من شركات القطاع العام، إلى تلك الموجودة في القطاع الخاص. ومن المصارف إلى شركات النفط؛ كل ما سبق هي شركات كبيرة تختلف في مجالات عملها إلا أنها تتشارك في عامل واحدٍ فقط وهو "وجود شبكة حواسب لديها لتبادل المعطيات فيما بين أفرادها وفروعها"؛ ولكن من القادر على إدارة وحماية وصيانة هذه الشبكة؟

كانت إجابة هذا السؤال هي ورشة العمل التي أقامها معهد "أكاد" لطلاب الجامعات والشباب "حلب" حول مفهوم هندسة شبكات الحواسب والبرامج الخاصة بهذا المجال مساء يوم الأربعاء 30/12/2009 ضمن خطة المعهد في التعريف بالاختصاصات العلمية ومدى الطلب عليها في سوق العمل والتي تهدف في نهاية المطاف إلى جعل الطلاب على دراية أكبر بحاجة سوق العمل من جهة، ومن جهة أخرى بالشهادات "الحرفية" التي تقدم في هذا المجال ومدى فائدة كل منها.

الصعوبات التي ترافق عملية التعلم هي حاجة المرء لإتقان اللغة الانكليزية إضافة إلى وجود الجدية لدى من يقوم بدراسة هذه الدورة

يقول السيد "بيير جيجي" المدرس والمحاضر اليوم في الورشة: «كشخص يريد أن يصبح ربان للطائرة، فمن الجميل أن يذهب ويدرس في كلية الطيران، ولكن هل تعرف ما هو العامل الإضافي المهم؟ هو اتباع دورة لدى شركة "بوينغ" أو "إيرباص"! لماذا هذا الأمر؟ لأن هاتين الشركتين هما من صَنعَ الطائرات الضخمة الحالية، وهما أكثر الناس معرفة ودراية بكل مكون من مكوناتها وكل قسم فيها. تعتبر الشهادة التي نلتها في كلية الطيران هي شهادة "أكاديمية"، أما الشهادة التي نلتها لدى إحدى هاتين الشركتين فهي "شهادة "حرفية"».

السيد "بيير جيجي"

ويتابع قائلا: «تنبع أهمية هذه الشهادات الاحترافية في أن الشهادات الأكاديمية قد تكون بعيدة تماما عن سوق العمل ونظرية الواقع وحتى تقع ضمن إطار الفجوة الشهيرة ما بين المقررات النظرية وواقع سوق العمل، أما الشهادات الحرفية فتكون هي من جهات تدرك ما تقدمه ضمن مجالٍ معينٍ وتريد لمن يحصل على شهاداتها أن يكون مطلعا تماما على ما تقدمه هي بكل أبعاده ليكون قادرا على إدارته. "مايكروسوفت" و"سيسكو" هما شركات حاسوب أخرجتا علم الشبكات إلينا ويعلمون كيف يسيطرون على هذا المجال ويبدعون فيه، وكيف يستطيع المرء تقديم أفضل حلول وأفضل حماية للشبكة. من هنا جاءت مثلا شهادة MCITP التي تقدمها مايكروسوفت والتي هي اختصار لعبارة:"Microsoft Certified Information Technology Professional"».

والسيد "بيير" هو مدرس معتمد في المعهد من شركة "مايكروسوفت" ويضيف بأن لهذه الشهادة فوائد كبيرة حاول أن يعرف الطلاب بها حيث يتابع قائلا:

«من يحصل على هذه الشهادة هو شخص قادر أن ينافس خريجي كليات الاتصالات على اعتبار أنه لا يوجد جامعة تقدم مثل هذه الدراسة وسوق العمل بحاجة ماسة لها. إذا قارنا الأكاديمي في الشبكات مع الحرفي، فسنجد أن الحرفي أقوى لأنه يقوم بكل شيء فيما نجد أن للأكاديمي معلومات أكثر إنما قد لا تكون مهمة على أرض الواقع. قد يكون للأكاديمي رؤية شمولية أوضح عن الشبكات ولكن الشهادة الحرفية هي العامل المهم الحاسم كونها تقدم معلومات تفيد على أرض الواقع».

ويتابع السيد "بيير "بأن هذه الشهادة موجهة لكل شخص سواء الذي يدرس هندسة اتصالات أو المعلوماتية والتي ستفيده في مجال دراسته للغاية، أو الشخص البعيد عن هذا المجال الأكاديمي والتي فستفيده في الانتقال إلى المرحلة العملية مباشرة. أما الفرص المتاحة لمن يدرسها فهي العمل ضمن أي جهة حيث لا يوجد مؤسسة حكومية لا يوجد لديها شبكة، وكل الشركات والجهات الخاصة تملك شبكات حاسوبية تحتاج لوجود شخصٍ يسيطر على تدفق البيانات فيها ويحقق الأمان لها الأمر الذي تعمله هذه الشهادة العالمية

«تتألف هذه الشهادة من دراسة نظام التشغيل العادي، ومن نظام تشغيل المخدمات "Server" المختلف عن ذاك العادي وكل الأدوات الخاصة بهذا المخدم لكي تكون هناك عملية إدارة متينة لهذه المخدمات، كما يتم التحدث عن كيفية تحديد عوامل الأمان والأداء الأفضل والمحافظة على البيانات وحل أي مشكلات قد تبرز».

ويتابع السيد "بيير" قائلا: «الصعوبات التي ترافق عملية التعلم هي حاجة المرء لإتقان اللغة الانكليزية إضافة إلى وجود الجدية لدى من يقوم بدراسة هذه الدورة». مضيفا بأنه هو من جهة، والمعهد من جهة أخرى يحاول متابعة الطالب بشكل كامل بحيث يتخرج مدركا لكل الأمور اللازمة ليحقق النجاح في مجال إدارة الشبكات.

«الشهادة هنا لها سوق واعد وكل البنوك التي تفتح حديثا تطلب هذه الشهادة أو الشهادات الحرفية أكثر من تلك الأكاديمية، ولأنهم يريدون شخصاً يعلم بهذا المجال أكثر».

أما العامل الأخير المهم الذي يقول عنه السيد "بيير" فيقول عنه:

«هذه الشهادة لوحدها ليست كافية، هي مهمة ولكن يجب إقرانها بأشياء أخرى مثل السماحيات والصلاحيات للأفراد والتواصل مع الإنترنت والبريد الإلكتروني الداخلي والتي كلها اختصاصات تلبي الحصول على هذه الشهادة. هذه الشهادة هي أرضية وثم يأتي التخصص كما هو الحال في الطب حيث هناك دراسة الطب العامة ومن ثم التخصص في الطب الباطني أو الأعصاب وغير ذلك».

وكان هناك عدد من الطلاب والشباب الذين وفدوا لمتابعة الورشة منهم الشاب "صلاح الدين شعبان" الذي قال لنا:

«ما جذبني لهذا المجال هو الاهتمامات السابقة لي في مجال الكمبيوتر، وما دفعني للتواجد هنا هو متطلبات سوق العمل التي تحتاج لمثل هذه الشهادة».

أما الشاب "أنس يونسو" فيقول بأن ما جذبه لحضور الورشة هو معرفته بأن هذه الشهادة مطلوبة حاليا خصوصا خارج "سورية" إنما ما يزال الطلب عليها في بدايته ضمن "سورية".

أما الشاب "إبراهيم ضرغام" فقد أراد أن يقرن دراسته لهندسة الاتصالات بهذه الشهادة حيث يريد إكمال دراساته العليا في الخارج والعمل في مجال شهادته حيث يتابع قائلا:

«تكمن أهمية هذه الشهادة ومجال عملها برأيي في أنني أريد التكملة في مجال الدراسات عليا خارج "سورية" وأريد العمل ضمن مجال قريب من دراستي الأمر الذي توفره لي هذه الشهادة».

تأتي مثل هذه الورشات لتقوم بتعريف الشباب بموضوعات لطالما سمعوا عنها بشكل مبهم حيث تعطيهم الفرصة لمعرفة هذه الموضوعات وتحديد فيما إذا ما كانت مناسبة مع توجهاتهم المستقبلية أم لا.