على أرض مدينة المعارض القديمة في قلب "دمشق"، بمشاركة واحدٍ وعشرين نحاتاً من ثلاثة عشر دولة هي: "البيرو، الأرجنتين، كوبا، الدنمارك، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بولندا، بلغاريا، اليونان، تركيا، سورية، واليابان"... اختتم "ملتقى دمشق الدولي للنحت" فعالياته صباح يوم السبت 19/12/2009.

وستأخذ المنحوتات الضخمة التي تم تنفيذها على الحجر التدمري مكانها في ساحات "دمشق" بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على اختتام الملتقى، حيث ستكون أرض مدينة المعارض القديمة خلال هذه الفترة معرضاً مفتوحاً أمام الزوّار لمنحوتاتٍ تحمل توقيع أسماءٍ مهمة في فن النحت على مستوى العالم.

إن ما تم إنجازه في "ملتقى دمشق الدولي للنحت" أكبر دليل على نجاح هذه التجربة

وخلال حفل الختام قدّم النحّات "مصطفى علي" منحوتاتٍ تذكارية من تصميمه وشهادات تكريم لكل النحاتين المشاركين في الملتقى الذي تولت مؤسسته تنظيمه بدعمٍ مالي ولوجستي كامل من "محافظة دمشق"، وبمساعدة فريق من المتطوعين.

منحوتة مصطفى علي

وسادت الحفل أجواء حميمية عبّر من خلالها النحاتون عن سعادتهم بالمشاركة في هذا الملتقى الذي أجمعوا على تميّزه وحسن تنظيمه، وامتنانهم للفرصة التي أتاحها لهم في التعرف على حضارة سورية بتأثيراتها المختلفة، خاصةً من خلال الجولات التي نظمتها لهم "محافظة دمشق" في المدينة القديمة، و"تدمر"، و"السويداء".

موقع eSyria التقى بالنحات "مصطفى علي" الذي عبّر لنا عن ارتياحه للنتائج المهمة التي تم تحقيقها في "ملتقى دمشق الدولي للنحت"، وقال أن كل شيء تم على أحسن وجه وبسرعةٍ مذهلة قياساً بالمدة الزمنية التي يستغرقها تنظيم ملتقياتٍ مماثلة، وقدّم شكره لكلٍ من "د. بشر الصبّان" محافظ "دمشق"، وفريق العمل في المحافظة الذي كان له الدور الأكبر في نجاح الملتقى، وأضاف: «بفضل جهود الجميع نحن الآن أمام معرضٍٍ عالمي لمنحوتاتٍ متميزةٍ جداً، وأكثر ما حققه هذا الملتقى هو متعة العين، وهذا ما لاحظناه من تدفق الزوّار على أرض مدينة المعارض القديمة طوال الأيام الماضية، وأتوقع المزيد من الزوّار خلال فترة المعرض قبل أن تأخذ هذه المنحوتات أمكنتها النهائية في ساحات "دمشق" لأجيالٍ قادمة».

مصطفى علي أثناء عمله في الملتقى

كما أعرب عن سعادته بحسن اختيار الخامات الحجرية للمنحوتات قائلاً: «اخترنا أفضل أنواع الحجر القاسي الذي بنيت منه مدينة "تدمر" العظيمة، ووفقنا في ذلك بشهادة النحاتين المشاركين الذين أجمعوا على جودة هذا الحجر، وبأنه مناسب لمناخنا وبيئتنا».

"مصطفى علي" كان أيضاً من بين النحاتين المشاركين في الملتقى، ومنحوتته هي عبارة عن "غيمة، وجبل"، وعن ذلك قال: «هذه المنحوتة هي عبارة عن تضرّع وصلاة ليعّم الخير بلادنا، وعند اكتمال شكلها تذكّرت مقطعاً من الشعر قلته ذات مرّة: ماذا تفعل الغيوم على رؤوس الجبال، بينما الخشونة تعانق طراوة الجذر؟، إنه الاحتكاك بين نعومة الفكرة، وخشونة السطح، وعنه تتولد الحياة».

معن حرويل

وأخبرنا "علي" بأن هذا الملتقى ليس إلا البداية لسلسة ملتقياتٍ قادمة سيشترك في تنظيمها مع "محافظة دمشق"، حيث ستشهد بداية العام 2010 ولادة أول ملتقى سوري للنحت يجمع بين جيل الشباب، وجيل النحاتين السوريين الكبار، وتوّقع أن يشهد هذا الملتقى حواراً استثنائياً بين جيلين يستفيد فيه الشباب من خبرة الكبار، والكبار من جرأة الشباب في التجريب.

وأكـّد السيد "نادر بعيره" ممثل "محافظة دمشق" لموقع eSyria على ما قاله النحات "مصطفى علي" حول فكرة استمرارية الملتقيات النحتية التي ستتم إقامتها في "دمشق" خلال العام 2010، وأضاف بأن المحافظة تدرس حالياً أكثر من فكرة منها إقامة ملتقى للنحاتين السوريين الشباب، وآخر دولي باستخدام خامات وتقنياتٍ متنوعة كالزجاج والمعدن والخشب، إلى جانب المنحوتات الحجرية الضخمة التي تحتاج ساحات المدينة وشوارعها المزيد منها، كما أخبرنا بأن المحافظة بصدد تخصيص قطعة أرض على أطراف "دمشق" تزيد مساحتها على ثلاثة دونمات لتكون ورشة عمل دائمة للنحت، وتوّقع أن تقدّم هذه الورشة للمدينة على مدى أجيال منحوتاتٍ تتلاءم مع مكانتها التاريخية والثقافية.

وختمنا لقاءاتنا في آخر أيام "ملتقى دمشق الدولي للنحت" مع السيد "معن حرويل" المسؤول الإداري عن الملتقى، والذي أشرف على فريقٍ تطوعـّي من سورية، إيطاليا، وأمريكا، حيث لعب هذا الفريق دور صلة الوصل بين الجهتين المنظمتين: "مؤسسة النحات مصطفى علي" ممثلةً للقطاع الخاص، و"محافظة دمشق" الجهة الحكومية الداعمة للملتقى، واعتبر "معن" هذه التجربة من التجارب الرائدة التي ينبغي تكرارها على المستوى التنظيمي للعديد من الأنشطة في سورية، لاسيما الثقافية منها، وقال: «إن ما تم إنجازه في "ملتقى دمشق الدولي للنحت" أكبر دليل على نجاح هذه التجربة».

وأشاد على نحو خاص بجهود المتطوعين وما قدموه من الخدمات الإدارية، والترجمة، وتلبية احتياجات النحـّاتين المشاركين، كما أثنى على دور وسائل الإعلام السورية التي أثبتت فعاليتها في تغطية هذا النوع من الأحداث الثقافية، حيث كانت مصدر الخبر الأساسي عن فعاليات الملتقى، الأمر الذي ساهم في تدفـّق الزوار على أرض مدينة المعارض القديمة على نحوٍ فاق التوقعات، وأشاع جواً من الحماس والإيجابية بين النحـّاتين المشاركين، وختم "معن حرويل" بالقول: «نحن سعداء جداً بالنتائج التي حققناها، وهذا ما أجمع عليه النحاتون المشاركون، وأذكر هنا ما قاله النحات الفرنسي "نيكولاي فليسنغ" بأن "ملتقى دمشق الدولي للنحت" هو الملتقى النحتي الثالث والستون الذي يشارك فيه على مستوى العالم، واعتبره من أفضل الملتقيات التي شارك بها. هذه الأعمال دخلت التاريخ اعتباراً من اليوم، وربما ستبقى لآلاف السنين شاهدة على الازدهار الثقافي التي تشهده سورية هذه الأيام».

بقي أن نذكر أسماء النحاتين المشاركين، وهم: "خورخي روميو أوسكار– الأرجنتين، توماس لارا فرانخيس- كوبا، ميلتون ريفيرا- البيرو، باول بايكوج- الدانمرك، نيكولا فليسيغ– فرنسا، فيرنا ماير تاتش، أورليش مولر، كريستوفر تراوب- ألمانيا، كامن تاتف، بيتر بيتروف– بلغاريا، أنتونياس ميرودياس- اليونان، بيير جورجيو بالوكي، فرانشيسكو كريموني- إيطاليا، دومينكا غريسغربر- بولندا، أيلا توران، سونغول تلك- تركيا، ويوشين أوغاتا من اليابان"، ومن سورية: "بطرس ولطفي الرمحين، أكثم عبد الحميد، ومصطفى علي".