اجتمعت تجاربها الفنية مع دراستها الأكاديمية، فتتوجت بخبرة عالية المستوى أخذت بيدها إلى العالمية؛ إذ احتلت مكانتها بثبات بين التشكيليات البارزات في "سورية"، وتميزت بمشاركاتها الدائمة لتستحق ما نالته من جوائز، فنقلت خبرتها إلى الجيل الفني الواعد.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "هالة مهايني" بتاريخ 14 أيار 2019، فحدثتنا عن مسيرتها الفنية قائلة: «درست في كلية الفنون الجميلة، وتخرجت في قسم التصميم الداخلي عام 1970، وقد أحببت دراستي كثيراً؛ إذ إنني أمضيت ست سنوات من حياتي متفرغة تماماً للدراسة، فكان التصميم الداخلي مجال اهتمامي، وأدركت أنه ليس بالسهل ويحتاج إلى عناصر كثيرة، حيث يلزمه الاطلاع المستمر وفكر يحلل وينظر بعمق ليكتشف خصوصية الأشياء وعلاقة بعضها ببعض؛ وتوازناً يتكون من خلاله لدى الإنسان مجموعة قيم وعلاقات جمالية يعيد الفنان تنسيقها في مجالات عديدة، هذه الفكرة التي أدركتها هي الطريق الأساسي للتصميم وللإبداع، ولكل أنواع العمل الفني، وأظن أن الإنسان عندما يجد مفرداته الخاصة ويملك الوسيلة للتعبير عنها يسلك الطريق الصحيح ويصبح له أسلوبه المميز ويمكن أن يتطور، فالتجربة الفنية في جوهرها متأصلة في الفنان ومرتبطة بثقافته وطريقة تفكيره، وتنمو بالعمل المستمر والتجارب المتنوعة والسفر ومتابعة ما يجري في العالم؛ إذ بدأت تجربتي بالرسم من الطبيعة؛ فهي مصدر إلهامي الأساسي، كما بدأت الرسم بالألوان المائية، ومعه بدأت محاولتي بإعطاء القيمة الأولى للون الذي يتغير مع تغير الضوء، والفكرة تشبه فكرة الانطباعيين، لكنني لم أكن أتابع حركة الضوء، فكنت أركز على ناحية الجمالية وأحاول نقلها إلى العمل، وبعد عدة سنوات من العمل المستمر بالألوان المائية في الطبيعة، بدأت تجارب بمواد مختلفة ومنوعة على اللوحة والكولاج، ثم عملت لمدة ثلاث سنوات بالخزف، ولدي اهتمام قديم بالموزاييك الذي أحبه لكوني أعمل به من خلال تجميع قطع منوعة ومختلفة لتشكل عملاً فنياً. ومن الجوائز التي حصلت عليها أذكر: الميدالية الذهبية من وزارة الثقافة في "الصين" عام 1993، والجائزة التشجيعية من "بينالي المحبة الأول" في "اللاذقية" عام 1995».

روحية "هالة" متوغلة في كل تجاربها منذ سنوات، فالفن عندها اختصار المرئي بالمعنى المادي بالطبيعة، وهو التجوال البصري وتخزينه ليظهر لحظة الانفجار التعبيري من دون إذن، كما أن رؤيتها للمنظر أو الطبيعة تختلف في أعمالها من حالة إلى أخرى؛ وهذا يشير إلى الحالة النفسية الصادقة في الرؤية مع الذات؛ لأنها لا ترسم للرسم فقط، بل إن حالتها الوجدانية وتوغلها في أعماق ذاتها هي المحرك البصري في رؤيتها الفنية

وأضافت عن معارضها وتجاربها قائلة: «من أهم المعارض التي شاركت فيها داخل وخارج القطر: معرض فردي في المركز الثقافي العربي بـ"دمشق" عام 1986، ومعرض فردي في صالة "أمية" بـ"حلب" عام 1987، ومعرض ثنائي مع الأستاذ "نصير شورى" في المركز الثقافي البلغاري عام 1987، ومعرض ثنائي بصالة "أتاسي" في "حمص" عام 1990، ومعرض ثنائي بصالة "إيمار" في "اللاذقية" عام 1991، ومعرض فردي في "المعهد العالي للموسيقا" في "دمشق" عام 1993، ومشاركة في معرض "النساء والحرب" للصليب الأحمر في "دمشق" ومدن أخرى عام 2000. أما بالنسبة للمعارض الخارجية، فأذكر مشاركتي بمهرجان "تراغوفيتشي" للرسم المائي في "بلغاريا" عام 1987، ومعرضاً فنياً في "المتحف الوطني" في "اليمن" عام 1998، ومعرض رسم حر في "الدوحة" عام 1992، ومعرضاً ثنائياً في صالة المعارض الدولية في "الصين" عام 1993، ومعرضاً فردياً بصالة "البتراء" في "العقبة" عام 1995، ومعرضاً فردياً في المركز الثقافي العربي في "باريس" عام 1995، ومشاركة في معرض "الفنانات العربيات" في "عمان" عام 1996، ومشاركة في معرض "فنانات عربيات" ضمن المؤتمر الدولي للمساهمات الحضارية للمرأة في "الكويت" عام 1998، ومشاركة بمعرض "عبير الأرض" في متحف "الشارقة" عام 2000، ومشاركة بمعرض "مبدعات من الشرق" في "لبنان" عام 2006، ومشاركة بمعرض "فنانين سوريين" في "هولندا" عام 2003».

من لوحات الفنانة هالة مهايني

أما الفنان التشكيلي وعضو الهيئة التدريسية في الجامعة الدولية الخاصة، والأستاذ بجامعة "دمشق" "محمد غنوم"، فقال: «العلاقة التي تجمعني مع الفنانة "هالة مهايني" صداقة منذ زمن طويل يتجاوز العقدين، فهي فنانة مجتهدة ومتواضعة؛ إذ منذ بداية تجاربها كانت تشارك في المعرض بفعالية، خاصة عندما قدمت أكثر من نشاط فني مع الفنانة "عتاب رحيب"، والمميز بألوانها المائية أنها تتمتع بالجرأة والخصوصية التي تعبر عن شخصيتها بأسلوب صادق ودقيق، وما يعنيني التحدث عنه الآن من أعمالها هو آخر معرض لها في "المركز الوطني للفنون البصرية"، الذي أكد نضج موهبتها، حيث شهدنا تطوراً كبيراً في هذه الموهبة وإضافات مهمة بتكوين اللوحة، ومن خلال حوارها الجميل بين الألوان الحارّة والباردة، والبلاغة التشكيلية التي وصلت إليها بعد خبرتها الواسعة، فهي من أهم الفنانات اللاتي عملن بالفن التشكيلي في "سورية"، لكونها تحمل مسؤولية الفن التشكيلي على عاتقها في بلدنا، فهي تبحث دوماً عن التطور ولا تقف عند محطة ما، إنما تثابر على إغناء معرفتها بالتجارب، وما يميزها عن غيرها أنها تعطينا لوحات من عبق "الشام" لكونها دمشقية».

أما رئيس مجلس إدارة "المركز الوطني للفنون البصرية" الدكتور "غياث الأخرس"، فقال: «روحية "هالة" متوغلة في كل تجاربها منذ سنوات، فالفن عندها اختصار المرئي بالمعنى المادي بالطبيعة، وهو التجوال البصري وتخزينه ليظهر لحظة الانفجار التعبيري من دون إذن، كما أن رؤيتها للمنظر أو الطبيعة تختلف في أعمالها من حالة إلى أخرى؛ وهذا يشير إلى الحالة النفسية الصادقة في الرؤية مع الذات؛ لأنها لا ترسم للرسم فقط، بل إن حالتها الوجدانية وتوغلها في أعماق ذاتها هي المحرك البصري في رؤيتها الفنية».

لقطة من آخر معرض لها في المركز الوطني للفنون البصرية

الجدير بالذكر، أن الفنانة "هالة مهايني" من مواليد "دمشق"، عام 1947.

الفنان التشكيلي محمد غنوم