تُعد مكتبة "عبد الوهاب الصابوني" التي أهداها الأديب والمربي الفاضل "عبد الوهاب الصابوني" الى كلية الآداب بجامعة "حلب" من أهم المكتبات ليس على صعيد الجامعة فحسب وإنما على مستوى مدينة "حلب" كلها بل سورية والوطن العربي إذ تحتوي على مجموعة من الكتب النفيسة والنادرة والتي لا تتوافر منها في المكتبات ودور النشر المحلية والعربية.

للتعرّف على المكتبة ومحتوياتها وأهميتها التقى مراسل موقع eSyria الدكتور "مصطفى البكور" دكتور اللغة الفارسية وآدابها من جامعة "طهران" وسألناه عن أهمية "مكتبة الصابوني" بالنسبة له فرد قائلاً: «كما تعلمون فإنّ معظم مكتبات المراكز ولاسيما الجامعات تتضمن نوعان من الكتب هي: المصادر والمراجع، والحق فإنّ أهمية "مكتبة الصابوني" تنبع من كونها تتضمن أهم المصادر العربية الأصلية التي يحتاجها الباحثون ولاسيما النسخ والطبعات الصحيحة والمعتبرة، لذا فالباحثون وطلبة الدراسات العليا يجدون في المكتبة ملاذاً أمناً ينهلون منها المعرفة الحقيقية.

المكتبة كنز حقيقي حيث توفر للباحثين والطلبة ما يحتاجون إليه من كتب مرجعية لمطالعتها أو اعتماد مراجع ذات قيمة لأبحاثهم وموضوعاتهم، لذلك يطلب من الجميع الحفاظ على المكتبة ومحتوياتها

علاوةً على ذلك فإنّ هذه المكتبة تتضمن طبعات ومصادر نادرة قلما أمكن العثور عليها في الأسواق أو دور النشر المعاصرة لذا كله قد لا نكون مبالغين إذا قلنا إنّ "مكتبة الصابوني" إضافةً إلى الأساتذة الكبار في كلية الآداب شكلت القاعدة الأساسية والحقيقية لتخريج قوافل من طلبة العلم وخدمة الحضارة العربية ولاسيما في الجانبين اللغوي والأدبي».

الأستاذ حسن بيضة -أمين المكتبة

ومن الطلبة قال لنا "بحري محمد": «المكتبة كنز حقيقي حيث توفر للباحثين والطلبة ما يحتاجون إليه من كتب مرجعية لمطالعتها أو اعتماد مراجع ذات قيمة لأبحاثهم وموضوعاتهم، لذلك يطلب من الجميع الحفاظ على المكتبة ومحتوياتها».

التقينا أيضاً أمين المكتبة الأستاذ "حسن بيضة" الذي بدأ حديثه بالقول: «قبل وفاة الأستاذ "عبد الوهاب الصابوني" كتب وصية للدكتور "عمر الدقاق" العميد السابق لكلية الآداب بجامعة "حلب" تضمنت إهداء مكتبته الخاصة إلى الكلية وبعد وفاته في العام 1986 قمتُ بنقل الكتب مع خزائنها النفيسة إلى الكلية وأصبحتُ منذ ذلك التاريخ أمين المكتبة، وبعد سبع سنوات من عملي تقاعدت من الوظيفة ولكن ذلك لم يمنعني من الدوام يومياً لمدة ثلاث ساعات بشكل مجاني للمحافظة على المكتبة وإرشاد الطلبة والأساتذة إلى محتوياتها».

الدكتور مصطفى البكور

وحول ما تحتويه المكتبة من كتب قال "بيضة": «الكتب الموجودة فيها هي كتب أصلية بطبعاتها وليست مصوّرة ومن الصعب أن تجد مثيلاً لها في أية مكتبة في جميع أنحاء العالم، فمثلاً /ديوان الأعشى/ مطبوع في أوروبا في العام 1927 وهو موجود في "مكتبة الصابوني" وقبل فترة جاءني دكتور من "جامعة تشرين" في "اللاذقية" وقال لي لقد بحثت عن هذه الطبعة في "مصر" و"لبنان" و"العراق" فلم أجدها ثم ذهبت إلى أوروبا في نفس المدينة التي طُبع فيه الكتاب ولم أجده أيضاً حتى رأيته هنا في المكتبة، وهناك أيضاً كتاب /الأغاني/ طبعة دار الكتب المصرية فهي غير متوافرة حتى في "المكتبة الظاهرية" في "دمشق"».

وعن عدد الكتب قال مضيفاً: «يوجد في "مكتبة الصابوني" 2561 كتاباً باللغة العربية مجلدة تجليداً فاخراً و118 كتاب باللغة الفرنسية، ويرتادها يومياً الدكاترة والأساتذة وطلبة الدراسات العليا في الجامعة حيث يستطيعون الحصول فيها على الكتب النادرة في طبعاتها والمحققة تحقيقاً علمياً، وإضافةً إلى ذلك فإنّ كتب "الصابوني" تتضمن وجود هوامش وتعليقات كتبها "الصابوني" بنفسه حيث يستفيد منها الباحثون المحليون أو من باقي الدول العربية».

نظارة الصابوني وبعض وثائقه في المكتبة

وختم الأستاذ "حسن بيضة" بالقول: «تتضمن المكتبة إضافةً للكتب النفيسة بعضاً من آثار "الصابوني" من دفاتر ومحاضرات مخطوطة ومجموعة من جوازات سفره ونظارته إضافةً إلى قطع ميكانيكية مصنوعة بيديه لأنّ "الصابوني" كان ميكانيكياً أيضاً، والجدير بالذكر أنّ الخزائن هي أيضاً نفيسة ففي العام 1986 عرض النجار الذي صنع المكتبة ربع مليون ليرة لشراء دفوف المكتبة باعتبارها نادرة».

يُذكر أنّ الأديب والمربي الراحل "عبد الوهاب الصابوني" ولد في العام 1912 في حي "البياضة" بمدينة "حلب"، زار العديد من الدول وله مجموعة من المؤلفات، وفي العاشر من تشرين الثاني من العام 1986 توقف قلب الأديب عن الخفقان بعد أن كتب وصيةً تضمنت إهداء مكتبته لكلية الآداب في جامعة "حلب".