في مدينة "حلب" عدد من الحارات القديمة المحيطة بمجرى "نهر قويق" تحمل أسماء الجسور القديمة التي كانت قبل قرون من الزمن الممرات الأساسية لأطراف المدينة...

مدونة وطن "eSyria" التقت الجد "موسى حمو" من منطقة "عفرين"، بتاريخ 8 شباط 2014، الذي تحدث عن جسور المدينة، ويقول: «من المعروف عن مدينة "حلب" القديمة الواقعة داخل الأسوار أن "نهر قويق" كان يمر في طرفها الغربي قبل أن تتوسع مع الزمن، والمناطق المحيطة بمجرى النهر كانت عبارة عن بساتين وحقول زراعية، وهذا الواقع فرض على السكان والحكام المحليين العمل على إقامة عدد من الجسور لينتقلوا عبرها من مدينتهم إلى تلك البساتين والحقول للزراعة والتنزه، وقد كانت تلك الجسور في البداية من عمل أهالي المنطقة، فكانت خشبية وضيقة ومع مرور الزمن قامت الحكومات المحلية أيام العثمانيين والفرنسيين ببناء عدد من هذه الجسور من الحجارة وذات قناطر لتكون أكثر متانة وقوة ومقاومة لفيضان النهر».

من هذه الجسور التي أذكرها أو سمعت عنها "جسر الصيرفي" وكان يقع بين حيي "الميدان"، و"الشيخ مقصود"، و"جسر السلاحف" في "باب الجنين"، و"جسر الحج" في الطرف الجنوبي من المدينة؛ وهو المكان الذي كان يتجمع فيه الناس لتوديع واستقبال حجاج بيت الله الحرام، و"جسر المعزة" وكان في منطقة "محطة بغداد"

وأضاف: «من هذه الجسور التي أذكرها أو سمعت عنها "جسر الصيرفي" وكان يقع بين حيي "الميدان"، و"الشيخ مقصود"، و"جسر السلاحف" في "باب الجنين"، و"جسر الحج" في الطرف الجنوبي من المدينة؛ وهو المكان الذي كان يتجمع فيه الناس لتوديع واستقبال حجاج بيت الله الحرام، و"جسر المعزة" وكان في منطقة "محطة بغداد"».

الجسر الجديد - كان يربط جادة الخندق بمحطة الشام

أما الدكتور "محمود حريتاني" المدير السابق لآثار ومتاحف "سورية" الشمالية، فيقول حول تلك الجسور: «توسعت مدينة "حلب" القديمة فانتشرت بعض الأحياء خارج أسوارها وبالقرب من أبوابها، وذلك في القرن السادس الميلادي وما بعده حتى بداية القرن الثالث عشر الميلادي، حيث نشأت ضواحي سكنية كبيرة شرق وشمال وغرب المدينة وبالقرب من "نهر قويق"، وقد كانت الجسور المتعددة وسيلة الانتقال بين المدينة وضواحيها عبر الخندق أو النهر، وكانت لها أسماء تميزها، وإذا استعرضنا تلك الأسماء اليوم نرى أنها أصبحت تطلق على الأحياء التي كانت تؤدي إلى تلك الجسور التي لم تعد موجودة اليوم، فقد تمت تغطية مجرى النهر ضمن المدينة تفادياً للتلوث وانتشار البعوض والأمراض».

ويتابع: «من هذه الجسور، "جسر السلاحف" الذي ورّث اسمه لحي "جسر السلاحف" الذي نشأ بين "باب الجنان"، و"باب إنطاكية" غربي "حي العقبة" على ضفة "نهر قويق"، وقد ذكر المؤرخ الحلبي "ابن الشحنة" في عام 1485م كثرة السلاحف في النهر ولهذا عُرف بهذا الاسم، وكانت البساتين تنتشر على ضفتي "نهر قويق" وتواكبه من دخوله مدينة "حلب" حتى خروجه منها، وأغلبها تُعرف بأسماء أصحابها ومنها "بستان الصيرفي" وإلى جانبه "جسر الصيرفي" الذي كان ضيقاً لا يتجاوز عرضه متراً ونصف المتر، وله حاجزان خشبيان، موقعه تحديداً بين "مختبرات القطن"، و"معمل العوارض"، أما اليوم فقد امتد العمران إلى المنطقة فبني فيها مسبح، وورشات مواد البناء، وفيها شارع للفيلات ومكان لدوائر القطن والزراعة ومختبراته».

جسر الناعورة - قرب حي الكتاب

ويضيف "حريتاني": «"جسر الناعورة" كان واقعاً إلى الغرب من "باب الفرج" مكان مقصف ومطعم "الشباب" حالياً وكانت إلى جانبه ناعورة، وأقيم الجسر لتأمين الاتصال بين ضفتي النهر؛ لهذا عُرفت المحلة بمحلة "جسر الناعورة"، وفي عام 1883م فُتح في المحلة "شارع الناعورة" العريض، وبنتيجة ذلك تم توسيع عرض الجسر عام 1893م، فأضيفت إليه قنطرتان، وحين دخل الفرنسيون "حلب" بدأت المدينة التوسع في محلة "بستان كل آب" فأصبح الجسر ضيقاً لحركة المرور الكثيفة لهذا عمد الفرنسيون إلى هدم الجسر القديم وبناء جسر حديث بالإسمنت المسلح بطول 18 متراً، وقد ضاعت معالم الجسر بعد تغطية مجرى النهر لتلافي التلوث وانتشار البعوض، أما "جسر المعزة" فيذكره الكثيرون من أهالي "حلب" إذ عبره سكان الجهات الشمالية والشمالية الغربية من المدينة خلال تنقلاتهم من أحيائهم الحديثة والبعيدة عن مركز المدينة، أو خلال نزهاتهم في الصيف إلى البساتين، ومكان الجسر اليوم قرب "جامع التوحيد" وتحديداً على الطريق الذي يربط الجامع و"جسر تشرين" قرب كنيسة "مار جرجس" الحديثة، وكان أصغر الجسور على "نهر قويق" فعرضه لم يكن يتجاوز المتر ونصف المتر ويقوم على قناطر قديمة، وعمل والي حلب "رائف باشا" على إصلاحه وتجديده بين عامي 1896م، و1900م، ولكن المصادر التاريخية لم تذكر شيئاً عن سبب تسميته بجسر "المعزة"، وحالياً يحمل موضوع مشروع تجميل ضخم باسم (تجميل المعزة –الصيرفي)».

الدكتور محمود حريتاني