مزجت العاطفةَ بالفنّ، فقادها ذلك نحو تجسيد الحالات الواقعية ونقلها بمصداقيةٍ إلى ضفة الفن التشكيلي، متميزةً بجعل زوايا لوحاتها الأربع تحتضن صوراً لذوي الاحتياجات الخاصة، راسمةً إياهم بخطوط ثابتة، وألوان ينبعث منها الفرح.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت وبتاريخ 26 كانون الثاني 2020 مع الفنانة التشكيلية "سوسن محمدية" لتحدثنا عن بداياتها بالقول: «دفعني حبي لعالم الفن نحو تعزيزه بالدراسة الأكاديمية فكانت وجهتي معهد "أدهم إسماعيل"، وهناك بدأت رحلتي في دراسة الألوان مع الظل والنور، بإشراف ودعم نخبة من أساتذة الفن التشكيلي في "سورية"، ولم تقتصر دراستي على الرسم، فبالتزامن مع اكتسابي الخبرة الأكاديمية ازداد إصراري على تعلم المزيد، فاتجهت إلى دراسة النحت أيضاً، مع التركيز على هوايتي الثالثة وهي التصوير الضوئي الاحترافي، من خلال تنوع أكسبني خبرةً فنيةً وثقةً بالنفس مصدرها أنّي تمكنت من اختيار الطريق الصحيح في حياتي، ومن خلاله استطعت التعبير عن أفكاري، وعن حبي للفن بطرق متعددة».

تعرفت على "سوسن" في معهد "أدهم اسماعيل" وكانت شعلة من الطاقة والحيوية، تمنح محيطها جواً من الإيجابية، وتمتلك حساً فنياً استثنائياً، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال اختياراتها لمواضيع لوحاتها، وطريقة تنفيذها بالألوان، وإخراجها النهائي، وكزميلة لها فهي لم تبخل يوماً في اطلاعي على معلوماتها وأفكارها، والإجابة على أي تساؤل تملك حلاً له

وعن تميزها في تجسيد ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال لوحات فنية قالت: «البداية مع هذه الشريحة المهمة في المجتمع كانت مع عملية البحث عن فكرة لمشروع التخرج، حينها لفت انتباهي أستاذي في المعهد "حسن الحسن" أنّ المشروع أمامي، وهو أخي، الذي ينتمي إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت الفكرة تجسيد ملامحه في لوحة فنية، فكان التحدي كبيراً بالنسبة لي، لخصوصية التعابير والملامح التي تصدر عنه، لكن بعد تشجيع أستاذي، بدأت بأخذ لقطات لعدة حالات يعيشها أخي، وعليه وقع الاختيار على ثلاث لقطات جسدتها بريشتي وألواني وعاطفتي، مجسدة من خلالها ملامح الحزن، والخجل، والفرح، وهذه الملامح تشكل أعلى درجات الصدق لدى ذوي الاحتياجات كون مشاعرهم مزيجاً صادقاً من الحب، والإرادة، والحياة، ومن حقهم الاندماج بالمجتمع وأن تكون لهم حصة من الجمال فيه، عبر تجسيدهم بالفنون».

مشاركتها بمعرض الخريف لعام 2019 إلى جانب شقيقها

وأكملت بالقول: «شاركت بمشروعي الأول بمعرض خريجي "أدهم إسماعيل" عام 2018، ثم كانت لوحة "التحدي" التي شاركت فيها بمعرض الخريف 2018، حيث كان أخي إلى جانب اللوحة التي تجسده في المعرض حينها، وشاركت بلوحة حملت اسم "حلم" بمعرض الخريف 2019، أيضاً بحضور أخي الذي كان يكتسي خجلاً عندما يسأله الزوار هل أنت الشخص نفسه المرسوم في اللوحة؟ وكان دافعي في كل هذه اللوحات أنّ يكون لذوي الاحتياجات الخاصة نصيب في الذاكرة التشكيلية».

وعن مشاركاتها الأخرى في مجال الفن قالت: «شاركت بمعرض التصوير الضوئي لعامي 2018-2019، ولي نشاطات أخرى أهمها عملي التطوعي ضمن فريق "لمة أمل" لتدريب وتأهيل ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان ذلك من خلال إقامة دورتين في الرسم توجتا بمعرض عام 2019 الخاص بأعمال طلابنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، بإشرافي وإشراف زميلتي الفنانة "تقى الحمصي"، ثم كان لي الشرف أن قامت وزارة الثقافة باقتناء لوحتي "حلم"، ضمن مجموعة من أكثر الأعمال المشاركة في معرض الخريف تميزاً».

في معرض لطلابها من ذوي الاحتياجات الخاصة

الأستاذ "حسن الحسن" مدرس في مركز "أدهم اسماعيل" للفنون قال عن "سوسن": «ما يميزها كفنانة تشكيلية أنها ابنة هذا الواقع وقضاياه، فحملت على عاتقها مهمة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بجمال الفن، وبرعت في ذلك من خلال لوحاتها المتعددة، كما أنها دؤوبة بشكل لافت، وتنصت جيداً لملاحظات أساتذتها، وأكثر ما يحضر في ذاكرتي عنها هي لوحة مشروع تخرجها التي جسدت فيها حالة من ذوي الاحتياجات الخاصة فشعرنا بكمية العاطفة التي صنعت من خلالها هذه اللوحة، وارتبطنا بالشخص المرسوم فيها وكأننا جميعاً نعرفه، كما أنها لم تغفل ناحية الإخراج الفني المقنع والواقعي للوحة».

الفنانة التشكيلية "تقى الحمصي" بدورها قالت: «تعرفت على "سوسن" في معهد "أدهم اسماعيل" وكانت شعلة من الطاقة والحيوية، تمنح محيطها جواً من الإيجابية، وتمتلك حساً فنياً استثنائياً، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال اختياراتها لمواضيع لوحاتها، وطريقة تنفيذها بالألوان، وإخراجها النهائي، وكزميلة لها فهي لم تبخل يوماً في اطلاعي على معلوماتها وأفكارها، والإجابة على أي تساؤل تملك حلاً له».

لوحة من لوحات "سوسن محمدية"

يذكر أنّ الفنانة التشكيلية "سوسن محمدية" من مواليد محافظة "دمشق" عام 1983.