يتميز بطعمه اللذيذ وفوائده الغذائية والصحية الجمّة، يستعمله السكان في "ريف حلب الشمالي" في إعداد العديد من الطبخات والأكلات، هو "البنجار"* الذي ينمو في الطبيعة الريفية.

مدونة وطن "eSyria" التقت في "عفرين" بتاريخ 16 تشرين الثاني 2014، العم "محمد جمو" وهو راعٍ فقال: «"البنجار" مصطلح شعبي شائع في منطقة "عفرين" بريف "حلب" الشمالي المقصود به مجموعة أنواع من الأعشاب والحشائش الطبيعية والبرية التي تنمو في الريف، تقطعها النسوة لاستعمالها في تحضير طبخاتهن اليومية خلال فصل الخريف».

"البنجار" مصطلح شعبي شائع في منطقة "عفرين" بريف "حلب" الشمالي المقصود به مجموعة أنواع من الأعشاب والحشائش الطبيعية والبرية التي تنمو في الريف، تقطعها النسوة لاستعمالها في تحضير طبخاتهن اليومية خلال فصل الخريف

وحول الحضور الاجتماعي لـ"البنجار" في حياة الناس قال: «إن نمو "البنجار" وظهوره نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف هو بشرى سارة وفرحة للمزارعين، لأن ذلك دليل على الهطول المبكر للأمطار في الخريف، ويسميه الناس في المنطقة "خريف الخير"، أما عدم نمو "البنجار" مبكراً فهو نذير شؤم لأن ذلك ينذر بمواسم ضعيفة، في عرف الفلاحين سيكون الموسم وفيراً في حال هطول مطر "خريف الخير"، ولكنهم دائماً متفائلون بذلك لاعتقادهم أن "أيلول ذنبو مبلول"، وبالمناسبة أيضاً تقول النسوة لبعضهن: "إذا هطل خريف الخير لا تحتاري شو بدك تطبخي، احملي كيسك وسكينتك واقطعي البنجار".

إعداد طبخة البنجار

مع الزمن اكتسب الناس الخبرة اللازمة للتعامل مع هذه الأعشاب، وذلك خلال رعي مواشيهم في السهول والجبال إذ تعرفوا أنواع هذه الأعشاب وفوائدها، والصالحة للأكل منها، من خلال مراقبة الماشية وهي ترعى، فإن شمت عشبة ما وأكلتها دون أن تتأذى فهذا يعني أنها غير سامة والعكس صحيح.

كما أطلقوا على كل عشبة اسماً خاصاً بها يميزها عن باقي الأعشاب من حيث النوع والشكل والطعم، فبعضها له أوراق شوكية وبعضها ذات طعم مر يتم تحليتها بغليها كثيراً بالماء وغير ذلك.

عشبة الكادرة السامة

ومع ذلك فإن الكثيرين من سكان المنطقة، وخاصة المعمّرين والمعمّرات، يطبخون أكلة يتميزون بها عن باقي المناطق، هي "حامضية الكاردة"، وذلك باستعمال عشبة "الكاردة" الخضراء السامة جداً؛ التي تؤدي إلى الوفاة حتماً إذا تناولها شخص وهي طازجة ودون طبخ، ولكن كبار السن تعلموا كيف يزيلون منها سمومها، وذلك من خلال غليها لساعات طويلة مع تغيير ماء الغلي عدة مرات، ومع ذلك فإن الكثيرين من أبناء الجيل الحالي يخافون تناولها حتى بعد طبخها».

العمة "وحيدة عمر" قالت: «طبخات "البنجار" هي الأكثر شيوعاً مع بداية فصل الخريف، وخاصة عندما يهطل مطر الخريف المبكر.. وأنواع "البنجار" كثيرة من أهمها وأكثرهاً نمواً في منطقة "عفرين" هو "التولك"، وله نوعان: "التولك العادي"، و"التولك ذات العيون السود"، و"درزة دانك"، و"خبز العصافير"، و"خبز الغراب"، و"جاقر"، و"كاربش"، و"خردل"، وغيرها.

طبخ الكاردة.. الطبخة التي تميز عفرين

ويطلق أهل الريف على الطبخات التي يستخدم فيها "البنجار" -بحسب المادة التي تضاف إليه- تسميات عدة، مثل: "البنجار بالبرغل"، و"البنجار المقلي"، وهما الطبختان المعروفتان في المنطقة.

لإعداد طبخة "البنجار بالبرغل" تفرم السيدة بصلة وتقليها بالزيت قبل إضافة "البنجار" إليها، مع إضافة رشات من الملح والفليفلة المطحونة ومن ثم البرغل، بعدها تقوم السيدة بإغلاق غطاء إناء الطبخ وذلك حتى تستوي الطبخة.

ويتم إعداد "البنجار المقلي" بقلي بصلة مفرومة بالزيت حتى الاحمرار، ومن ثم إضافة رشات من الملح والفليفلة المطحونة، وأخيراً "البنجار" بعد فرمه جيداً وقليه حتى تستوي الطبخة.

بجانب الطبختين يتناول السكان لبن العيران ومخلل الفليفلة الحار، اللذين يضفيان عليهما مزيداً من النكهة واللذة».

وختمت: «أكلة "البنجار" مفيدة جداً لصحة الإنسان، فهي غنية بالفيتامينات والحديد، وخلال زيارتي قبل عامين للطبيب نصحني بتناول "البنجار" أو "البقدونس" لأنني كنت أشكو حينها من نقص مادة "الحديد"، وبعد أن قمت بتناوله شعرت بتحسن ملحوظ، ولأهمية "البنجار" الغذائي والصحي تقوم معظم السيدات في الريف بالاعتماد على "البنجار البلدي" من خلال زراعته في "حواكير" خاصة بعد شراء بذوره من الأسواق، وخاصة "التولك". وأخيراً، أود أن أنصح السيدات وربات المنازل بطبخ "البنجار" بزيت الزيتون الذي لا يضر بالصحة».

  • "البنجار": كلمة كردية معناها "الخبازة" بالعربية.