رسمت مسار حياتها بقرارتها المستمدة من شخصيتها المتفردة قبل أن تبدع لوحاتٍ وأعمالاً وتؤلّف كتباً وتخلق شارات أغانٍ ومسلسلات، اختمارُ خبراتها ودأبها وموهبتها الفطرية ساعدها في خوض تجارب متعددة في الرسم بشكل عام، فنسجت من خلال بعض أعمالها الأفكار التي أرادت التكلم عنها، وتبعت إحساسها المتدفق بتداعٍ حرّ رافضةً الكتابات التي تقيّدها.

للإضاءة على جانب من تجربة الفنّانة "ليلى سلّام حمزة" التقتها مدوّنةُ وطن "eSyria" في مكان عملها بتاريخ 20 أيار 2020 لتتحدث عن بداية تجربتها الحياتية، فقالت: «ولدت في محافظة "السويداء" بقرية "رساس"، درست هناك المراحل الدراسية جميعها وشاركت في كلّ المعارض التي تمّت أثناءها، فقد ظهرت منذ الصف الرابع موهبة الرسم لديّ جليةً، وفي الصف الثامن رحتُ أطرح فكرة المعرض على القائمين على العملية التعليمية في المدرسة، مثل معرض عن التاريخ يتمّ من خلاله رسم الشخصية التاريخية وكتابة بعض الأسطر على اللوحة حول هذه الشخصية، وفي الصف العاشر تبلور لدي الاختصاص الذي أحبّ دراسته بعد إنهاء المرحلة الثانوية وهو الرسم.

بعيداً عن رسوم وأدب الأطفال أودُ الإشارة الى اللوحات التي قدمتها مؤخراً وهي غالبيتها بوتريهات، وهو ما يعنيني بشكل خاص فأنا مغرمةٌ بهذا النوع من الفنون لأنه يختصر الكثير من إرهاصات النفس البشرية التي يتوق الفنان للتعبير عنها

دخلت كلية الفنون الجميلة في "دمشق" عام 2000 وتخرجت منها بعد أربع سنوات، عشت خلالها تجربة الانتقال للجامعة وتغيير المدينة والمكان والبحث عن الذات وإثبات صوابية اختيار الدراسة، ودخلتُ خلالها مضمار العمل في شركة "النجم" لرسوم الأطفال وأنا في السنة الثالثة ما خلق لديّ حافزٌ لتطبيق ما أتعلمه وتعلّم أشياء جديدة مختلفة عن اختصاصي (التصميم الداخلي) لتتبلور في مرحلة التخرج عملية التوجه فنياً إلى رسوم الأطفال».

من أحد المؤلفات المطبوعة

وعن عملها في مجال الأطفال بشكل عام قالت: «شاركت في عدة أعمال للأطفال من أفلام ومسلسلات وأغانٍ واستطعت تجسيد أيّ فكرة بطريقة مرئية أو متحركة، وبسبب الأزمة تركت العمل في "دمشق" وعدت إلى "السويداء" وهنا كانت البداية الحقيقة لي، حيث اتجهت للأعمال اليدوية وعدت لرسم اللوحات الخاصة بي، حتى أصبحت لي خصوصية في الرسم وهوية ظهرت بشكل جلي بعيداً عن كل الثقافات التي تملى عليّ في العمل سابقاً، و قررت العمل على الأفكار التي أحبّ أن أترجمها إلى رسوم وكتاب، أصمم وأرسم وأكتب، والكتب التي ألفتها هي أربعة: كتاب "أصبح لي جناحان" دار "الوراق" – "سلطنة عمان"، وكتب "الغرفة المظلمة"، "تعال معي لترَ حلمي"، و"السجادة التي تحمل حلمي" وثلاثتها لدار " كشمش" للإنتاج الفني – "الكويت"».

وتتابع: «حصلت على الجائزة الثانية لأفضل كتاب وإخراج للأطفال في مسابقة الدورة 58 لمعرض "بيروت العربي الدولي للكتاب" عام 2014 عن كتاب من رسومي وإخراجي بعنوان "الحروف المتشابهة" للكاتبة "سناء شباني" - دار "المعارف" – "لبنان"، وهناك العديد من الكتب التي شاركت فيها ورشحت إلى جوائز في مسابقات أدب الطفل وهي: "طائر الوروار"، "المسحراتي"، "ريشة السحاب"، كما قمت برسم روايات للناشئة منها: "جبران خليل جبران" للكاتبة "سناء شباني"، "متى نعود؟" للكاتبة "سناء علي"، و"الكتاب العجيب" للكاتبة "بسمة الخاطري"».

من رسوماتها

ولم تكتفِ الفنانة "حمزة" بمجال الأطفال فقط، بل دخلت مجال الفن والدراما من خلال خلق وإبداع فكرة شارة المسلسل وتنفيذها أو المشاركة فيها، وعن ذلك تقول: «عملت أيضاً في شارات المسلسلات حيث أقوم بوضع ما يسمى بلوحة القصة أو (الستوري بورد)، أي الهيكل العظمي لهذا العمل الفني والمسمىى الوظيفي لي هو (creative art directer)، ومن ثم متابعة تنفيذه مع بقية الفريق إن اقتضى الأمر، أما فيديو كليب الفنانة "أمل عرفة" "دور على حالي" فكان بلورة عمل فهو مزيج من الـ2d والـlive أي "mixed media"، وعملت به من الألف للياء، من خلال تأليف لوحة القصة (ستوري بورد) أيّ كتابة فكرة الشارة وتنفيذها (لايف + 2D) بالمشاركة مع المخرج "مصطفى برقاوي" الذي أخرج العمل كاملاً، وهذه الأغنية تمّت المشاركة بها في مهرجان "فانكوفر" باسم "تظاهرة السينما"، وتمّ تصنيفها مع شركة "بكسار" العالمية بدرجة غرابة الفكرة، ما يدلّ على تميّزها، وبعد ذلك عملت في (كليبات) وثائقية توعوية لمنظمة "الصليب الأحمر" تحت عنوان "حملة توعية أثناء فترة الحرب"، تعنى بالمدنيين والعسكرين على حد سواء».

وعن النوع الذي تفضل رسمه وتشعر معه بالانسيابية، قالت: «بعيداً عن رسوم وأدب الأطفال أودُ الإشارة الى اللوحات التي قدمتها مؤخراً وهي غالبيتها بوتريهات، وهو ما يعنيني بشكل خاص فأنا مغرمةٌ بهذا النوع من الفنون لأنه يختصر الكثير من إرهاصات النفس البشرية التي يتوق الفنان للتعبير عنها».

وعن سبب قلة مشاركاتها في المعارض أوضحت: «شاركت بمعارض قليلة بسبب ضغط العمل، ولأنني أعمل من عمرٍ مبكرٍ منذ أيام الدراسة، إضافة إلى أنّه لا توجد معارض لرسم الــ(إليستريشين)، إضافةً إلى ظهور منصات التواصل الاجتماعي الذي شكّل نوعاً من إقامة المعرض وعرض اللوحات على الجمهور».

وعن الصعوبات التي واجهتها خلال عملها قالت: «أهمها مزاجية الكاتب وعدم معرفته بصعوبات الرسم، وكذلك تكاليف الرسم، فالرسام ينسج من خلال الصور ما يريد التكلم عنه وأنا أتبع غريزة إحساسي وأحب التداعي الحر، والكتابة بالنسبة للرسام هي فكرة لا يحب أن تقيّده، لذلك رفضت عدة عروض قيدتني، فمهما كانت التقنيات ومهما تنوعت، أنا أتوق للعمل الفني الحر الحامل للفكر الراقي والحر دون الرضوخ لسلطة الإنتاج التي في أكثريتها تقوم بسحق الروح الفنية وقولبتها إذ على الفنان أن يكتشف ذاته ويظهرها وأن تكون أعماله تشبهه وألا يتحول إلى رقم من أرقام تلك القوالب التي تم تصميمها مسبقاً من قبل الغير».

"سناء شباني" كاتبة في أدب الأطفال والناشئة التي كان لها تعاون مشترك مع الفنانة "ليلى" قالت عنها: «من خلال تعاوني مع "ليلى حمزة" في رسمها التوضيحي لمجموعة قصصية تتوجه للناشئة، تعرفت إلى "ليلى" الفنانة التشكيلية بشكل جميل، لقد كانت تعمل على صياغة الواقع بأسلوبها الكلاسيكي المعاصر فيظهر راقياً، تبرز المشاعر مع خطوطها المتينة التي تنم عن العلم بأصول الرسم والأصالة في مزج الألوان فتحتفظ اللوحات برونقها باتساق وتناغم.

كانت "ليلى" تغوص في التحديات التي تواجهها الشخصية الرئيسة في كل قصة وإذا بي أكتشف عشقها للكلمات ومحاولتها لسكبها في قوالب من مشاعرها على وقع رسومها فتعبر عن حالة جميلة من العطاء، أنتظر صدور قصص من تأليفها ورسومها التي ستكون ولادة حقيقية لمشاعرها الحساسة».

يذكر أنّ الفنانة "ليلى سلّام حمزة" من مواليد "السويداء" عام 1981، مقيمة وتعمل في "دمشق"، في رصيدها 45 كتاباً مطبوعاً لدور نشر مختلفة، (40 كتاباً رسماً، و5 كتبٍ تأليفاً ورسماً).