يفتتح في الساعة السادسة من مساء 10/11/2010 في غاليري "آرت هاوس" معرض تشكيلي خاص للفنان السوري "ياسر حمود"، الفنان الذي كانت والدته أول من اشعلت فيه شعلة فنية دفعته للدخول إلى عالم التشكيل والرسم، ولعل تلك القصيدة التي كتبها عنها كانت خير بداية ليعلن عن دخوله إلى كلية الفنون الجميلة بدمشق، ويخوض الإبحار والغوص في اللون والطبيعة.

إنه "ياسر حمود" الذي بصراحته المعتادة مدّ تأثرنا بالفن الغربي لعقود طويلة، فيقول إن "كرينوار، ومودلياني، وكوشكا" مدّوا إليه تلك الجرعات الفنية الاحترافية بقيّم احترافية.

كنت أعمل على جسد المرأة من خلال علاقته بمفهوم الأرض وتقديمه بهذه المقاربة وتخليصه من بعد المادي ليكون حالة أقرب إلى طهر العطاء، وفي مرحلة ما بعد منتصف التسعينيات كانت الأسئلة تزداد صعوبة ونحن نعيش في منطقة من العالم تشهد الكثير من التحولات، ومن هذه الأسئلة كان الموت هو السؤال الأبرز، والفن هو السبيل إلى منح مبررات للحياة، لذا كتبت إحدى القصائد والتي أقول بها "بالفن أقتل الموت"

كما أن المرأة احتلت مساحات كبيرة من لوحات "حمود"، فتموّجت بتموج الألوان لتستقر أخيراً على كفي اللوحة تطرح لنا قيماً جمالية عديدة، عن المرأة في لوحاته يقول: «كنت أعمل على جسد المرأة من خلال علاقته بمفهوم الأرض وتقديمه بهذه المقاربة وتخليصه من بعد المادي ليكون حالة أقرب إلى طهر العطاء، وفي مرحلة ما بعد منتصف التسعينيات كانت الأسئلة تزداد صعوبة ونحن نعيش في منطقة من العالم تشهد الكثير من التحولات، ومن هذه الأسئلة كان الموت هو السؤال الأبرز، والفن هو السبيل إلى منح مبررات للحياة، لذا كتبت إحدى القصائد والتي أقول بها "بالفن أقتل الموت"».

المرأة في لوحات حمود

ثم يتطرق "حمود" إلى الموسيقا وأثرها على لوحته من خلال استعراض المفارقات بين "باخ" كمعادل رياضي حسابي، وموتزارت كقابض على لحظة الإبداع، واعتبر أن الموسيقا كحال هي تدريب للروح تساعد في منح العمل بعداً زمنياً.

الموسيقا في أعماله تمنحه بعداً زمنياً أعمق للخوص في العمل واللون، وعن ذلك يقول: «الاستغراق والتأمل في الطبيعة يجعل الفنان يصل إلى ذاته عارياً، فيرى ببصره وبصيرته معنى للحركة والسكون، يسمع صوت الزهور، ويرى لون الريح المقبلة مع موج البحر، ويشتم رائحة اللون الأصفر في الحصاد، ويقرأ التاريخ في لون الصحراء، فيلامس عندها ما لا يستطيع الإنسان العادي ملامسته، وبعد هذا الاقتراب الشديد من مفردات الطبيعة، أو لنقل سبر أعماقها، لا أظن أنني سأرسمها كما يراها الجميع، لأنها في حالة كهذه تكون قد امتزجت مع ذاتي، بمعنى أن ما أرسمه قد يشبه الأشياء ولكن ليست هي، فالمرأة على سبيل المثال تمتلك قواماً كدخان البخور المحترق، ترسم أشكالها فرشاة تلامس حدود الروح، فوق قماشة تعشق الرقص، فالنفس الزرقاء خرجت من محارتي كاللؤلؤة، ذلك لأن الحسن لا يطيق مخبأه».

ألوان ياسر حمود

إنه صاحب أكبر لوحة جدارية في سورية هي "بانوراما دمشق الأسد" الرابضة بمهابة في مدخل "دمشق" الشمالي، وهي منفذة من المشقفات الرخامية الملونة، طول اللوحة 35 متراً وعرضها 11.5 متراً وقد استهلكت 1610 قطع رخامية وطنية مشغولة بطريقة فنية خاصة. مزج بين المرأة والطبيعة ليخلق لنا لوحة تعبيرية تجريدية وعن تلك التقسيمات اللونية والخطية يقول: «بين التحليق مع مفردات الطبيعة والخوض في القضايا الحياتية وسبر أعماق الإنسان، وبين ما تراه العين وما يدركه العقل من معرفة ممزوجة بإنسانيتي، ولدت جدلية بحثي الجديد، فكيف يكون شكل الإنسان بعد نقطة التلاشي؟ ما هو لون الطفولة وما لون حديث أبي؟ كيف يكون وجه أمي الأرض؟ كيف تلون الصحراء وجه امرأة وحيدة؟ كيف سيكون شكل التراب الذي أريد أن أزرع فيه وردتي؟ كيف استطيع ملامسة الضوء المنثور على جسد عار؟ كيف ترسم الريح الخضراء وجه بعل؟».

ما الأرض والإنسان إلا معادلتان واسعتان ينشر فوقهما "حمود" ألوانه ليبدأ جولته البحثية فيهما، وليفرشهما حباً وجمالاً، كل ذلك يبدأ بأول ضربة لونٍ، ضربة ملأى بالانتماء للأرض والوطن.

وفي لقاء خاص مع الفنان التشكيلي "صفوان داحول" قدم لنا شهادته عن الفنان "ياسر حمود"، بالقول: «معرفتي بـ"ياسر حمود" هي معرفة وذاكرة قديمة، وربما يمكنني الحديث عن التجربة من بداياتها التي تعود إلى كلية الفنون الجميلة في عام 1984 حين كان في السنة الأولى لا تزال لوحته في ذاكرتي حين كنّا في معسكر إنتاجي وقلت وقتها إن هذا الرجل سيكون رساماً مهماً، لكن الذي حدث أنه اختار الديكور الذي أخذه مدة من الزمن، لكن الحس الفني دائماً يعود إلى الفنان، ثم رأيناه في رسمه القوي بـ"الكروكة" والذي كنت أحبه كثيراً، فهناك قوة في حركة القلم الواضح والصريح، وتدرج للواقعية التي كان فيها شيء من التعبيرية القاسية قليلاً، إلى الفترة الأخيرة التي يعتمد فيها اعتماداً كاملاً على اللون.

المتعة في أعمال "ياسر" أصبحت تشاهد في التعبيرية الواضحة بلونه الصريح وأحياناً نجدها بعدة ألوان، وهي تقوم بطقس معين في العلاقات اللونية، وما أعلمه أنه في الآونة الأخيرة هناك عودة إلى الحالة الواقعية التعبيرية وأتمنى أن تشاهد قريباً في معارض لاحقة، لأنها لن تكون موجودة في معرضه القادم، الجميل أن هناك اتجاهات في سورية تشهد غلياناً عند الفنانين والتي تدل على حالة من العافية في المشهد التشكيلي السوري، والأهم في تجربة ياسر هو هذا الهم الذي يلاحقه والذي يصنع منه لوحاته التي تكون بحلة جديدة ولون جديد وحالة جديدة، فهناك عند "ياسر" حالة قلق يلاحقها في أعماله وكتاباته التي لم تقرأ بعد والتي أتمنى نشرها».

أما الفنان "أكثم عبد الحميد" فأتت شهادته على النحو التالي: «أعتبر الفنان "ياسر حمود" فنانا موهوبا وذكيا، لأنه خلال زمن قصير استطاع أن يحدد له مساحة فنية ويرسم ملامح هذه الشخصية بأسرع ما يمكن، صحيح أن إنتاجه قليل لكنه عبّر عن شخصية "ياسر" من خلال الشكل واللون، فهو متريث ويفكر كثيراً قبل العمل، لذلك العمل الفني يخرج من بين يديه مدروساً وأنيقاً، ويقدم صورة جميلة عن طروحاته، أعتبره فناناً موهوباً وقادرا على أن يجيد اللعبة التشكيلية بشكل جيد، ويجيد متى ينتهي من التشكيل في اللوحة ومتى ينهي هذا الأمر بصيغة جمالية مقنعة، وأنا أحببت التجريد من خلال أعماله».

من الجدير بالذكر أن الفنان "ياسر حمود" ولد في "طرطوس"، 1963

تخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق، قسم العمارة الداخلية، 1987

شارك في العديد من المعارض الجماعية للفنانين السوريين بين عامي 1986 و2002، نظم وشارك في معرض الأصيل في "دمشق واللاذقية" لعامي 1991 و1992، صمّم ونفذ بانوراما مدخل "دمشق" الشمالي، بين عامي 1990 و1993، معرض شخصي في صالة بلدنا بعمان، "الأردن"، 1994.

معرض شخصي في صالة السيد بدمشق، 1996، صمّم المدخل الشرقي لمدينة "اللاذقية"، 1997، صمّم جداريات محور وعقدة الكرة الأرضية بحلب، 1998، صمّم ضريح القائد الخالد "حافظ الأسد" بالقرداحة، وأشرف على تنفيذه.

معرض شخصي "حوار التجليات" في صالة "السيد" بدمشق، 2003، معرض شخصي "إشراقات" في صالة "آرت هاوس" بدمشق، 2008، أعماله مقتناة ضمن مجموعات خاصة.

  • الصور من موقع "اكتشف سورية".