افتتحت صالة الشعب للفنون الجميلة "بدمشق" في 29/10/2008 معرضاً تكريمياً لأعمال الفنان التشكيلي السوري "ممدوح قشلان" من عام 1999حتى العام الحالي، بعنوان "رسوم ولوحات دمشقية"،

متضمناً /44/ عملاً جداري بقياسات مختلفة، استخدم فيها تقنية التصوير الزيتي وفي بعضها الحفر، ويستمر حتى /6/ من شهر تشرين الثاني المقبل.

نرى في معرض "قشلان" تاريخ "دمشق" بكل دلالاته.. ممزوجاً بألوان زاهية، تحمل في جزيئاتها المتداخلة فتوناً يشعرنا بالسرور والحلم

قدمت لنا الأعمال صوراً مختارة من أحياء "دمشق القديمة" وبيوتها المتلاصقة بحميمية وثبات، وأظهرت عمق الذائقة الجمالية لدى الفنان وقدرته على اختزان الواقع المرئي، وصوغه بمقامات تشكيلية فاتنة الأسلوب، غنية بالتضاد اللوني المدروس الذي يستثير في الذاكرة جوانب التساؤل والإعجاب.. مترافقة بعرض كتابين من مؤلفاته "نصف قرن من الإبداع التشكيلي" و"رسالة لونية من الشرق إلى الغرب"، وهو كتاب توثيقي، يقع في 173 صفحة من القطع الكبير، يحوي بين صفحاته مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية العادية والملونة لأعماله في التصوير الزيتي بمختلف الموضوعات، التي اختارها لتكون عملاً تشكيلياً يمثل قراءاته للواقع الدمشقي والإنساني.. وفيه مقتطفات انتقائية من آراء وانطباعات وشهادات صحفيين ونقاد وباحثي فن من الدول التي أقام بها معارضه مثل:"بلغاريا والدانمرك إيطاليا وفنلندا وإسبانيا وألمانيا" وغيرها الكثير، كما يحوي الكتاب رؤية للباحث السوري الدكتور "عفيف بهنسي" والتونسي "علي اللواتي".

وقال "ممدوح قشلان" في حديثه لموقع "eSyria" حول معرضه ومختارات أعماله: «قدمت "دمشق" عبر رؤيتي لأناسها النبيل وسماتها.. هذه المدينة التي ولدت وترعرعت فيها وتشربّت من حياتها الدمشقية الأصيلة، المليئة بالتعاطف والمحبة والأسرية.. تراها في أعمالي خيوطاً لونية مرحة وهادئة تظهر وفائي لها، ترى بيوتها وحواريها متشابكة ومنسوجة بعاطفتي نحوها، ترى المآذن تشمخ بعلوها ووقارها وحسنها الجميل».

وأضاف: «تجذبني "دمشق" بكل أحيائها القديمة، فتزيدني هياماً في رسمها عن الواقع أولاً ثم صياغتها لونياً بأسلوبي ورؤيتي، أحدد أبعادها وأشكالها بألوان متناقضة، لكنها مدروسة ومهيأة لتكون مجموعة لونية منفردة تأخذ المتأمل في نزهة بصرية إلى عالم الألوان والإشراق بكل درجاته ومشتقاته.. كأن نرى مثلاً لوحتي ساحة "باب الجابية"، وبانوراما منطقة "باب توما" وغيرها من الأعمال».

لمسة جمالية ناطقة

الدكتور "عفيف بهنسي" باحث في علم الجمال والنقد التشكيلي، قال: «كرس "ممدوح قشلان" عمره لرسم "دمشق" الجميلة ضمن طابعه الخاص، حملها بلوحاته طيلة السنين الماضية وتجول بها في أرجاء العالم، ليعرّف بفنونها وسماتها.. من هنا وبمناسبة الاحتفالية لهذا العام دعونا جمعية أًصدقاء "دمشق" لأن نقيم له معرضاً تكريمياً يكون فرصة لتأمل أعماله، ومساهمة منا و منه في هذه الاحتفالية».

أما الفنان التشكيلي "محمود شكري"، قال: «أعطى "ممدوح قشلان" للفن ما يعطيه النبع والمعين الذي لا ينضب، أعماله في التشكيل هي تتحدث في مضامينها البارعة المعبرة عمّا تكنه نفسه من طيبة وتواضع وإبداع متواصل غزير.. يقدمها عبر الخط واللون واللمسة الجمالية حسّاً ناطقاً لا بل دعوة بصرية للمضي بين عوالم خيالاته وذاكرته الباحثة في علم الشكل وإشراقه اللوني».

وقال الفنان التشكيلي السوري "مصطفى النشار" مغترب في "فرنسا": «نرى في معرض "قشلان" تاريخ "دمشق" بكل دلالاته.. ممزوجاً بألوان زاهية، تحمل في جزيئاتها المتداخلة فتوناً يشعرنا بالسرور والحلم».

توحد مع الجوهر الدمشقي

وحول المعاني المتجلية في المعطى البصري لدى "قشلان" قال "تيسير حباس" أستاذ بالفن التشكيلي: «تشدنا في لوحات الفنان لغته اللونية بزهوها وانسجامها وأناقتها كمعطى بصري، تشعرنا أننا جزء منها، وتجعلنا في توحد مع جوها الدمشقي الجميل، إنها أزهار فاتنة تيقض بطيبها معاني الصدق والمودة والوفاء.. هذه سمات "قشلان" التي باتت في فنه وأدبه رمزاً وهوية يعرف بها أين ما ذهب».

وقال الفنان "حسن ملحم": «المميز في أسلوبه دقته في اختيار اللون، وجعله في خليط منسجم مليء بالتضاد، ليس تضاد مؤذياً للعين المتأملة بل يدخل إليها الارتياح ويغويها في البقاء، إنه يقدم لنا رسالة بصرية واضحة في معانيها ودلالتها، يبين فيها وفاءه لوطنه وحرصه على مكنونه كإنسان وباحث».

من الذاكرة

ولد "قشلان" في "دمشق" عام /1929م/، بدأ مساهماته في النشاط الفني المحلي والعربي والدولي منذ /1951م/، أقام أكثر من /85/ معرضاً فردياً في دول عربية وأجنبية، أعماله تشكل جزءاً من مقتنيات مجموعة كبيرة من المتاحف العالمية، ألف العديد من كتب الفن والتربية الفنية، كذلك عن الفنانين "محمود جلال" و"لؤي كيالي" وبحث اسمه "نصف قرن من الإبداع التشكيلي"، كما أنه أستاذ شرف في أكاديمية "نورما" للفنون الجميلة في "ايطاليا"، أسس في "سورية" الاتحاد العام للفنانين التشكيليين العرب، ونقابة الفنون الجميلة وكان نقيباً لها لعدّة مرات، وهو مؤسس ومدير لصالة "ايبلا" للفنون الجميلة "بدمشق" منذ عام 1980، وتكريماً له قامت منظمة "اليونيسيف" بطباعة بطاقات فنية عن لوحاته الكبيرة المجسدة لدمشق وعملت على توزعها في أنحاء العالم لصالح الطفولة.