عشق التشكيل منذ نعومة أظفاره، يرى في رسم اللوحة حالة من الارتياح النفسي؛ فلوحاته مكان لتفريغ دفق انفعالاته وعواطفه.

مدونة وطن "eSyria" التقت التشكيلي "سامي كور"، بتاريخ 27 أيار2017، وعن بداياته الفنية قال: «للرسم متعته الخاصة التي بدأت منذ الطفولة، كنت أرسم بكثرة، وأشعر بأنني أرى الواقع بنظرة مختلفة غير مألوفة، أبحث عن الجمال في كل مشهد من الطبيعة، كانت حصة الرسم لها متعة خاصة لديّ، ومازلت أحتفظ بمجموعة كبيرة من رسوماتي إلى الآن، إلى جانب موهبتي، دفعني إلى المتابعة تشجيع أهلي والمدرسين وإعجابهم بما أرسمه، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية، التحقت بكلية الفنون الجميلة، وحصلت على إجازة بدرجة جيد جداً، قسم التصوير الزيتي 2013».

على الصعيد الأكاديمي أعمل على كتابة رسالة الماجستير وبعد ها سأكمل الدكتوراة، وتزامناً مع ذلك لن أتوقف عن تنفيذ الأعمال والمشاركات في المعارض والفعاليات الفنية المحلية والخارجية

عن أفكاره وهو أمام اللوحة البيضاء، قال: «الرسم حالة تأتي من دون استئذان، لذلك دائماً يوجد في مرسمي لوحة بيضاء مجهزة على المرسم الحامل، ومزّاجتي وأدواتي نظيفة استعداداً للبدء بتنفيذ العمل بأي وقت، فعندما أشعر بأنني بحاجة إلى تفريغ هذا الدفق من العاطفة والانفعال على سطح اللوحة، أدخل إلى مرسمي، وهناك عدة دراسات خطيّة لتكوينات ومواضيع مختلفة قمت بتنفيذها بوقت مسبق، أختار واحدة منها وأرسم هيكل التكوين بالفحم، ثم أبدأ تنفيذ العمل بالألوان وأترك للا وعي حرية التعبير من دون قيود العقل التي تعمل أحياناً على الحدّ من ظهور التلقائية والعفوية في العمل الفني القابل للتغيير حتى آخر لحظة من تنفيذه».

من لوحاته الصباح

ويتابع: «في البداية كان أسلوبي أقرب إلى الواقعية، فيما بعد أصبحت أرسم برؤية مختلفة بعيداً عن نقل الواقع، معتمداً على مخزوني البصري في رسم جميع أعمالي التي تندرج بأسلوب المدرسة التعبيرية التجريدية، أنا معجب بأعمال فناني المدرسة التعبيرية، واللون أحد عناصر التصميم المهمة وله دلالات نفسية كثيرة، لكل لون تعبير معيّن، وللتأثير بالبيئة المحيطة به دور مهم في اختيار الفنان لألوانه، ففي اللا شعور يختزن الفنان في مخزونه البصري مجموعات لونية تعبّر عن البيئة التي يعيش فيها، ويترك للعمل هويته الخاصة، وطابع مكان معيّناً».

عن العلاقة بين عمرالفنان وقيمة اللوحة، يقول: «لعمر الفنان دور في نضج العمل الفني ورصانته، فهو نتاج خبرة طويلة وبحث، فمن الممكن أن يكون فناناً شاباً له تجاربه وإنتاجه الغزير الذي يضاهي أعمال فنانين من الجيل الأكبر، والفنان المبدع يجب أن يعمل بصدق في التعبير؛ وهذا كافٍ ليصل العمل إلى المشاهد ويدخل في أعماقه ويلامس أحاسيسه. أعمالي تشبهني؛ فهي جزء منّي، وانعكاس لما بداخلي من ذكريات ومشاهد وأفكار تترجم إلى لغة بصرية تحمل دلالات تشكيلية ولونية».

سامي كور مكرماً

ويتابع عن رسالته الفنية: «الفنان مرآة مجتمعه؛ فهو معني بتصوير ما يدور به بكافة الظروف، وأنا لم أتوقف عن الرسم خلال الأزمة التي يمر بها وطننا، وبكل بساطة أعبر عما في داخلي من أفكار ورؤى مختلفة. مواضيعي متنوعة، وأغلبها تعبر عن "دمشق" بغموضها وتناقضاتها الحالية التي نعيشها من حزن وفرح وأمل، فعندما أسير بشوارعها أرى الكثير من المشاهد والتفاصيل الجميلة، أختزنها بذاكرتي، وأجسدها على سطح اللوحة برؤيتي الخاصة، فلا أعاني في اختيار المواضيع؛ لأن المشاهد كثيرة حولنا، وعلى الفنان اختيار المشهد الذي يراه مناسباً، وإعادة صياغته بأسلوبه ومجموعته اللونية الخاصة، وبالتأكيد لكل عمل خصوصيته للفنان وتأثيره في المشاهد، وأذكر أنني نفذت عملاً كبيراً بساعتين، وهو يعني لي الكثير لما فيه من عفوية وانفعال وعاطفة، وأعدّه من أهم أعمالي التي أحتفظ بها».

وعن تجربته بتنفيذ لوحات فنية لمسلسل "العراب"، يقول: «كان لها خصوصية مختلفة عن مواضيعي الشخصية، فكنت مقيّداً بنص وديكور وشخصية الفنان، كان هناك شخصيتان في النص ترسم، نفذت مجموعة لوحات لكل منهما حسب الدور والحالة النفسية للشخصية، كانت تجربة جميلة أتمنى أن تكون قد قدمت إغناء بصرياً للعمل».

شهادة تكريم

ويضيف عن التكريم: «كرّمت في العام الماضي من السيد وزير الثقافة ضمن حفل تكريم بمكتبة "الأسد"؛ لمشاركتي بمعرض "الربيع" السنوي 2016، ونيلي الجائزة الأولى لاتحاد الفنانين التشكيليين في "سورية"، كما نلت جائزة التصوير الزيتي من وزارة الثقافة في معرض "الربيع" 2017، الذي أقيم في خان "أسعد باشا"، التكريم يحمل الكثير من التقدير للفنان، ويشعره بسعادة كبيرة؛ لأن الجانب المعنوي يعني له الكثير، فالفنان عندما يرسم لا تكون له أهداف تجارية أو ربحية، وإنما أرقى من ذلك بكثير، فالتكريم يقدر هذه الجهود المبذولة.

وبالنسبة لي التكريم قيمته مضاعفة أولاً لأنه في بلدي، وثانياً بسبب الظروف التي يمر بها وطننا حالياً؛ فالفن لا يمكن أن يموت في الحرب».

عن نشاطاته التطوعية، يضيف: «بعد التخرج شاركت بالعديد من النشاطات الثقافية التطوعية مع منظمات دولية وجمعيات محلية مختلفة بمجال الرسم الجداري وتعليم الرسم، العمل التطوعي إنساني ومعنوي، وهو مهم لأنه يترك للفنان بصمة في أكثر من مشروع، ويساهم في شهرته بالمجتمع، ويجلب الكثير من السعادة للذات».

ويختتم حديثه عن مشاريعه المستقبلية: «على الصعيد الأكاديمي أعمل على كتابة رسالة الماجستير وبعد ها سأكمل الدكتوراة، وتزامناً مع ذلك لن أتوقف عن تنفيذ الأعمال والمشاركات في المعارض والفعاليات الفنية المحلية والخارجية».

عنه قال التشكيلي الدكتور "علي السرميني": «موهبة وحالة متفردة متميزة، جميع المكونات التي تتعلق بالجانب الأكاديمي والشخصي، وحب الوطن، كل هذا يجعل منه فناناً متميزاً يفتش دائماً عن الجديد والقيمة المضافة، شجاعته تكمن في الانسجام بين الألوان الباردة والحارة التي تؤلف التضاد والانسجام "الهارموني"، لا يكرّر نفسه؛ فدائماً يقفز إلى الجديد والحداثة والمعاصرة».

أما الناقد التشكيلي "سعد القاسم"، فقال: «أهم ما يميز لوحاته: البناء الخاص المتماسك الذي يمنحها بعداً ثالثاً متداخلاً ببراعة مع بعدها الثنائي، والجرأة في اختيار الألوان، والخبرة المتنامية في فرشها على سطح اللوحة، أسلوب واقعي خاص واسع الأفق».

يذكر أن "سامي كور" من مواليد "دمشق"، عام 1992.