على الرغم من كثرة الأندية الثقافية التي تدعم وترعى المواهب الشابة إلا أنه قد تبرز بعض الأصوات التي لا ترى الاهتمام كافيا في تنمية تلك المواهب.

للبحث في هذا الموضوع التقينا في eAleppo العديد من المواهب الشابة حيث ترى الشاعرة الشابة "دانييل حداد" في دعم الأديب الشاب دعما لاستمرارية الحراك الأدبي لكون شباب اليوم سيصبحون مخضرمين في المستقبل، فتقول: «الأدباء الشباب هم فرسان الساحة الأدبية وهم مستقبلها عندما ترغب بذلك الساحة الأدبية، فغالبا ما تقتصر المشاركة في الأمسيات على الأدباء الكبار. والأدباء الشباب كحبة أو بذرة تحتاج إلى رعاية واهتمام حتى تنمو وتكبر وتحتاج من فترة إلى أخرى إلى سقاية حتى لا تموت كما مات غيرها!

مسألة الإبداع مسألة نابعة من الذات وبالتالي مرتبطة باجتهاد كبير وبمثابرة هائلة وليست كتابة فقط في المواسم والمناسبات. وبالمقابل بلدنا من أقل البلدان تكريما للمبدعين لذلك السوريون فقط يحصلون على الجوائز من الخارج

سأتكلم عن نفسي قليلا، مثلا كنت أحلم أن أصدر كتابي عام 1999 ولكنه صدر عام 2009 والسبب أن بعض الأدباء لم يرشدوني للطريق الصحيح لكيفية نشر الكتاب حتى كبرت قليلا ووجدت الطريق الصحيح.

حكمت الجاسم

بدايتي في كتابي "هل أنتَ العنوان...؟" كانت متواضعة ولكنني أردت أن أبدأ وأكتب، ووجدت صدى لافتاً وتشجيعاً مستمراً ودعماً كبيراً من كافة الجهات الإعلامية ووجدت ما لم أتوقعه من ترحيب في الساحة الأدبية».

كما رأت الشاعرة الشابة "هبة ماردين" أن غياب الدعم والرعاية يبرزان في عملية تسويق ونشر نتاج الشباب وإبداعهم فقالت: «في هذا هم كبير على قلوبنا، فأحوج ما يكون إليه الأديب الشاب هو مسألة الدعم من الجهات المعنية بالثقافة، وخاصة في مجال النشر، فنحن نحتار كثيرا كيف سنطبع مخطوطاتنا بسبب المبالغ المرتفعة التي تطلبها دور النشر. وتبرز هذه المشكلة كثيرا بسبب غياب المؤسسات التي تعنى بإبداعات الشباب».

دانييل حداد

ويذهب الشاعر الشاب "حكمت الجاسم" إلى دعوة الأديب الشاب إلى عدم الاتكال كثيرا على الغير بل عليه بذل مزيد من الجهد ليرى إبداعه النور من خلال التردد على المنابر والجمعيات والملتقيات الأدبية، فيقول: «لا أريد القول إن الأديب الشاب مهمّش كلّ التهميش، ولكنه بحاجة إلى بعض النور، وهذا النور لابد أن يكون منبثقا من مصدر مشع، بمعنى آخر لو أراد الأديب الشاب لإبداعه أن يرى النور فعليه أن يعمل بجد في سبيل إتمام هذه الغاية، عليه أن يسأل أصحاب الخبرة، أن يستشير أقلام الفكر، أن يكيف نفسه مع المكان الذي يتواجد فيه.

أنا مثلا استطعت أن أحجز لإبداعي اسماً في المكان الذي انتمي إليه، وهو كلية الآداب، وهذا الحيز الذي كونته لنفسي لم يكن آت عن عبث، بل جاء من خلال المتابعة المتواصلة لرواد الإبداع، ومن خلال الاستغلال الأمثل للفرصة المتاحة. وهذا لا يعني أن يكون الشخص هو الأفضل، لأن الساحة تتسع للجميع».

الاديب مصطفى النجار

وتذهب الشاعرة "دانييل حداد" إلى ما رآه "حكمت" من أن الساحة تتسع للجميع بوجود المثابرة وحب النجاح، كما رأت في مخيلة الشباب اتساعا آخر قد لا يمتلكه الآخرون، فتقول: «كل أديب إن كان شاباً أو كبيراً أو محترفاً له مكانته في ساحة الأدب. فالأدب حديقة واسعة والأدباء ورودها المختلفة بأنواعها وألوانها. والشاب يمثل أمام الأديب الكبير المستقبل المنتظر والذي يحلم به الجميع، كما أن الشاب قلبه يتسع للكثير من المشاعر المختلفة وعلى المتلقي عدم الاستهانة بأي شخص، فكل شخص في الحياة يمكن أن يكون عظيماً في يوم من الأيام».

يرى الأديب "محمد أبو معتوق" أن السوريين من أكثر الناس إبداعا وهم بحاجة إلى المزيد من الإبداع، وبالمقابل دعا الشباب إلى مزيد من الاجتهاد لبلوغ الأرب: «مسألة الإبداع مسألة نابعة من الذات وبالتالي مرتبطة باجتهاد كبير وبمثابرة هائلة وليست كتابة فقط في المواسم والمناسبات. وبالمقابل بلدنا من أقل البلدان تكريما للمبدعين لذلك السوريون فقط يحصلون على الجوائز من الخارج».

بدوره الأديب الشاعر "مصطفى النجار" دعا الشباب إلى مزيد من الاهتمام والاطلاع لصقل مواهبهم إلى جانب ضرورة وجود هيئات ومؤسسات تعنى بالمواهب الشابة، فقال: «لدينا العديد من المواهب الشابة، والكثير منهم يمتلكون موهبة حقيقية ولكنه بحاجة إلى صقل وإلى نقد غير مجامل. فترى بعض النقاد وخاصة مع التجارب النسائية يجاملون، أو يراعون ظروفهن النفسية ولا يريدون إزعاج أحد لكن في الحقيقة بهذا ضرر وليس فائدة. فالإبداع لا يكتمل إلا بالنقد، وأنا أدعو دائما إلى النقد الصريح.

ومن جهة الشباب فعليهم أن يستأنسوا بالآراء النقدية بالإضافة إلى اطلاعهم على منابع الشعر الحقيقية».

وعن دور النوادي والمؤسسات المتخصصة في دعم المواهب الشابة قال "النجار": «لا ريب في ذلك. لأن هذه الجهات سواء المؤسسات أو النوادي ومنها نادي التمثيل لها دور كبير في رعاية هذه المواهب وتوجيهها التوجيه السليم. وأيضا إتاحة الفرصة لهم بالإعلان عن أصواتهم، وهذا ما نعكف على تقديمه في نادي التمثيل العربي».