"ريم منذر" فنانة اقتحمت المجهول لأول مرة عندما تناولت فن الكاريكاتير من وجهة نظر علم النفس وعلم الاجتماع فنالت شهادة الماجستير بدرجة امتياز عن بحثها حول فن الكاريكاتير العربي ودوره في الدفاع عن حقوق الإنسان.

موقع eSyria التقى الفنانة" ريم " وكان لنا معها الحديث التالي:

  • حصلت مؤخراً على تقدير امتياز عن رسالة الماجستير التي قدمتها حول فن الكاريكاتير العربي ودوره في الدفاع عن حقوق الإنسان حبذا لو تحدثينا عن مفهوم فن الكاريكاتير وعلاقته بحقوق الإنسان؟
  • ** بالبداية الكاريكاتير فن ساخر محبوب، ناقد شعبي، وترجع قدرته في جذب المتلقي إلى توجهه لجميع شرائح المجتمع بغض النظر عن التعليم والثقافة، وتصل رسالته دون عناء إلى المتلقي بقالب ساخر يدعونا في البداية إلى الابتسام ثم التفكير برسالة، فهو فن السخرية سلاحه، لكن لا نقيمه استناداً إلى قدرته على إضحاك المتلقي، بل من خلال ما يحمله من رسالة نقدية معينة.

    ولعل القدرة التي يتمتع بها الكاريكاتير في الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع وتوصيل رسالته بسلاسة هو الذي يعطيه القدرة على نشر قضايا الإنسان أكثر من غيره، وهنا أود الإشارة إلى أن ثقافة حقوق الإنسان في الوطن العربي تعاني من غياب الممارسة الفعلية رغم وجود التشريعات الناظمة لها».

    تضيف "ريم" فحقوق الإنسان تعاني من غيابها كثقافة قانونية، وهنا يأتي دور الكاريكاتير في نشر هذه الثقافة.

  • تحدثت في الرسالة عن الصعوبات التي كانت تواجه فناني الكاريكاتير ما هي، وبرأيك هل ما زالت موجودة؟
  • ** بداية أود أن أنوه إلى أن البحث الذي قدمته كان يتناول النصف الثاني من القرن الماضي من/1950/ حتى/2000/ وقد أشرت فيه إلى أهم الصعوبات ومنها: ابتعاد الرقابة عن الاختصاص، بمعنى أن الرقيب غير مختص سواء في الإعلام أو الفن، ولذلك غالباً ما كان الفنان يتعرض لمنع رسوماته، أي قمع أفكاره، وهذا القمع الخارجي تطور مع الزمن بحيث أصبح لدى الفنان ما يسمى الرقيب الداخلي، وبالتالي خسر المتلقي العربي الكثير من الرسومات المتميزة التي انتهت في درج الرقيب، ومع ذلك أقول فن الكاريكاتير باعتماده فن الرمز والتورية، يستطيع تخطي أشد أنواع الرقابة قساوة، غياب الديمقراطية في معظم الدول العربية وعندما يتأثر حق الحرية والتعبير، تتأثر الفنون والكاريكاتير أول فن منها، إضافة إلى عدم وجود نقابة فعالة لفناني الكاريكاتير.

    أما الآن وبسبب وجود الصحافة الإلكترونية فقد أصبح أمام الفنان هامش أكبر للمناورة والنشر، ولكن تبقى الصحافة الورقية هي المجال الحيوي الأول لفن الكاريكاتير وخاصة في ظل وجود الأمية العادية فكيف بالأمية الإلكترونية.

  • تناولت في الرسالة عدداً من تجارب فناني الكاريكاتير العرب ودورهم في نشر القضايا العربية وحقوق الإنسان؟
  • ** في سياق الرسالة تناولت أغلب الفنانين العرب، ولكن بالدراسة الموسعة اخترت ثماني فنانين تناولت فيها تجربتهم الفنية، أولهم "ناجي العلي" الذي يعتبر مثالاً للتضحية بالنفس والالتزام بقضية العرب المركزية" فلسطين المحتلة"، ومن المغرب الفنان الجزائري "رشيد قاسي" الذي دافع عن حقوق المرأة فوصل إلى العالمية في هذا الموضوع، ومن العراق توقفت مع تجربة الفنان العراقي الراحل المبدع "مؤيد نعمة" الذي دافع عن حقوق الإنسان العربي عامة والعراقي خاصة، ومن ليبيا كان الفنان الكبير "محمد الزواوي" الذي يعتبر بحق الأب الروحي لفن الكاريكاتير في ليبيا، ويتميز برسومه المليئة بالتفاصيل الكثيرة والجميلة وقد تميز بالطابع المحلي وهموم الإنسان الليبي، ومن سورية تطرقت إلى تجربتي الفنانين "ممتاز البحرة" من خلال دفاعه عن حقوق الطفل والإنسان العربي السوري، ومسيرة "عبد الهادي الشماع" الطويلة في الصحافة المحلية .

  • ماهي أبرز النتائج التي توصلت إليها في بحثك؟
  • ** على صعيد المواضيع التي تناولتها وجدت أن كل الفنانين العرب تناولوا في رسوماتهم حقوق الشعب العربي الفلسطيني، فكانت قضية إجماع لديهم وهذا شيء طبيعي لأنها قضية إنسانية عادلة، إضافة إلى مهاجمتهم السياسة الإسرائيلية والأمريكية التي تدعمها، وعلى الصعيد المحلي العربي تناول أغلب الفنانين الهموم المعيشية اليومية ومفرزاتها كالبطالة والروتين والفساد، أما نقاط الاختلاف بين الفنانين فتركزت في أن حقوق المرأة والطفل تراوحت لدى الفنانين بين الإهمال والتقصير، وهذا طبيعي لأن الوطن العربي عاش ظروفاً سياسية واجتماعية أثرت على مختلف الفنون ومنها الكاريكاتير، أما الأمر الثاني فكان الاختلاف في تناول القضايا الدينية.

    *لكن ماذا عن الصعوبات التي واجهتك خلال فترة البحث؟

    أعتقد أن نقص المراجع الاختصاصية كانت أبرزها، فقد كان من الصعوبة بمكان إيجاد كتاب نقد فني في فن الكاريكاتير، أما المراجع المتعلقة بالفنانين في المغرب العربي فكانت من الأشياء النادرة.

  • متى بدأت الاهتمام بالكاريكاتير؟
  • ** منذ الطفولة، فقد كنت أبحث في الصحف التي كان يجلبها والدي عن الكاريكاتير، و تطورت هذه الهواية في سنوات الدراسة الجامعية في كلية الفنون الجميلة من خلال محاولتي مسك مفاتيح هذا الفن، وتوظيفه في الأعمال الغرافيكية الإعلانية التي كنت أنفذها، وتطور الأمر كأسلوب أنفذ فيه حملات الملصقات ذات الأهداف الإنسانية، لأنني وجدته ملبياً لحاجات وأهداف هذه الحملات من ناحية إيصال الرسالة بشكل سلس وإلى مختلف شرائح المجتمع، والأهم أنني اخترته كموضوع لرسالة الماجستير.

  • لكن ما هو وضع الكاريكاتير الآن؟
  • الحقيقة أن دراستي بالبحث كانت حتى عام 2000 فقط، وأتمنى عودة الفنانين الكبار الذي تقاعدوا إلى العمل كما أتمنى على كل البلاد العربية دعم حق حرية الرأي والتعبير بتشريعات أقوى، وتغيير التشريعات القديمة ليمارس الكاريكاتير دوره بشكل أكبر وأفضل.

  • برأيك هل للألوان دور أساسي في فن الكاريكاتير؟
  • ** تاريخياً فن الكاريكاتير ليس فقط فن المفارقات، فهو أيضاً فن الأبيض والأسود، وعدم وجود الألوان لا ينتقص أبداً من قوة رسالة الكاريكاتير وجماله الفني، حتى أن البعض اعتبر الكاريكاتير بالأبيض والأسود الشكل الأمثل، لأنه أقوى وأكثر اختصاراً، كما أن ثنائية الأبيض والأسود تحمل دلالات رمزية تعبيرية قوية للمتلقي، وخير مثال على ذلك رسومات "ناجي العلي" بالأبيض والأسود التي لم تحتج يوماً للتلوين.

    لكن مع تطور الصحافة ودخول الصحافة الإلكترونية أصبحت هناك حاجة للتلوين، مع التأكيد على ضرورة التمييز بين التلوين السطحي (تلوين بليد) الذي يسيء للرسالة، وبالمقابل نجد أن بعض الألوان تضيف جمالاً للكاريكاتير وهو ما نراه في أعمال الفنان "عبد الهادي شماع".

    بطاقة شخصية:

    "ريم منذر" من مواليد جرمانا دمشق، خريجة فنون جميلة قسم الاتصالات البصرية، الأولى على الدفعة/ 2002/

  • حصلت على شهادة الدراسات العليا/ 2004/.

  • حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز عام/ 2008 /.

  • حائزة على جائزة الشهيد باسل للتفوق العلمي مرتين.