"محمد أبو معتوق" صاحب الأسلوب الساخر، الذي توضحت ملامح واقعيته السحرية الخاصة في روايته "شجرة الكلام"، حيث يأسرك ويقودك في عوالمه الافتراضية التي لا حدود لها.
مدونة وطن "eSyria" كانت قد التقت الأديب "محمد أبو معتوق" بتاريخ 8/11/2009 وكان الحوار التالي:
من النادر أن يصادف المرء رواية عربية ساخرة. مثل هذه الرواية، أقصد "جبل الهتافات الحزين" لـ"محمد أبو معتوق" وبعد أن نبين أن المعني ليس الرواية التي يكون للسخرية فيها نصيب. تتمحور الرواية حول "حامد الطروقي" الذي غلب عليه لقبه "عجروم". وتتابعه الرواية من طفولته إلى شبابه في مدينة "حلب"، بين منتصف الأربعينيات ونهاية الخمسينيات. والسخرية في هذه الرواية أساسية في تكوين شخصيتها المحورية، وبالزبالة. فلـ"عجروم" علاقة معرفة أو اكتشاف حميمية بالزبالة. والزبالة له عالم متكامل غني ومعقد وآيل للسقوط وحافل بالإشارات الغامضة إلى ماض قريب، وهي خلاصة من خلاصات الوصول إلى المجد والسلطان. أما عود "عجروم" الذي ينكش به جبل الزبالة فهو بمثابة عصا الجنرال أو عصا المايسترو، وسيغدو جبل الزبالة ملجأ "عجروم" بعد طرد والده له ومفجر أو شاهد تحولاته، وفضاء أحداث كبرى، شخصية وعامة. وتعلن الرواية أن هذا الجبل هو السرة التي تربط حياة حي "التضامن" بالمدينة، موّقعة ومنوعة على لازمتها الكبرى "في الليل العميق والظلمة العميقة"
** "محمد أبو معتوق" من مواليد مدينة "حلب" عام /1950/ إجازة في اللغة العربية، روائي وقاص، من مؤلفاتي الروائية: "جبل الهتافات الحزين"، "شجرة الكلام"، "الأسوار"، "لحظة الفراشات"، "الماء والأسماء"، "العراف والوردة"، "علامات الجثة الضاحكة"، وهي روايات قصيرة. أما في مجال الرواية الطويلة فقد صدر لي "القمقم والجني"، "بلغني أيها الملك الحزين"، "طيور ورقية"، "شهرزاد رجلاً". وعلى صعيد القصة من مؤلفاتي "ليلة المغول"، "لحظة البرق"، "اللعب بالأسرار". وتحت الطباعة حالياً "هي أشياء لا ترى".
** لدي إحساس بأنه لا يمكن تقييد الأدب، وتحديد طوله وحجمه ومساراته، لأننا في زمن لا يمتلك فيه القارئ فسحة كبيرة للانشغال بالمطولات، ولأن كل رواية من هذه الروايات لا تتجاوز العشرين صفحة، فأشعر بأنها أقرب إلى الروايات القصيرة.
** ربما الكثافة والعمق الدلالي وتعدد الأزمنة والأمكنة والشخصيات يمكن اعتبارها الأهم لإنجاز الرواية أكثر من الطول أو القصر، لدي شعور بأن مستقبل الرواية سيدفعها إلى التقلص نسبياً، والانحياز إلى ما هو أقل من مئة صفحة، إلا إذا خطر لأحدهم أن يكتب مجموعة روايات في كتاب واحد كما فعلت، هذه الروايات القصيرة صدرت عن وزارة الثقافة، وقد تبنى المسؤولون في الهيئة العامة للكتاب مشكورين العنوان الذي اقترحته كدلالة على سعة أفقهم، وحفاوتهم بالجديد شكلاً ومضموناً.
** حياتنا الثقافية تفتقر إلى منظومات عمل، وجماعات منصرفة إلى تنفيذ الخطط، وتشكيل الظواهر، لذلك تتبدى كظاهرة فردية، لم ترقَ إلى مستوى الحركة والنسق والتجربة المعممة.
** يمكن أن تندرج في "الواقعية السحرية"، لكن أنا بصورة عامة مشغوف بـ"التخيل"، والواقع بمفرادته المباشرة والفجة لا يغويني، بذلك أغامر بنقضه، وأنجز واقعاً متخيلاً افتراضياً مختلفاً، ما يدفع الكثيرين إلى اعتبارها "واقعية" بوصفها "واقعية سحرية".
** الرواية المستقبلية هي الرواية الخارجة عن أي تأطير، أو عناوين مسبقة الصنع، إنها العالم وهو في حالة حركة وصخب وجنون، والتعقيد محاولة للجم العالم والفن، وإدخالهم في نفق الشروط، وأنا لا أميل إلى اختزال المستقبل- لأنني أرغب في المفاجآت- فقد صيغ على صورة رأي حاسم وأثيم.
** أنا كائن ساخر والسخرية جزء من روحي وقراءتي للعالم، ولدي إحساس بأن العوالم الأكثر تحضراً، هي الأكثر سخرية، لأن السخرية ابنة المخيلة النشطة، والروح الحرة، لذلك أنا منحاز إلى السخرية، ولكنني أصوغ سخريتي بطريقة لا تقربها من الهزل والترادف اللغوي، إنما أشكل السخرية بوصفها عالماً من الدلالات، والتناقضات الواقعة في حمى الفلسفة، والمعرفة المعمقة.
** أكتب سخرية من نمط خاص، مختلفة عن سخرية "حسيب كيالي"، وسخرية "خطيب بدلة".
** أعتقد أنه لا يمكن أن نترك شيئاً خلفنا، فكل تشكيلات الإبداع الإنساني يمكن الاستفادة منها وقذفها إلى المستقبل لتكون أكثر قدرة على التعبير عن حساسيته ورهافته، في "العراف والوردة" حاكيت بعض أساليب "الصوفيين" في الكتابة، لكنني ملأته بالروح المعاصرة، والروح المستقبلية، التي تنفلت من رتبة الأزمنة المتعاقبة، لتصوغ لنفسها زمناً يخصها.
** أي لقاء بين كائنات مختلفة ومتعارضة لقاء إيجابي، ومحرك للعوامل والمقاصد التي من أجلها وجد هذا التجمع، لهذا يعتبر لقاء "الرقة"، ومهرجانها القصصي إيجابياً، وأنا أميل إلى اعتباره نبتة قابلة للنمو، وليس عموداً متوقفاً في إطار لا يحيد عنه.
** الفترة الزمنية الأخيرة التي أطلق فيها على "الرقة"، عاصمة القصة القصيرة في "سورية"، كانت حقبة مكتظة بالقراءة والمتابعة، وكان ظهور كتاب أو مجموعة قصصية يشكل ظاهرة وطنية، وليست محلية، والآن وفي ظل انحسار فعل القراءة والقارئ، لم يعد من حق أي مدينة أن تدعي أنها عاصمة لشيء، حتى لو كان متصلاً بإعادة تعلم القراءة.
* ماذا تحب أن تضيف؟
** اللهم أكثر عديد القراء وعددهم، حتى يكونوا أكبر من عدد الكتاب، وأكثر صبراً منهم على القراءة، كانت العرب في الماضي تحتفل بولادة أديب أو شاعر، أما الآن فمن حق العرب أن يحتفلوا بولادة القارئ أولاً، وكل شيء سيكون بخير بعد ذلك.
الكاتب "نبيل سليمان" تحدث عن رواية "جبل الهتافات الحزين" فكتب: «من النادر أن يصادف المرء رواية عربية ساخرة. مثل هذه الرواية، أقصد "جبل الهتافات الحزين" لـ"محمد أبو معتوق" وبعد أن نبين أن المعني ليس الرواية التي يكون للسخرية فيها نصيب. تتمحور الرواية حول "حامد الطروقي" الذي غلب عليه لقبه "عجروم". وتتابعه الرواية من طفولته إلى شبابه في مدينة "حلب"، بين منتصف الأربعينيات ونهاية الخمسينيات. والسخرية في هذه الرواية أساسية في تكوين شخصيتها المحورية، وبالزبالة. فلـ"عجروم" علاقة معرفة أو اكتشاف حميمية بالزبالة. والزبالة له عالم متكامل غني ومعقد وآيل للسقوط وحافل بالإشارات الغامضة إلى ماض قريب، وهي خلاصة من خلاصات الوصول إلى المجد والسلطان. أما عود "عجروم" الذي ينكش به جبل الزبالة فهو بمثابة عصا الجنرال أو عصا المايسترو، وسيغدو جبل الزبالة ملجأ "عجروم" بعد طرد والده له ومفجر أو شاهد تحولاته، وفضاء أحداث كبرى، شخصية وعامة. وتعلن الرواية أن هذا الجبل هو السرة التي تربط حياة حي "التضامن" بالمدينة، موّقعة ومنوعة على لازمتها الكبرى "في الليل العميق والظلمة العميقة"».
يذكر أن "محمد أبو معتوق" مؤلّف مسرحيات سوري من مواليد "حلب" عام /1950/. حاصل على "بكلوريوس في اللغة العربية" في جامعة "حلب" عام /1975/ وأصدر أول مسرحيتين له في "دمشق" سنة /1978/. كتب مسرحيات للأطفال ومن ضمن مؤلّفاته الأخرى روايات ومجموعات قصصية وسيناريوهات تلفزيونية ناجحة لمسلسلات شعبية. صدرت روايته الأولى بعنوان "شجرة الكلام" عام /1990/ (دار الريس، لندن) ووصلت روايته "القمقم والجنّي" (الكوكب، بيروت، 2008) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام /2009/. فازت أعماله بعدّة جوائز أدبية.