يقدم "كمال سكيكر" الموسيقا الشرقية كما ينبغي لها أن تكون، وهو يعتقد أن المحافظة على تراثنا الموسيقي الأصيل يأتي من خلال تقديمه بطريقة مدروسة، بعيداً عن العبث، فكان أن وجد لنفسه مكاناً في الساحة الموسيقية السورية بمجالي التأليف والتوزيع الموسيقي، إلى جانب حرفيته بالعزف على آلة العود.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 أيار 2016، في "المعهد العالي للموسيقا" الموسيقي "كمال سكيكر"؛ الذي تحدث عن مسيرته الموسيقية بالقول: «بداياتي كانت من مراحل الطفولة، فأنا أتمتع بصوت مقبول الجمال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وجودي في وسط فني صغير فتح أمامي طرقاً جديدة للمستقبل؛ حيث إن جميع أشقائي يعزفون على آلات متنوعة كـ"الكمان والأكورديون"، وهذا يعني الاستمرار بالاستماع إلى كبار الملحنين العرب منذ طفولتي، نظراً إلى الذائقة الرفيعة التي تميزوا بها، وقد علموني المقامات العربية وأساليب الغناء العربية الأصيلة. شاركت في كثير من المهرجانات السنوية التي تقيمها منظمة شبيبة الثورة كمغني صولو، وعضو في جوقة كورال، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية كان المعهد العالي للموسيقا في سنواته الأولى، فقررت الالتحاق به ومواصلة دراستي الأكاديمية، ولكن لم يكن فيه قسم للغناء العربي بعد، فقررت التوجه إلى العزف مختاراً آلة العود كآلة شرقية عربية، وقربها من الغناء وارتباطها بالمغنين، ودورها في تنمية الثقافة الموسيقية الشرقية. تأثرت بالكثيرين من عازفي العود في العالم العربي، أمثال: "منير بشير"، و"نصير شما"، فالموسيقا هي العالم الذي قررت العيش فيه».

أشتغل على يوم نرى الموسيقا السورية ذات هوية ثابتة ومميزة

وعن كيفية الحفاظ على الموسيقا الشرقية وأهم مشاركاته يقول: «نحافظ على موسيقانا الأصيلة بتقديمها بطريقة مدروسة تحترم التراث، ولا تعبث فيه بإضافة أي لون من الألوان الموسيقية "كالتوزيع الموسيقي" مثلاً، إلا إذا كان مدروساً بما يتناغم مع نكهة موسيقانا، وحقيقة هذا ما نقدمه في "الفرقة الوطنية السورية" للموسيقا العربية، فنحن نقدم الأعمال بتوزيع جديد يتناغم مع المزاج العربي الشرقي، ولا يخرجه من نكهته أبداً، مشاركاتي مع عدة فرق، مثل: "الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية"، "أورفيوي"، و"قصيد" التي كوّنتها عام 2008 وأقودها بنفسي، وقد شاركت بعدة مهرجانات وحفلات في أغلب البلاد العربية والأوروبية والآسيوية كعازف وموزع».

مشاركاً بإحدى الحفلات

ويتابع عن نشاطاته بمجال التأليف والتوزيع الموسيقي: «أعمل حالياً على كتابة عدة أعمال لآلات "الصولو" مع مصاحبة الأوركسترا، كما انتهيت من كتابة سماعي للكلارينيت والأوركسترا السيمفونية، وقمت بتأليف العديد من القطع لآلتي الرائعة "العود" مع مصاحبة الأوركسترا وعزفتها بنفسي مع الفرقة الوطنية السيمفونية كمقطوعة "ورد"، ومقطوعة "كلام"، وحالياً أكتب كونشيرتو للعود والأوركسترا، كما كتبت للفرقة العربية في عدة قوالب كالسماعي والتحميل واللونغة، وعدة قطع موسيقية كمقطوعة "سحر الشرق". وبالنسبة إلى التلحين (تلحين الكلمة) فهو من أنواع التأليف الموسيقي، وقد لحنت عدة قصائد وأغاني أدتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية. أما التأليف الموسيقي الأوروبي فهو كتابة كاملة للحن، والتوزيع هو كتابة هذا اللحن للآلات الموسيقية المتعددة "الأوركسترا"، ومن هنا فالتأليف يرتبط ارتباطاً كبيراً بالتوزيع الموسيقي، وهذا كله لن يحصل إن لم يكن المؤلف قادراً على عزف أعماله، ومن هنا يمكنني القول إن احتراف العزف يفتح آفاقاً موسيقية متعددة منها التأليف والتوزيع، وقد وزعت المئات من الأعمال العربية مع أو من دون كلمات، وأخيراً وزعت "باليه ديك الجن" للمؤلف السوري الكبير "مطيع المصري"؛ التي ستقدم كعمل مسرحي كامل في "دار الأسد للثقافة والفنون"».

عن رأيه بالموسيقا السورية حالياً يضيف: «للأسف لا وجود لموسيقا سورية، بل توجد أعمال غنائية منسية نسمعها من حين إلى آخر عبر إذاعاتنا وهي من إنتاجها، حتى نقول هناك موسيقا سورية يجب أن تكون هناك "هوية موسيقية سورية"؛ وهذا يحتاج إلى مؤلفين سوريين أكفاء ووقت طويل جداً، لكن البداية سهلة، فما تفعله دار الأسد للثقافة والفنون عبر دعم المؤلف والعازف بكافة النواحي حسب المستطاع كفيل بوصولنا إلى يوم قادم يشار فيه إلى موسيقا سورية صرفة، ومؤلفين سوريين أكفاء».

الموسيقي أندريه معلولي

ويؤكد أهمية الدراسة الأكاديمية إلى جانب الموهبة لنجاح الموسيقي بالقول: «كأي علم آخر تحتاج الموسيقا إلى المناهج المتدرجة التي توصل إلى هدف، وهذا ما يقدمه المعهد العالي للموسيقا، إضافة إلى الموهبة التي هي ضرورية جداً، ويجب أن تبنى على أسس علمية حتى نبلغ مرحلة الإنتاج الموسيقي الذي يمثّل هوية موسيقية خاصة».

وعن الدور الذي تلعبه الموسيقا الشرقية بتحقيق الهوية الموسيقية للشعب وأهم المتطلبات لنجاحها يضيف: «الموسيقا هوية الشعب، ونتاج أعماله ومزاجه، والشعب هو مصدر هذه الهوية، فكلما تماشت مع المزاج الشعبي والتزمت به حققت الهوية، وكلما ابتعدت أصبحت حالة ثقافية منفردة، ومن هنا يأتي التراث الموسيقي الذي هو نتاج الشعوب. الموسيقا يجب أن تتكلم بأحاسيس الشعوب وتعبر عنهم وتحمل همهم».

والتكريم برأيه هو شكر معنوي لشخص قدم جّل وقته لخدمه ثقافة بلده، وتكريم الفنان بحياته أهم لما سيحمله من تشجيع لكافة الفنانين للمزيد من العمل.

ويختتم بالقول: «أشتغل على يوم نرى الموسيقا السورية ذات هوية ثابتة ومميزة».

عنه قال الموسيقي "أندريه معلولي" عميد المعهد العالي للموسيقا: «هو من الموسيقيين السوريين الذين استطاعوا أن يطوروا الموسيقا العربية من خلال إسقاط علوم الموسيقا العالمية عليها، وأغناها بعدة أعمال موسيقية تمثل الموسيقا السورية والموسيقي السوري الأكاديمي، وهو من الأشخاص الذين نفتخر بهم وبإنتاجهم الفني، ونعتمد عليهم لنقل الثقافة السورية إلى العالمية، لأنها تعني المقدرة الموسيقية عند الموسيقي السوري، وهو يعمل على هذا الموضوع بحرفية. خدم الموسيقا السورية والمعهد العالي للموسيقا بوجه خاص كمدرّس متفانٍ في عمله».

الموسيقي "عدنان فتح الله" يقول: «مؤلف موسيقي سوري تنحني له القبعة، عمل وما زال على تطوير الموسيقا العربية وإعطائها الطابع الأوركسترالي من خلال إسقاطات بعلم الهارموني والتعددية اللحنية للموسيقا الشرقية مع أنها تأخذ طابع اللحن الواحد. قدمنا له عدة أعمال في الفرقة الوطنية السورية للموسيقا، وقد أغنى توجه الفرقة وأهدافها بإغناء المكتبة الموسيقية السورية بتجارب إبداعية جديدة من ناحية التأليف الموسيقي والألحان الغنائية، وساهم بتوثيق التراث وتقديمه بطريقة أكاديمية تعنى بالتفاصيل، وهو عازف في الفرقة الوطنية السورية وأحد أعمدتها».

يذكر أن الموسيقي "كمال سكيكر" من مواليد "ريف دمشق، جديدة عرطوز" عام 1976، خريج المعهد العالي للموسيقا - صف العود سنة 2004.