داعبت الأنامل تفاصيل الآلة وعانقت أوتارها حتى فاضت علينا بنظرات تأمل شكلت باجتماعها كتلة موسيقية تكثف الأصالة الشرقية بهمسات متجددة، لامست طاقات كامنة خرجت تعلن عن نفسها ضمن حيز بقي مشدوداً يتابع حتى النهاية.

رغم عمرها القصير نسبياً وامتهانها للإبداع الموسيقي حاولت فرقة "نوى" بقيادة العازف السوري "مسلم رحال" أن تحجز لنفسها مساحة خاصة وأسلوب عمل متميزاً تحت قبة التراث السوري.

رغم قلة عدد البروفات لهذه الأمسية، إلا أننا استطعنا أن نحقق توليفة رائعة استحوذت على اهتمام الحضور بالمواضيع الموسيقية المقدمة

فريق eSyria التقى عازف الناي "مسلم رحال" في حديقة "القشلة" ضمن تظاهرة "موسيقا على الطريق" بتاريخ 11/11/2010 ليحدثنا عن الفرقة حيث قال: «أسست فرقة "نوى" منذ حوالي السنتين، معتمدة على خمسة عازفين رئيسيين، محاولين عزف مقطوعات من التراث السوري إضافة إلى مؤلفات خاصة من وحي هذا التراث بآلات شرقية وبأسلوب وطريقة طرح خاصة».

فرقة نوى

عزفت الفرقة تسع مقطوعات موسيقية أخذ الناي فيها مكانة خاصة، إضافة إلى توليفات موسيقية بين الغيتار وآلة السالز، وعن ذلك تابع "رحال" حديثه: «أغلب المقطوعات الموسيقية التي عزفناها من تأليفي، يضاف إلى ذلك بعض المقطوعات المستمدة من تراثنا الساحلي وتراث الجزيرة بطريقة عزف مختلفة تعتمد على رؤية موسيقية بآلات شرقية وأسلوب يبتعد عن الإيقاع البطيء والثقيل».

عزفت"نوى" في بداية الأمسية مقطوعة "حيرة" من تأليف "مسلم رحال"، واختتمت بـ"من وحي الشمال" وخاضت بين هاتين المقطوعتين تفاصيل موسيقية أوجزت العلاقة الوثيقة بين إبداع العازف وتكنيك الآلة مقدمة "شاوية" و"كافوكي" و"اللالا".

البزق

كما أوضح لنا "رحال" هدف الفرقة الأساسي ألا وهو إمتاع الجمهور الذي يأتي من استمتاع العازف بالمقطوعة الموسيقية، لتشكل الفرقة دعوة مفتوحة لكل متذوقي الموسيقا لخوض تجربة تأمل بطقسية لحنية.

وحدثنا "علي شاكر" عازف السالز وأحد أعضاء الفرقة: «رغم قلة عدد البروفات لهذه الأمسية، إلا أننا استطعنا أن نحقق توليفة رائعة استحوذت على اهتمام الحضور بالمواضيع الموسيقية المقدمة».

من الحضور

أما "ميمون رحال" عازف الإيقاع فقال: «تعتبر هذه الأمسية من أولى مشاركاتي مع فرقة نوى التي استطعنا من خلالها تحسس ذائقة الجمهور وتقديم الراقي والممتع لهم من مؤلفات خاصة وتراثية».

وقال "محمد العبد الله" أحد الحضور: «رغم متابعتي للعديد من حفلات "موسيقا على الطريق"، إلا أن هذه الأمسية كانت المفضلة عندي، فاستمتعت كثيراً بصوت الناي الذي أجاد "مسلم رحال" التحدث فيه بلغة موسيقية مميزة، وأنا أتمنى لهذه الفرقة السورية أن تستمر لتكون مصدر فخر لنا، واللافت في هذه الأمسية التفاعل الكبير بين الحضور وأعضاء الفرقة، حتى إنهم طلبوا إعادة تقديم بعض المقطوعات مرة أخرى».

أما "تامر بحري" فقال: «التنوع في المواضيع المقدمة خلال هذه الأمسية هو ما لفت انتباهي، فمن التراث الساحلي إلى تراث الشمال لندخل مع آلة السالز إلى الأسلوب التركي، لتحقق فرقة "نوى" تمازجاً رائعاً بين حضارات المنطقة عبر أسلوب العزف المميز على الآلات الشرقية».

يذكر أن جمعية "صدى" الثقافية الموسيقية كانت قد أطلقت مشروع "موسيقا على الطريق" كجزء من فعاليات "دمشق" عاصمة الثقافة عام 2008، ليستمر هذا المشروع بدعم وتمويل محافظة دمشق وذلك ضمن خطة المحافظة في دعم المواهب الموسيقية الشابة، وتعريف الجمهور السوري على أنماط موسيقية جديدة ومحدثة، ويعتمد المشروع على إقامة أمسيات في أماكن تواجد الناس اليومية، بعيداً عن جدران قاعات الحفلات الموسيقية ورسمياتها، وبالتالي المساهمة في إعادة فكرة ربط الموسيقا الجادة بالحياة بطريقة مباشرة وحية، كما ضم المشروع برنامج "يحكى في سورية"، الذي يسلط الضوء على اللغات الحية والمحكية في سورية والإضاءة على تراثها الموسيقي من خلال أمسيات غنائية جماعية وفردية، كأمسية التراث السرياني والتراث الأرمني والآرامي والآشوري والكردي.