"One man show"، أو "عرض رجل واحد"- إن صح التعبير- تجربة جديدة قدمها الممثل "باسل طه" محاولاً تقديم نمط مختلف من العروض، لم نعتدْ على مشاهدتها في سورية.

الممثل "طه" قدّم النمط الجديد في مرسم الفنان "مصطفى علي" على مدى ثلاثة أيام هي السابع عشر، الثامن عشر، والتاسع عشر من شهر نيسان 2010، وسط حضور ملأ المرسم، راغباً في مشاهدة التجربة الجديدة، ومعرفة ما أراد "باسل طه" قوله.

مسرح الشارع يقدم للمرة الثانية في سورية، فقبل ذلك قدمنا "كائنات تحت السطر" في الشوارع العامة والأرياف

مدونة وطن eSyria التقى الفنان "باسل طه" قبل العرض، وسأله عن تجربته الجديدة، يقول: «"one man show"، أو عرض رجل واحد، هو فنٌّ موجود في العالم بكثافة، حيث بدأ في أمريكا ثم انتقل إلى جنوب إفريقيا وبريطانيا وإيطاليا، الأشخاص الذين يقدمون هذا النوع من العروض لا يمثلون، بل يرتبطون بحالة كوميدية ناقدة».

لقطة من العرض

ويضيف "طه": «في هذا النوع من العروض يكون المؤلف والمخرج والممثل شخصاً واحداً، أنا أتيت بهذه الحالة وقمت بمسرحتها، لم أتركها بشكلها المعتاد، إلا أنني أبقيت على اختلافها عن المسرح في عدم وجود قيود تحكمها، دون ديكور وإضاءة، وركزت على النص والحركة المسرحية».

السيد "أحمد الديركي" مدير تحرير مجلة "النداء" والذي جاء من "بيروت" لحضور هذا العرض قال: «مسرح الرجل الواحد ليس مسرحاً سهلاً لعدّة أسباب، إذ على ممثل واحد أن يكون هو مجموع الممثلين، بالإضافة إلى أنه يتعامل مع فراغ مكاني لا يحمل ديكوراً وهو ما يترك فجوة، أي على الممثل أن يكون مجموع الممثلين والديكور في آن، لذلك يجب على عملية إبداع الممثل أن تكون في الذروة، وأي خلل سيقع فيه الممثل سواء في الحركة أو في نبرة الصوت أو في النص سيكون خللاً فاضحاً، لأنه مكشوف جداً، وهو حال مختلف عن وجود عدد من الممثلين أو وجود ديكور يغطي الأخطاء التمثيلية التي قد يقع فيها الممثل، كما في المسرح العادي».

الفنان "باسل طه"

وتناول العرض الذي قدمه "باسل طه" السيرة الذاتية لشخص أطلق عليه اسم "كيوي" كدلالة على كونه طيباً وأسقطه على الإنسان العربي، فحكى للجمهور قصة فشله والظروف الصعبة التي واجهته، مقدّماً عدداً من (المشاهد المسرحية) خلال خمس وأربعين دقيقة هي مدّة عرض قُدِّمَت فيه أنواع مختلفة من فنون الأداء.

يقول مؤلف ومخرج وممثل العرض: «خلقت شخصية أسميتها "كيوي"، وهو شخص أبيض من الخارج ولكنه يحمل من الداخل آلام جميع الناس، فجاء العمل في خمس لوحات كلّ لوحة تقدّم مجموعة من المشكلات التي يعاني منها إنساننا العربي، إضافة إلى وجود خلطة مع عدد من الفنون، لوحات شعرية، مسرح، "راب"، غناء».

الصحفي "أحمد الديركي"

وأضاف "طه": «أحببت أن أكون قريباً من الناس ومباشراً، أتمنى أن يقدم هذا العرض شيئاً ما، نحن بحاجة إلى تجارب حداثية، بحاجة إلى الخروج بالمسرح من حالته التقليدية إلى مكان جديد، أن يخرج المسرح إلى الناس ويقترب منهم، قدمنا تجربة جديدة، على الشباب السوري أن يجرّب».

ويقول الفنّان "ماجد صالح" الذي اختار موسيقا العرض: «اطلعت على السيناريو وقرأته أكثر من مرّة، حاولت تحقيق الربط فيه بين موسيقا "الراب" والموسيقا الشرقية، اخترت موسيقا متوسطة بين الاثنتين تحقق هذا المزج».

عرض One man show "باسل طه" ساهم في رعايته ست شركات وفعاليات ثقافية، يقول السيد "عناد شيخاني" أحد الرعاة وهو مدير شركة "Flame Fx" للإنتاج الفني والتلفزيوني: «منذ أن انتقلنا من "دبي" إلى "دمشق" منذ خمس سنوات تقريباً، ونحاول دعم كلّ فعالية فنية ثقافية تخدم المجتمع وثقافته، أحببنا تجربة "باسل طه" كنمط يطرح لأول مرّة في سورية، خارج سورية والبلاد العربية لهذا النمط وجود جيد، ويحتاج "عرض الرجل الواحد" إلى دعم على مختلف الصعد، فهذا الفن ليس له أي مكسب مادي وهو مكلف في نفس الوقت، اليوم نحن نشهد ولادة عسيرة لفن يقدّم لأول مرّة في سورية، أتمنى أن يستفيد الشباب السوري من هذا العرض، ويحاول أن يطور هذه التجربة».

إلا أن المسرحي "صالح برّو" الذي حضر العرض يرى أن «مسرح الشارع يقدم للمرة الثانية في سورية، فقبل ذلك قدمنا "كائنات تحت السطر" في الشوارع العامة والأرياف».

وأضاف الفنّان "برّو": «هناك مقولة للكاتب المسرحي "سعد الله ونوس" يقول فيها (المسرح ظاهرة حضارية مركبة، سيزداد العالم وحشة وقبحاً لو افتقدها أو أفتقر إليها)، أما "جان جينيه" فيقول (المسرح مكان مجاور للموت، حيث كل الحريات ممكنة)؛ نحن ومن خلال هذا العرض لاحظنا أن بعض الحريات ممكنة، من حيث إن القواعد المسرحية غير موجودة، اخترقنا النص من الالتزام المسرحي إلى الالتزام مع المشاهد».

ويرى "صالح برّو" أننا «لا نستطيع تسمية عرض الرجل الواحد عرضاً مسرحياً، حيث لا وجود للقواعد المسرحية، وهو ما أراده المخرج والممثل وكاتب النص»، ويرى أن "طه" «أقترب من حالة اليوميات، ففي النص حالة من القلق».

وختم "برّو": «من الطبيعي أن يشعر البعض بالاشمئزاز أو الاستغراب، فالمشاهد تعوّد على حضور الشروط المسرحية، وأهمية هذا العرض هو أنه قدّم لنا حالة جديدة».

وعن رأيه فيما شاهد يقول "أحمد الديركي": «كتجربة أولى أشاهدها في سورية من حيث المبدأ يمكن القول إنها تجربة جيدة، ولكن فيها عدد من الثغرات في نفس الوقت، فالنص كان غير مترابط، وحاول أن يجمع فيه أكثر من موضوع من خلال مقتطفات ومشاهد كثيرة؛ أما الأداء التمثيلي فجاء فيه قليل من الضعف، ولم يكن قادراً على أن يؤدي روحية النص على الرغم من عدم ترابطه، فلم يستطع الممثل الواحد تغطية ضعف النص بالأداء، هناك كثير من المشاهد عانت من روتينية الحركة، وعلى الرغم من ذلك يجب ألا ننسى أننا نتكلم عن شخص واحد يقوم بهذه الأعمال بنفس الوقت، هي تجربة تستحق الاهتمام وأتمنى أن يتم العمل عليها لتقدم في المرات القادمة بشكل أفضل».