بعد مرور ثمانية وأربعون عاما على إصداره باكورة أعماله الأدبية والتي حملت عنوان "شحارير بيضاء" في العام 1963. والتي تلتها كوكبة من الأعمال الشعرية الفردية والمشتركة منذ ذاك التاريخ وحتى اليوم. يطل الشاعر "مصطفى أحمد النجار" - وهو ابن الثامنة والستون – ليقدم اولى مجموعاته الشعرية الخاصة بالأطفال والتي حملت عنوان "صباحات مشرقة".

تضم "صباحات مشرقة" /22/ قصيدة وانشودة للأطفال شكلت مزيجا من الرسائل التربوية بمختلف توجهاته، منطلقة من أسلوب تربوي محبب للطفل يعتمد على مشاركته والاتحاد معه في نظرته لمجمل الامور، والهدف من ذلك ان تصل القصائد إلى أهدافها المرجوة وان تزرع بتلات رسائلها التربوية في نفوس الأطفال وقلوبهم.

كنت احاول قبل الاقدام على نشر هذه الأناشيد ان أقوم بتجريبها على الأطفال بشكل ميداني، وذلك بقراءة هذه القصائد وإعطائها للأطفال والاستماع إلى ملاحظاتهم. والقيام بتغيير أو إلغاء بعض الألفاظ وتعديل بعض الجمل، لأن الناقد الأول لأدب الأطفال هو الطفل. وكنت أعطي هذه القصائد للأطفال ليقرؤوها وينشدوها، فكانوا أحيانا ألاحظ لا يخرجون من الصف إلا وقد حفظوها كما كنتُ اتيح لهم ان يندمجوا مع هذه الكلمات ويعبروا عن شعورهم حتى بالرقص، وبذلك يعبر الطفل عن الطفولة كما يجب أن تظهر

وللحديث اكثر عن هذه المجموعة التقينا في موقع eAleppo بالأديب الشاعر "مصطفى النجار" الذي قال عن المجموعة: «اشتملت هذه المجموعة على عدة اناشيد خاصة بالأطفال. ولدت هذه الأناشيد في الخمس سنوات الأخيرة من رحلتي التعليمية مع الأطفال والتي استمرت ثلاثون عاما. نشرت بعضها في الصحافة السورية والعربية، كمجلة "أسامة" ومجلة "أحد" البيروتية. قصيدة (القلعة الحصينة) التي اعتمدت في كتاب لغتي الجميلة للصف السادس منذ عام 2003 حت الآن نشرت في جريدة "البيان" الصادرة في "دبي" عام . اضافة لبعض الاناشيد التي نشرت في مجلة "الجيل الجديد" و"عكاظ" و"بيادر".

أعتبر هذه الأناشيد نتاج زمن متأخر قياسا للزمن الذي امضيته في تعليم الأطفال في المدارس الابتدائية بحلب وريفها. حيث كنت أتهيب الكتابة للأطفال. وأنا أفرق دائما بين نمطين من هذا الأدب. وهما: أدب للأطفال، وأدب عن الأطفال. النمط الأول خاص بالأطفال ويجب أن يتصف بسمات وصفات محددة من لغة مبسطة وموسيقا ومن هدف تربوي لا بد ان يصل إلى هذا الطفل. والكتابة للأطفال ليست بالسهلة وتحتاج إلى الصعود إلى الطفولة وليس النزول إلى الطفولة».

وانطلاقا من الصعوبة التي تحدث عنها الأديب "النجار" عن الكتابة للطفل" واعتبره عالم الطفال بالعالم الذي يتوجب الصعود إليه استفاد من عمله في تعليم الأطفال ليطّلع على ردات أفعلهم وأرائهم بما يكتب. وعن ذلك يقول: «كنت احاول قبل الاقدام على نشر هذه الأناشيد ان أقوم بتجريبها على الأطفال بشكل ميداني، وذلك بقراءة هذه القصائد وإعطائها للأطفال والاستماع إلى ملاحظاتهم. والقيام بتغيير أو إلغاء بعض الألفاظ وتعديل بعض الجمل، لأن الناقد الأول لأدب الأطفال هو الطفل. وكنت أعطي هذه القصائد للأطفال ليقرؤوها وينشدوها، فكانوا أحيانا ألاحظ لا يخرجون من الصف إلا وقد حفظوها كما كنتُ اتيح لهم ان يندمجوا مع هذه الكلمات ويعبروا عن شعورهم حتى بالرقص، وبذلك يعبر الطفل عن الطفولة كما يجب أن تظهر».

الشاعر مصطفى النجار

وعن الرسائل التربوية التي تحملها هذه المجموعة قال "النجار": «المواضيع التي قدمتها من خلال هذه القصائد تبدأ من الخلية الأولى وهي الأسرة. حب الطفل لأمه وابيه والعادات السليمة التي يكتسبها من هذه البيئة المصغرة ثم ينطلق إلى المدرسة، كيف يتعامل مع الأطفال والمدرسة وحبه للعلم ولمعلميه، ثم ينطلق إلى المجتمع إلى الوطن.

وانا أرى أن أي كلمة ليس لها هدف تقل أهميتها، هذا بشكل عام وكيف إذا كانت هذه الكلمة موجهة للأطفال؟! فعلى الكاتب مراعاة أن تكون كلمته ذات هدف ورسالة اخلاقية وتربوية. وأيضا عليه ان يراعي أن لا تكون هذه الرسائل بشكل ارشادي وعظي ينفر الأطفال ويضيقون ذرعا بها. بل على الكاتب الذي يعني بأدب الأطفال أن يقدم نصوصه بشكل رمزي ومستساغ وغير مباشر. أي أن يغلفها بشفافية اللغة، واللغة الهامسة والموسيقية المحببة، حتى تدخل هذه الرسائل بشكل مستساغ ومؤثر على الأمد الطويل».

ومن جهته الأديب الدكتور "هيثم يحيى الخواجة" قال عن المجموعة: «ينطلق الشاعر "مصطفى النجار" في مجموعته "صباحات مشرقة" من إيمانه بأن ادب الطفال ضرورة لازمة من اجل النهوض بالطفل العربي واثراء مخيلته، وتعميق تفكيره وترسيخ القيم لديه. فهو يقدم فيها قصائد تلتصق بالمعايير الفنية لإبداع شعر طفلي ساحر، وهذا الرأي يستند إلى حرص الشاعر على الإيقاع واهتمامه بالمعجم اللغوي الذي يلائم الطفولة وتلوينه بالخطاب واستشرافه لمستقبل وترسيخه لمجموعة من القيم التربوية.

إن "صباحات مشرقة" تدل على مكنة الشاعر على صياغة نص شعري مؤثر باعتبار أن نصوصه تطرح أسئلة وتثير كوامن إنسانية تحرك حفيظة الطفل وتمتعه عبر اسلوب حداثي وفني متوقد وتعمل على الكشف عن الالتفاتات النادرة التي تفتح مخيلة الطفل على النزوع الانساني العامر بالنور.».

بقي أن نذكر أن الأديب "مصطفى أحمد النجار" من مواليد "حلب" 1943 م، نشأ وترعرع في مدينة "منبج"، صدر له العديد من المجموعا الأدبية الفردية والمشتركة. يكتب النقد الأدبي إلى جانب الشعر.