يستخدم "الحصرم" سواء أكان عصيراً أم حباً، طازجاً أم محفوظاً في إعداد أكلات حلبية خاصة، وكذلك دواء لمعالجة بعض الأمراض الشائعة في فصل الشتاء.

العمة "مولودة خالد" من "عفرين" بريف "حلب" الشمالي تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 21 تموز 2014 بالقول: «يوم عصر "الحصرم" وحفظه وتموينه من المناسبات الاجتماعية القديمة عند النسوة الحلبيات إذ يجتمعن في إحدى البيوت ويتساعدن في إنجاز هذا العمل السنوي.

"حلب" معروفة باستعمال واستهلاك "عصير الحصرم" وبكميات كبيرة؛ لذا تقوم النساء الحلبيات في شهر حزيران من كل عام بتحضيره وحفظه في مطابخهن لاستعماله على مدار العام، وفي مثل هذه الأيام من كل عام يمتلئ "سوق الهال" الزراعي بمحصول الريفيين من محصول "الحصرم"

في هذا اليوم تقوم النسوة ومنذ الصباح الباكر بجني محصول "الحصرم" وغسله جيداً وإزالة القش والحبات التالفة منه، ثم تجميعها في "طشت" والبدء بعملية العصر بواسطة مطرقة حجرية أو خشبية خاصة، بعدها تقوم السيدة بتصفية العصير بتمريره من خلال قطعة قماشية وتركه يوماً واحداً حتى تستقر الشوائب في القاع، ثم تقوم بوضع العصير في "قطرميزات" أو قوارير زجاجية وإغلاقها بإحكام بعد وضع قليل من الزيت فيه لمنعه من الفساد والتعفن.

ترك العصير فترة حتى يرقد

أما حبات "الحصرم" الخضراء التي تتميز بطعمها الشديد الحموضة، فيتم حفظها ضمن قوارير زجاجية بعد إضافة الماء المالح إليها ليتم تناولها خلال فصل الشتاء إلى جانب أكلات "البرغل" المعروفة في الريف الشمالي، وكذلك في إعداد مختلف أنواع السلطات والأكلات التي تُغلى بالحامض مثل: "المحشي"، و"حامضية البيض"، وغيرها».

وأضافت: «في مجال الطب الشعبي فإن أهل الريف تعرفوا على فوائد "الحصرم" وعصيره وشرابه نتيجة خبرتهم الطويلة في استعماله، وفي مقدمة الأمراض التي تعالج بعصير "الحصرم" الزكام وهو من الأمراض الشائعة في فصل الشتاء، ومن المعتقدات الشعبية الشائعة فإن "الحصرم" يغسل الأمعاء والمعدة، وينقي الدم من الجراثيم، ولذلك يتم تناول حباته طازجة بعد غسلها جيداً ورش قليل من الملح عليها ومن ثم وضعها في إناء وتحريكها بقوة عدة دقائق ومن ثم تناولها».

"اليبرق" الحلبي الذي يستخدم عصير الحصرم في تحضيره

وختمت: «أما "شراب الحصرم" فهو من المشروبات الطبيعية الشائعة في الريف، ويتم تحضيره بإضافة كمية مناسبة من السكر إلى "عصير الحصرم" وغليه على نار الحطب حتى يصبح قوامه سميكاً ومركّزاً، ومن ثم حفظ المشروب في المطابخ كأشهى أنواع المشروبات وألذها وخاصة خلال فصل الصيف؛ حيث تضاف إليه مكعبات الثلج ويقدم للضيوف بدلاً من الشاي والقهوة لأن الريفيين لا يفضلونهما كثيراً».

وحول استعمالات "الحصرم" وعصيره في "حلب" المدينة تحدثت لنا السيدة "نظمية عمر" من حي "الأشرفية" بالقول: «"حلب" معروفة باستعمال واستهلاك "عصير الحصرم" وبكميات كبيرة؛ لذا تقوم النساء الحلبيات في شهر حزيران من كل عام بتحضيره وحفظه في مطابخهن لاستعماله على مدار العام، وفي مثل هذه الأيام من كل عام يمتلئ "سوق الهال" الزراعي بمحصول الريفيين من محصول "الحصرم"».

السيدة مولودة خالد

وأضافت: «لأهل "حلب" مزاج خاص في التمتع بالهواء المنعش صيفاً؛ حيث يخرجون للتنزه والاصطياف في المنتزهات والغابات القريبة، ومن أهم مستلزماتهم الغذائية في تلك الرحلات "عصير الحصرم" الذي يستعملونه في إعداد السلطات بمختلف أنواعها، وفي تحضير طبخات "المحاشي" و"اليبرق الحلبي" و"العدس بحامض" و"التبولة" وغيرها، ولكن أهم وأقدم أكلة حلبية يُستعمل في إعدادها "عصير الحصرم" هي "الزريقة".

يتم تحضير "الزريقة" بإضافة الثوم المدقوق المملّح إلى "عصير الحصرم" مع رشة من النعنع اليابس المطحون وبضع قطرات من زيت الزيتون، ومن ثم فت الخبز اليابس فيه قبل تناوله، و"الزريقة" أكلة لذيذة ومعروفة بـ"حلب"، وهي من أكلاتها الخاصة التي تتميز بها.

"عصير الحصرم" له فوائد غذائية وصحية عديدة فهو عصير طبيعي 100%، ولذلك تستخدمه النسوة الحلبيات منذ القدم، وعلى الرغم من ظهور مادة ملح الليمون في الأسواق، إلا أن الحلبيات لا يستخدمنه بدلاً من "عصير الحصرم" لكونه مادة صناعية لا يمكن أن تضاهي "عصير الحصرم" في فوائده وطبيعيته ولذته».