شخوص وأبواب دمشقية قديمة اجتمعت في أعمال الفنان "عيسى" لتعبر عن الحالة الحميمية التي تربط الإنسان بالباب، وذلك عبر مادة نحتية آبدة هي "البرونز".

موقع "eSyria" حضر معرض الفنان "عيسى قزح" في صالة "قزح" للفنون، حيث قدم /25/ عملاً نحتياً ضمن خط بياني واضح، أكد فيه أهمية الارتباط بين الإنسان والباب كفكرة نحتية وفنية، فباتت الكتلة والفراغ في أعماله منسجمة بطرق نحتية متباينة، فأبواب دمشق المتلاصقة والتي كتبت عليها الذكريات والأحلام احتلت جزءاً كبيراً من أعمال "قزح"، الذي وصف الباب بأشكال وحركات مختلفة، فكانت الحارة العتيقة أو القديمة، الإنسان الصامت بحركاته التي تعلو إلى السماء، ومن هنا يطرح "عيسى" العلاقة التي تربط الباب والإنسان.

إن طريقة العمل على الكتلة والفراغ لديه رائعة ومحترفة، كما أنه ثمة انسجام واضح بين كتله وفراغاته التي شكلت ثنائية جميلة من خلال موضوع الباب والإنسان، تجربة نحتية جديدة وجميلة

تكوين ثنائي، كتلة وفراغ منسجم، إضافة إلى لمسة نحتية تعبر عن خط بياني خاص جسدها "عيسى" على أعماله النحتية، وعن ذلك يقول الفنان التشكيلي "وليد الآغا": «"عيسى قزح" لديه بحث وتجريب واضحين من خلال أعماله. اللافت للنظر أنه أخذ الطريق الصح الذي يجب أن يسلكه، فلكل فنان أسلوب ومشروع يعمل عليه، فالباب والإنسان كانا موضوع أعماله على مر الأيام، أما في هذا المعرض فأصبحت الإسقاطات صحيحة، وأصبحت هناك تكاوين مميزة، إنه لا يستعير بأعمال غيره، بل بحث بأعماله ووصل إلى الطريقة التي يتحدث فيها عن أعماله بطريقة صحيحة، يقنعك بالتفاصيل التي يعمل عليها ويشرحها بقوة، وهذا نابع من خبرته النحتية القوية والعميقة، إنه باحث جيد، يقدم فكرته ويبحث فيها بخط بياني منطقي ومقنع، فحواراته مع أعماله فيها بحث وموضوع متكامل».

عيسى مع والدته

أكثر مادة تعامل معها "عيسى" وبشكل يومي هو "البرونز"، فهو من الناس الذين يعملون على هذه المادة ليصنعها كما يريد، وقد قام على تأليف لها محلية ضمن شخوص فيها الكثير من التميز، قدم الباب بأشكال وحلول كثيرة، كحارة عتيقة وكإنسان، كما تعمق في الموضوع بشكل بحثي كبير.

الفنان والنحات "غزوان علاف" يقول: «"عيسى" من الفنانين الذين ظهروا يقوة من خلال أعماله، فهو يتميز بعمله بشيئين أساسيين، حضور الإنسان عنده طاغي كثيراً من خلال الأشخاص والمجموعات، كما أن لديه ملمس مميز في الكتلة، وحس نحتي في الكتلة والفراغ، إنه معرض بحثي جميل ومنسجم».

عناصر عيسى النحتية

أما الأستاذ "وائل جوزيف" من الحضور فيقول: «إن طريقة العمل على الكتلة والفراغ لديه رائعة ومحترفة، كما أنه ثمة انسجام واضح بين كتله وفراغاته التي شكلت ثنائية جميلة من خلال موضوع الباب والإنسان، تجربة نحتية جديدة وجميلة».

خلال لقائنا به، والاستفسار عن استخدامه لمادة "البرونز" قال: «"عيسى قزح": "البرونز" مادة لا تتأثر بعوامل الطبيعة، وسبب اختياري لها عن الخشب والحجر والمواد المعروفة كان؛ أن "البرونز" ممكن ارتكازه بنقط صغيرة، وهذا مهم بالنسبة لأشكالي، فأغلبها تتمركز على نقطة صغيرة وتحمل العمل بمجمله، بالإضافة إلى تكييفي معها في الفراغ أكثر من أية مادة أخرى، كما أن له جمالية في عملية التعتيق».

طروادة

سكنه في حي دمشقي قديم جعل من تلك الشخوص والأبواب تسكن مخيلته الدمشقية لتخرج وتنفذ على الورق ومن ثم تصب على شكل قوالب برونزية، عن اشتغاله على عنصري "الباب" و"الإنسان" يقول: «هناك حالة مزج بين الإنسان والجماد الذي هو الباب لخلق قصص وفكرة ما، فالباب له تنوع كبير بحياتنا من المسكن الأول إلى الآن، فهو كالإنسان يمتلك تنوعاً كبيراً، فوراء كل باب قصة، حيث إننا تلاحظ وجود الأبواب بالمدينة القديمة بكثرة واختلافها كاختلاف البشر، وهذا ما دفعني لخلق هذا التماذج بين هذين العنصرين "الإنسان" "الباب" اللذان سكنا ركناً كبيراً في مخيلتي وذاكرتي الدمشقية».

وعن الحالات التي صورها "عيسى" نحيتاً من خلال الباب والإنسان، يقول: «إنني أفضل الوقوف عن الحركة التي تسيد أعمالي، وبذلك تكون الفكرة أقوى من خلال عملية الشرح، بالإضافة إلى أنني أبحث عن التشابه بين الإنسان والأبواب، ولهذا ذهبت إلى تسمية كل عمل، لأن كل عمل خلق من فكرة معينة».

الجدير ذكره أن الفنان "عيسى قزح" من مواليد مدينة "دمشق"، 1973.

خريج قسم النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، 1995.

معارض مشتركة في سورية، بين 2000- 2002.

معرض في غاليري عشتار بدمشق، 2002.

معارض مشتركة في سورية، والكويت، ولبنان، وتركيا، بين 2005 و2007.

معرض في غاليري بيت ماما سعاد بدمشق، 2006.

معارض مشتركة في سورية، 2009.