرِفت "دمشق" بصناعة العديد من الأقمشة "البتهِ، البندار، الدّيما، الألاجا، السّايي، الدّاميسكو، البروكار"، ويتوج "البروكار" على رأس هذه الأقمشة الدّمشقيّة وذلك لصناعته من الحرير الطبيعي، والذي تكفل بتوزيعه علينا معمل "دريكيش" قبل إغلاقه وبسعر مدعوم من وزارة الصّناعة، ووفق حصص تحكمها الأنوال العاملة، وفيما بعد توجهنا إلى التّجار المستوردين للحرير، نأخذه إلى الصّباغ ليقوم بقصره وجعله أبيضاً ناعماً ويصبغه باللون الذي نحتاجه، وهنا نكرّها على بكرات، ونلفها على (المطواية) داخل (السدة)، فيجتمع معنا 8000 خيط من 200 بكرة بعرض 90 سنتمتراً، ندخلها بعيون (النيّر) ثم بالمشط الفولاذي ومن ثم يقوم الحايك بحياكة قماش "البروكار" وإنتاجه، ليتلقاه الدّقاق فيدّقه إلى أن يعطيه اللمعة والنعومة ثم يكويه، والآن أخذ مكان الدّقاق (المنغنا) باسطوانتين، الحرارية والبلاستيكية، المعالجة حيث يمرر القماش بينهما، فتعطينا قطع "البروكار" الدمشقي المطواع لتكون شالاً، وربطة عنق، ببيون، ومحفظة».

يحدثنا "أنطون مزنر" عن الحرفة التي ورثها عن أجداده فيقول: «في نهاية ثمانينيات القرن الماضي ورغبةً من الجد "أنطون" بتطوير عمله في النّسيج، استقدم لمصنعه في "باب شرقي" من "ليون" الفرنسيّة نولاً نسيجياً جديداً هو الأول في "سورية" لإنتاج "البروكار"، ومع بداية التّسعينيات ومع دخول الكهرباء توسّع بالإنتاج، وأدخل الأنوال الآلية، فثبّت حضور "البروكار" الدّمشقي بالسوق المحلية والخارجية وكان لنا في هذا الحضور ميداليات حصلنا عليها وجوائز وشهادات من "القدس وباريس" وغيرها، ويبقى لإنتاج "البروكار" لدينا المكانة التي نحافظ عليها ونسعى لتحديثها ذلك إنني في العام الحالي وباستشارة ذوي الخبرة وتبادل الآراء معهم، وبالبحث والتّجريب عدّلتُ آلةَ النسيج لنتمكن من إنتاج "بروكار" بتسعة ألوان، ولي النية بالمتابعة لأحصل على أربعة عشر لوناً في القطعة».

البروكار شال ومحفظة

يذكر أن الحرفي "محمد رنكوس" من مواليد "دمشق" عام 1987 يجتهد بحرفته، هو وأغلب حرفيي "البروكار"، ليكون له تميزه عن غيره من "بروكار" البلدان الأخرى "فرنسا" و"الصين" و"الهند" و"اليابان".

أنطون مزنر