من نمط الحياة المنزلية وتناول الطعام مع العائلة، إلى نمط الحياة الحديثة وتناول الطعام في الخارج، ومن الطعام الموجود في المطبخ الحلبي، إلى الوجبات السريعة والمأكولات الغربية الموجودة في محال الوجبات السريعة طرأت تغييرات سريعة في المجتمع الحلبي وكانت مثار دراسة واهتمام من قبل الباحثة الفرنسية "صوفي آن سوفغران" والتي قامت بإعداد رسالة دكتوراه عن الممارسات الاجتماعية والتغيرات الجسدية لسكان وشباب مدينة "حلب" وفق إشراف مشترك ما بين "جامعة حلب" وجامعة "حوض المتوسط" في "مرسيليا"، وبدعم من الوكالة الجامعية للفرانكفونية على مدار فترة جاوزت الأربع سنوات.

موقع "eSyria" استضاف الدكتورة الفرنسية في لقاء خاص استطلع فيه رأيها في الأنماط الغذائية الحالية الخاصة بسكان مدينة "حلب" من جهة، ومن جهة أخرى مستطلعا نصائحها فيما يتعلق بأفضل الممارسات الغذائية المناسبة حيث كان اللقاء التالي:

أعتبر أن الغذاء مصدر سعادة في كل مكان وفي كل مجتمع، وبرأيي فإنه يجب على الشباب ألا يتركوا تراثهم وتقاليدهم وفي نفس الوقت الذي يجب عليهم فيه الابتعاد عن الوجبات السريعة والطعام الجاهز والعودة إلى المطبخ الحلبي الأصيل المميز الغني بمأكولاته

البداية كانت بالسؤال عما قامت به الدكتورة "صوفي" في مدينة "حلب" خلال الفترة التي تواجدت فيها وتعرفت فيها على عادات الأكل الموجودة لدى السكان، ومن هذا المنطلق فإنها رصدت عدة مشاكل قالت عنها:

الدكتورة "صوفي" في محاضرة لها تتحدث عن الأنماط الغذائية لأهل "حلب"

«عادات الأكل كما رأيتها تعني تناول الشباب للطعام الخفيف بين الوجبات الرئيسية الثلاث الأمر الذي لا يعتبر صحيا، وبرأيي أنه لكي يحصل الشباب على التغذية الصحية الجيدة فإنه يجب عليهم تناول ثلاث وجبات غذائية رئيسية فقط مع احتواء هذه الوجبات على الخضار بشكل كبير».

وتضيف بأن ما يميز المطبخ الحلبي بشكل عام هو الغزارة في الأطباق الموجودة فيه كما أنه مطبخ غني ومتنوع في مأكولاته مضيفة بأنه لدى المقارنة بينه وبين المطبخ الفرنسي، فإن المطبخ العائلي الفرنسي قد بدأ يختفي وذلك منذ جيل كامل تقريبا مع عمل المرأة خارج المنزل ما جعل الناس هناك يتناولون الطعام السريع والجاهز في كل من المطاعم والمقاهي وخصوصا من قبل الفئة العمرية الأصغر سنا حيث تتابع قائلة:

«اكتشفت من خلال الأنماط الغذائية التي يتناولها الشباب هنا في مدينة "حلب" دليلا على وجود بداية تحول اجتماعي تشهده المدينة إنما بشكل بطيء حيث وجدت أن الشباب في مدينة "حلب" غدوا متقلبين

مابين القديم و ما يشمله من عادات وتقاليد موروثة، وما بين الحديث وما يقدّم لهم من مظاهر وقشور ما أدى إلى حدوث بعض التغيرات لديهم على صعيد الجسم، كما لاحظت أن انتقال الشباب من تناول الطعام داخل المنزل مع العائلة إلى تناوله خارجه مع الأصدقاء يميل تدريجيا إلى التزايد».

وتنصح الشباب الذين يعملون في عمل مستمر من الصباح إلى المساء بدون القدرة على تناول الغداء داخل المنزل بأن يصطحبوا معهم طعاما محضرا بشكل منزلي. وإن لم يكن ذلك ممكنا، فالقيام بتناول طعام محضر بطريقة مشابهة للطعام المنزلي من المطاعم التي تقدم مثل هذا النوع من المأكولات مع الابتعاد في الوقت ذاته عن الوجبات السريعة مضيفة بأن المطبخ الحلبي حتى وإن كان دسما فإنه يبقى أفضل بكثير من الوجبات السريعة. كما تنصح أيضا بالابتعاد عن عادة شرب المياه الغازية مع الطعام، حيث تؤدي هذه العادة إلى ضرر كبير للجسم. وتطلب من المطاعم من أجل الحد من هذا الموضوع تخفيف عروضها التي تتضمن وضع المياه الغازية مع وجباتها التي تقدمها أو استبداله بالعصير الطبيعي.

«أعتبر أن الغذاء مصدر سعادة في كل مكان وفي كل مجتمع، وبرأيي فإنه يجب على الشباب ألا يتركوا تراثهم وتقاليدهم وفي نفس الوقت الذي يجب عليهم فيه الابتعاد عن الوجبات السريعة والطعام الجاهز والعودة إلى المطبخ الحلبي الأصيل المميز الغني بمأكولاته».