يحاول التشكيلي "موفق مخول" توظيف الفن بأسلوب حضاري لرفع الذائقة البصرية ونشر ثقافة الحب والجمال بلوحات فنية تشكيلية عكس خلالها المشهد التشكيلي السوري بحرفيه عالية وحسّ راقِ، أعماله نالت شهرة واسعة تخطت حدود بلده أدخلته موسوعة "غينيس" بإنجازه أكبر جدارية على مستوى العالم.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان "موفق مخول" بتاريخ 11 كانون الثاني 2019، وبالحديث حول مسيرته الفنية يقول: «لا أعلم متى بدأ حبي للرسم، لكن أثق أنه كان يعيش ويكبر معي منذ طفولتي، لا أعلم من أين أتت هذه الثقة وتلك الصداقة علماً أنني عشت ضمن مجتمع وأسرة بعيدة كل البعد عن الفن، كان الفقر يحيط بنا من كافة الجوانب في ذلك الوسط، لم يكن هناك متسع لممارسة الفن أو حتى التفكير به، في مرحلة كنت دائم البحث عن صديق يتحملني وأرمي همومي لديه، فكان الفن الصديق الذي صادفته من خلال مدرستي وتشجيع من أساتذتي، كانت لي تجارب في مرحلة التعليم الأساسي لكنها لم تتعدَّ حدود التجربة، موهبة تحتاج إلى صقل وتطوير؛ تحقق ذلك بدراستي في كلية الفنون الجميلة التي كانت قفزة مهمة في مسيرتي الفنية بانتقالي من الموهبة إلى الاحتراف ودراسة الفن بأسلوب أكاديمي إلى أن تخرجت عام 1982، بدأت بعدها مسيرتي الفنية بأكثر من مجال ومكان».

أحب الفن التجريدي لأنه يشعرني بحرية الفكر والإحساس واللون والخط، كما أحب الفنون التي تبحث عن شيء جديد، أرسم ما أحبه وأحس به، كما أفضّل اللغز والحوار مع اللوحة، ولا أحب اللوحة التي لا تحمل سؤالاً، اللوحة لدي عمل فردي، ولا تتحمل شركاء؛ لذلك عندما أرسم لا أهتم كثيراً بالمتلقي؛ ما يهمني أنا لأنني أنا المشكلة التي سوف تتصارع مع ذاتها لكي تقول وجعها وهمّها وحزنها؛ أعكسها بأفكار وألوان هي روحي، وروحي هي حزني؛ لذلك أحب الألوان الغامقة، وخاصة اللون الأسود لأنني أرى به الفاصل بين الحياة والموت، ونحن نعيش على هذه الحافة من الفاصل

وبتعريفه للفن والرسالة التي يود إيصالها من خلاله، يضيف قائلاً: «الفن رسالة صامتة في انتظار المجهول، وهو ما يدفعنا إلى البحث عن الإبداع، فهو ليس مجرد لوحة أو لون، بل هو بعد إنساني وعاطفي ومعرفي للحياة، فاللوحة نافذة مطلة على الحياة تخرج من جغرافية المكان لتبحث عن ثقافة أخرى، وتهجَّن من معارف أخرى حتى تولد من جديد وتحمل بعداً إنسانياً يشمل كل معارف الحب والإبداع.

جدارياته في أحد شوارع دمشق

علاقتي مع الفن طويلة؛ فهو جزء من روحي وثقافتي ودائماً يحمل هدفاً، وهو ما تكرس أثناء الحرب على "سورية"، حيث عملت من خلال موقعي كفنان على محاربة الإرهاب والقتل والتدمير بنشر الفن في الشوارع وعلى جداريات مدينة "دمشق". كوّنت فريق "إيقاع الحياة" التطوعي عام 2011، يمكن وصفه بالمقاوم، بدأنا مشروعنا بتقديم ثقافة الفن إلى الشارع بعيداً عن مظاهر القتل والتدمير لإمتاع عيون الناظرين والدخول إلى الإنسان وإحيائه بالفن، إضافة إلى إحياء وإعادة تأهيل عدد من الأشجار الميتة وعودتها إلى الحياة بأعمال فنية نحتية تزين ساحات وحدائق "دمشق"».

وعن المواضيع التي تحملها لوحاته والألوان والمدارس التي يتبعها، يقول: «أحب الفن التجريدي لأنه يشعرني بحرية الفكر والإحساس واللون والخط، كما أحب الفنون التي تبحث عن شيء جديد، أرسم ما أحبه وأحس به، كما أفضّل اللغز والحوار مع اللوحة، ولا أحب اللوحة التي لا تحمل سؤالاً، اللوحة لدي عمل فردي، ولا تتحمل شركاء؛ لذلك عندما أرسم لا أهتم كثيراً بالمتلقي؛ ما يهمني أنا لأنني أنا المشكلة التي سوف تتصارع مع ذاتها لكي تقول وجعها وهمّها وحزنها؛ أعكسها بأفكار وألوان هي روحي، وروحي هي حزني؛ لذلك أحب الألوان الغامقة، وخاصة اللون الأسود لأنني أرى به الفاصل بين الحياة والموت، ونحن نعيش على هذه الحافة من الفاصل».

نحت وترميم الأشجار

الفنان "محمد غنوم" يحدثنا عنه قائلاً: «من دون أدنى شك لتجربة "موفق مخول" الفنية أهمية كبيرة برفد الحركة الفنية التشكيلية في "سورية"، حيث نالت أعماله شهرة واسعة لاحتوائها موهبة عالية وحساً إنسانياً راقياً، أعماله الفنية تنم عن تجربة ناضجة لها تفرد وبصمة خاصة، وقد تجلى ذلك ضمن معرضه "مخوليات" في صالة "ألف نون"، حيث يأخذ بأعماله مفردات تشكيلية من البيئة المحلية والتراث وفي الوقت نفسه يصوغها بطريقته الخاصة، يحمل في شخصيته روح الدعابة والصدق والشفافية، نشيط ومعطاء يرضي أصدقائه بدعمهم ومتابعته لأعمالهم، لكنه فوق كل ذلك يحمل هموم الوطن ويسعى لمحاربة الإرهاب بنشره ثقافة الجمال، التي تكرست بإنجازه لعدد من الجداريات التي أغنت الذائقة البصرية بعيداً عن مظاهر الخراب والتدمير».

يذكر، أن التشكيلي "موفق مخول" من مواليد "دمشق" عام 1958، حاصل على إجازة من كلية الفنون الجميلة، موجه اختصاصي لمادة التربية الفنية بتربية "دمشق"، أصدر كتاب بعنوان: "مخوليات" حول الفن التشكيلي، لديه العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل وخارج القطر، أعماله مقتناة من أكثر من جهة، مشرف على فريق "إيقاع الحياة" التطوعي، لديه أكثر من سبع جداريات زيّن بها شوارع "دمشق"، كما أنه دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن جدارية بلغ طولها 1000م مصنوعة من مواد معاد تدويرها من مخلفات البيئة، حاصل على جائزة وتكريم من "الصين" إضافة إلى تكريمه مؤخراً بيوم الثقافة.

الفنان محمد غنوم