استطاع أن يخلق لنفسه خصوصية في التأليف الموسيقي، ودخل بها مسارح العالم، ووضع بصمة واضحة على الأدب العربي من خلال عدة أعمال روائية.

الفنان "وليد الحجار" له عدة مؤلفات موسيقية، وكتب القصة والرواية، كما له تجارب في الفن التشكيلي، مدونة وطن "eSyria" التقته عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" بتاريخ 1 آب 2016، وفي البداية تحدث عن موسيقاه ويقول: «لغة التعبير الموسيقية لدي غربية الأحرف والمفردات، لكن مضمونها حرّ، شاسع، فلا قيود عليها، قد تتراوح بين الشرق والغرب في خصوصية خلاّقة تنبع من المحصلة الثقافية للذات. أما الرسم عندي، فلغته عالمية، طليقة، حرة، ومادته ومواضيعه لا حدود أو ضوابط لها».

لا أجد أيّ غرابة في هذا الأمر، ولست عاتباً على أحد في هذا المضمار، ولا أظن أن بوسع أي إنسان بمفرده تغيير هذا الواقع؛ فالموسيقا الكلاسيكية غريبة على آذان وفهم معظم الناس في بلدنا؛ فالثقافة في بلدنا شعر وأدب، أما الموسيقا، فهي غناء وطرب

وعن جانب الأدب لديه، يتابع: «الكتابة والأدب بالنسبة لي لغة التواصل مع الآخرين، لم أختر القالب الروائي في الكتابة إلا كي يسهل على القارئ أن يعبر الجسر إلى ما تطرقت إليه من مواضيع فلسفية وروحية وتاريخية.

من "ألبومات" الحجار

أنا عربي أنتمي إلى فئة من الناس عرفت ثقافة الغرب والشرق، ولا أرى حاجة أو طائلاً من الغوص في كتابات تشابه "باب الحارة" أو "أولاد حارتنا" لكي أثبت للرقيب أنّني صاحب التزام اجتماعي يرضي من يمسكون بزمام الثقافة والإعلام».

يجد "الحجار" النقد الأدبي لدينا أنه غير مكتمل، حيث يقول: «إن الأدب والنقد الأدبي في بلدنا مازالا يخضعان لجملة من القيود والمفاهيم السياسية التي أورثنا إياها "الاتحاد السوفييتي"، من حيث التقيد بالأدب الملتزم وواجب الأدباء والفنانين الالتصاق بهموم العامل والفلاح والأرض، وربما نسيوا أنه قد يكون للكاتب آفاق أخرى، قد تكون ميتافيزيقية أو روحية أو وجودية، آفاق قد لا تجد مادتها إلا في نظرة شمولية إلى الإنسان والعالم ككل».

يعتمد "الحجار" في مؤلفاته الموسيقية الأسلوب الغربي الكلاسيكي وعاش معظم حياته في الغربة؛ لذلك لم يستطع إيصال موسيقاه إلى الجمهور السوري كما يجب، عكس ما عرفناه كأديب وروائي، وفي هذا السياق يقول: «لا أجد أيّ غرابة في هذا الأمر، ولست عاتباً على أحد في هذا المضمار، ولا أظن أن بوسع أي إنسان بمفرده تغيير هذا الواقع؛ فالموسيقا الكلاسيكية غريبة على آذان وفهم معظم الناس في بلدنا؛ فالثقافة في بلدنا شعر وأدب، أما الموسيقا، فهي غناء وطرب».

"نزيه أسعد" (موسيقي وأستاذ في المعهد العالي للموسيقا)، يقول عن تجربة "الحجار" الموسيقية: «اتسمت مؤلفات "وليد الحجار" بلغة كلاسيكية معقدة وصعبة ومدروسة، تخاطب العقل، تماماً كما كبار الموسيقيين العالميين، ولا يخفى تأثير المدرسة الموسيقية الفرنسية والبريطانية وحتى الروسية في أعماله، حيث مزج بين هذه المدارس ليقدّم مادة موسيقية جميلة ومرغوبة عند الموسيقيين، ولذلك كان كل هذا الاهتمام في أوروبا بموسيقاه، وإيجاد مكان في عقر دار الموسيقا الأوروبية صعب جداً، لكن لم يصعب على المؤلف السوري "وليد الحجار"».

"نورا محمد علي" شاعرة وناقدة ومتابعة لكتابات "الحجار"، تقول: «تعدّ ثلاثية "البحث عن الأنا"، من أهمّ الروايات السورية، يبحث فيها "الحجار" بالتحليل عن مواضيع اجتماعية وفلسفية وتاريخية، يتخبط فيها عالمنا العربي المعاصر، وهي سلسلة متصلة منفصلة، وفي الوقت نفسه لكلّ منها استقلاليتها وشخصيتها الخاصة. أما رواية "هيلانة"، فيتطرق فيها إلى الحب ومواضيع اجتماعية عبر باب تجاوز الدين والمال والأعراف، بلغةٍ سلسة وسردٍ أدبي متقن، وهي الأقرب إلى البناء الروائي الحديث، وتدخل رواياته حسب المدرسة الفرنسية في صنف "الرواية النهر"».

يذكر أنّ، "وليد الحجار" من مواليد "دمشق"، عام 1932، درس حتى المرحلة الثانوية في مدارسها، ثم درس الموسيقا في المعهد العالي للموسيقا في "باريس"، ونال الإجازة عام 1957، اختصاص التأليف الموسيقي. يعدّ من الموسيقيين السوريين الأوائل الذين تعاملوا مع الموسيقا الكلاسيكية، ألّف أعمالاً موسيقية عديدة، وعزفت مؤلفاته منذ بداية الخمسينيات في "باريس" من قبل الكونسرفاتوار الوطني والإيكول نورمال، عزفت مؤلفاته في دول كثيرة مثل: "إيطاليا"، و"إسبانيا"، و"روسيا"، و"أوكرانيا"، و"فرنسا"، و"ألمانيا"، و"لبنان"، و"مصر"، و"سورية".