ضيف شكلها الأنيق جمالية إلى البيت الدمشقي، تساعد على ضبط الهواء الداخل إلى الغرف وتعمل كالفلتر بالنسبة للأوساخ التي تهب مع الهواء، وكذلك الضوء، لها ميزة اقتصادية مهمة؛ حيث إنها تصنع من بقايا الخشب المستخدم لتصنيع النوافذ والأبواب.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 أيلول 2014، الحرفي "أحمد صوان" الذي تحدث لنا عن "المشربية" بالقول: «أحد عناصر العمارة التقليدية التراثية الإسلامية التي تميزت بها العاصمة عن باقي البلاد، ويكاد لا يخلو بيت من بيوت "دمشق" القديمة إلا وتتوسطه "المشربية"؛ وهي عنصر معماري يتمثّل في بروز الغرف في الطابق الأول أو ما فوقه، يمتد فوق الشارع أو داخل فناء المبنى، ومؤلفة من الخشب المنقوش والمزخرف والمبطّن بالزجاج الملون، كما أن صناعة "المشربية" تمثل جانباً اقتصادياً مهماً، فهي تصنع من الأجزاء الصغيرة المتبقية من عمل السقوف والأبواب والنوافذ، وغيرها من وحدات البناء التي تعتمد على الخشب وتستغل جميعها في تصنيع "المشربية"».

هي عبارة عن نافذة أو فتحة في الجدار مغطاة بإطار مكون من تراكيب "أسطوانية الشكل" أو "دائرية"، ومجموعة من القطع الخشبية الصغيرة أسطوانية الشكل على شكل سلاسل تفصل بينها مسافات محددة ومنتظمة بشكل هندسي زخرفي دقيق وبالغ التعقيد، واستطاع "الدمشقيون" تكوين "مشربيات" جميلة ومتقنة الصنع من خلال تحكمهم بالطبيعة الوظيفية "للمشربية" عن طريق تنويع سمات الإطار الخشبي الخارجي، وحولوه إلى أحجام صغيرة وتم تركيبها مع بعضها بعضاً، وذلك بدل أن يتم نحت هذه "المشربية" من قطعة خشبية واحدة كبيرة

ويضيف: «هي عبارة عن نافذة أو فتحة في الجدار مغطاة بإطار مكون من تراكيب "أسطوانية الشكل" أو "دائرية"، ومجموعة من القطع الخشبية الصغيرة أسطوانية الشكل على شكل سلاسل تفصل بينها مسافات محددة ومنتظمة بشكل هندسي زخرفي دقيق وبالغ التعقيد، واستطاع "الدمشقيون" تكوين "مشربيات" جميلة ومتقنة الصنع من خلال تحكمهم بالطبيعة الوظيفية "للمشربية" عن طريق تنويع سمات الإطار الخشبي الخارجي، وحولوه إلى أحجام صغيرة وتم تركيبها مع بعضها بعضاً، وذلك بدل أن يتم نحت هذه "المشربية" من قطعة خشبية واحدة كبيرة».

"المشربية" تزين الفنادق الفخمة

ويتابع حديثه بالقول: «استخدمنا المخارط لتحويل كل قطعة من الخشب إلى الحجم والشكل المطلوبين، مبتدئين بسلسلة من القطع الخشبية التي يتراوح طولها من 100ملم إلى 1 متر وفقاً لمقياس وتفاصيل "المشربية" كاملةً، وتتشكل القطع الخشبية "القضبان" لتكوّن سلسة من الأشكال الأسطوانية التي يتم الفصل بينها بشكل متكرر بقطع أكبر منها، أسطوانية أو مكعبة الشكل التي تشكل نقاط الترابط بين القضبان الأفقية، ويتم حفر تجويف داخل هذه النقاط ليتم تركيب القضبان من خلالها دون استخدام لاصق أو مسامير، وتحتاج هذه العملية إلى دقة عالية من الحرفي خلال الإنشاء، وبعد إتمام صنع شبكة من القضبان حسب المقاييس المطلوبة يتم تأطيرها لتجنب تفككها، حيث يعمل هذا الإطار على توزيع الأحمال "الرياح"، و"الوزن" على الشبكة مما يدعم ثباتها، ويتم التحكم بالظروف الداخلية للفراغ المعماري من خلال التحكم بمسامية الشبكة، وذلك من خلال تغيير أطوال وأقطار القضبان، ولكل مبنى خصوصيته في التعامل مع هذه النسب لكي تؤدي الوظيفة المطلوبة على أمثل وجه».

المهندس المعماري "رامي صيام" يقول: «لتصميمها ميزة هندسية تساعد على ضبط تدفق الهواء إلى داخل الغرف، فالمسافات الفاصلة وحجم القضبان "للمشربية" التي تغطّي فتحة في الواجهة حيث تعترض الإشعاع الشمسي المباشر وتدرجه إلى أن يصل إلى داخل البناء؛ تساعد على ضبط مرور الضوء. وقد استخدم السكان الجرار الفخارية ذات المسامية العالية بوضعها داخل المشربيات فتسمح بمرور التيار الهوائي فوق هذه الجرار؛ ما يؤدي إلى تبخر كميات من الماء، ومن ثم يبرد التيار الهوائي فيزيد من رطوبة الجو، ويوفر نظام "المشربية" مزايا عدة للمكان الموجودة فيه، فهي تتيح لأهل المنزل رؤية من في الشارع دون أن يراهم أحد، وذلك لاختلاف كميات الضوء داخل "المشربية" عن خارجها، إذ إنه أقل في الداخل بكثير عن الخارج، ويوفر ذلك خصوصية لأهل المنزل، كما أن التكوين الهيكلي، والزخرفي "للمشربية" يتفق تماماً مع الظروف المناخية لمعظم بلدان العالم الإسلامي؛ الذي تسوده في معظم فصول السنة شمس ساطعة».

أحمد ديب صوان

ويضيف: «تعد "المشربية" من أحسن الحلول لهذه المظاهر الطبيعية، إذ إن الفتحات الضيقة التي تتخلل قطع الخرط تتحكم في كمية الضوء النافذ إلى الغرفة المقامة عليها "المشربية"، وتعمل بذلك على تلطيف درجة الحرارة من خلال النسيم الذي يمر من بين هذه الفتحات، وطريقة الخرط في حد ذاتها تقوم على توظيف القطع الصغيرة من الخشب؛ وذلك بخرطها وتجميعها فيتم الاستفادة بقطع الخشب مهما كان صغرها، وهذا يتناسب مع ظروف بلدان العالم الإسلامي التي تفتقد الأنواع الجيدة من الأخشاب "المشربية"، وتحقيق الخصوصية، وتستوردها من بلدان أخرى».

الآثاري "عمار مهيدي" يقول: «بدأ ظهور هذا الفن في القرن الثالث عشر الميلادي، واستمر استخدامها حتى أوائل القرن العشرين الميلادي؛ فنجدها في القصور والبيوت التقليدية، إلا أنها استخدمت أيضاً في بعض المباني العامة كالخانات، والمستشفيات، وجاءت تسميتها من اللفظ العربي (شرب)، وتعني في الأصل "مكان الشرب"، وكانت في الماضي عبارة عن حيز بارز ذي فتحة منخلية توضع فيها جرار الماء الصغيرة لتبرد بفعل التبخر الناتج عن تحرك الهواء عبر الفتحة، وانتشرت "المشربية" في الفترة العباسية، وكان أوج استخدامها في العصر العثماني، وانتشرت انتشاراً شبه كامل في الدول المجاورة لـ"دمشق" كالعراق ومصر؛ ذلك لأن استخدامها في مختلف المباني أثبت فعاليّة كبيرة في الوصول إلى بيئة داخليّة مريحة وفعالة على الرغم من الظروف الخارجية شديدة الحرارة».