أقيمت خلال الفترة من 3-5/11/2009 ضمن معهد التراث العربي في جامعة "حلب" الندوة التاسعة والعشرين لتاريخ العلوم عند العرب، وتعتبر هذه الندوة من أهم الندوات التي تتم على مستوى الوطن العربي حيث يحدثنا عميد المعهد الدكتور "علاء الدين لولح" عن السبب بالقول:

«عند تأسيس معهد التراث، حددت عدة أهداف له تمثلت في البحث في تاريخ العلوم العربية والذي هو تراث واسع ومتشعب. لذلك، اعتاد المعهد في كل سنة على تنظيم مؤتمرات سنوية مع استقطاب باحثين متخصصين في تاريخ العلوم حيث يتم في هذه المؤتمرات تقديم أوراق عمل، ونختار منها الجديد والمميز وندعو أصحابها لإلقائها ومناقشتها».

تتحدث ورقتي البحثية عن أطباء القدس وذلك على اعتبار أن القدس هي عاصمة للثقافة العربية. وقد تحدثت عن عدد من الأطباء المقدسيين منهم "محمد بن سعيد التميمي"، والطبيب "يعقوب بن سقلاب" و"ابن رشيد الصوري" وغيرهم

ويضيف بأن للمعهد نشاط آخر يتمثل في إقامة الندوات العالمية خارج القطر وذلك كل أربع سنوات حيث أقيمت ندوات في دول مثل "مصر"، "اسبانيا"، "تركيا"، و"ألمانيا" ويتم فيها إلقاء أبحاث تتعلق بتاريخ العلم العربي ومع دعوة العلماء والمستشرقين للحضور والمشاركة.

«كل سنة أيضا، نحتفل بأحد الأعلام العرب من خلال أبحاثه وكتبه ومؤلفاته؛ وهذه السنة نحتفل بـ"علي بن عيسى" وهو طبيب من أعظم أطباء العيون العرب، وأسهم من خلال كتابه "تذكرة الكحالين" في تطوير طب العيون حيث أصبح هذا الطبيب مصدرا كبيرا لعلماء أوروبا وجامعاتها لتمتعه بدقة كبيرة في البحث. ولم يؤلف الأوروبيون أي كتاب فيما يتعلق بهذا الاختصاص إلا بعد سبعة قرون من تأليف "علي بن عيسى" لكتابه، ويعتبر هذا الكتاب مصدرا من مصادر التراث العربي في مجال طب العيون حيث نظمنا ضمن المؤتمر ندوة خاصة عن عصر "ابن عيسى" وأعماله».

يتابع الدكتور "علاء الدين لولح" كلامه؛ ويختم بالقول أن الأبحاث المقدمة تتحدث كلها عن تاريخ العلوم عند العرب سواء في الطب أو الهندسة أو الرياضيات أو الفلك مضيفا أن هذه الأبحاث تؤخذ ويتم طباعتها وإتاحتها لطلاب العلم والباحثين والمهتمين في مجال التراث العلمي العربي في كل بلاد العالم.

الدكتور "علاء الدين لولح"

من جهته يقول الدكتور "محمد شايب" الطبيب الاستشاري بأمراض نسائية والتوليد والذي يعد لرسالة الدكتوراه في تاريخ العلوم الطبية:

«أشارك ببحث يتحدث عن دور "حنين بن اسحق" في نقل وترجمة العلوم الطبية إلى العربية. هو عالم ترجم معظم العلوم الطبية إلى العربية، وكان لزاما علينا أن نشير إلى دوره وجهده في نقل العلوم الطبية إلى العربية والتي بعد أن أتقنها العرب أعاد اليونان ترجمتها إلى اليونانية. كما كتب بعد ذلك كتابا مشهورا هو "المقالات العشرة في العين" والذي استغرق معه حوالي الثلاثين عاما».

الدكتور "سعد عبد الله البشري" و الدكتور "مريزن سعيد العسيري"

ويضيف بأنه اختار هذا الشخص لكونه قدم مساهمة كبيرة للعلوم الطبية ويستحق أن يتم تكريمه بورقة بحث تتحدث عن أعماله.

أما الدكتور "عاصم عزوز" من جامعة "الموصل" في العراق فيقول بأنه قدم بحثا عن الآثار الموجودة في المتحف البريطاني التي تم اكتشافها في الموصل مثل الآلة الحاسبة الأثرية التي تحسب الطالع للشخص بطريقة مشابهة لما هو مفهوم الأبراج عليه حيث يضيف قائلا:

«هذه هي مشاركتي الأولى على الإطلاق في أي مؤتمر كوني ممارس عملي، ومثل هذه المشاركات تكون ذات دور محفز وإعادة شعور بالثقة عند الباحثين الشباب خصوصا أن العرب بدأ ينظر إليهم على أنهم أمة متخلفة ولكن الظروف حدثت معنا وتأخرنا عن العالم مثلنا مثل أي حضارة ونسعى للعودة من جديد لنكون من الأمم الحضارية».

ومن السعودية التقينا الدكتور "سعد عبد الله البشري" من جامعة "أم القرى" في "مكة" المكرمة وأستاذ قسم الدراسات العليا والتاريخ في الجامعة والذي قال لنا عن بحثه:

«يدور بحثي حول دور الأندلسيين والمغاربة في بناء المعرفة الجغرافية والكشوف الجغرافية. من المعروف أن مرحلة تطور الفكر الجغرافي مرت بثلاث مراحل: مرحلة الاقتباس عن الأمم الأخرى ومن ثم مرحلة الاستقلال ومن ثم المرحلة الثالثة هي مرحلة ظهور الجغرافيين المبدعين ورسم الخرائط، أشهرهم اثنان من الأندلس منهم العالم "الإدريسي" وقد تكلمت عن دور الأندلسيين في بناء المعلومات الجغرافية».

أما الدكتور "مريزن سعيد العسيري" من جامعة أم القرى فيقول:

«تدور ورقتي البحثية عن تعليم الطب في بلاد الشام أيام الحروب الصليبية التي تأثرت في البداية بكتب المدرسة الاسكندرانية، ومن ثم ظهر الأطباء العرب الكبار أمثال "الرازي" و"ابن سينا" و"جابر بن حيان" حيث ظهرت مدرسة جديدة في الطب تدور حول التجربة والملاحظة واستنتاج النتائج وأصبحت تدعى المدرسة الطبية العربية وأهملت بالتالي أفكار المدرسة الإسكندرية القديمة التي قامت على الطب اليوناني».

وكانت الخاتمة مع "سورية" ومع الباحثة الدكتورة "سليمى محجوب" والتي قالت لنا عن بحثها:

«تتحدث ورقتي البحثية عن أطباء القدس وذلك على اعتبار أن القدس هي عاصمة للثقافة العربية. وقد تحدثت عن عدد من الأطباء المقدسيين منهم "محمد بن سعيد التميمي"، والطبيب "يعقوب بن سقلاب" و"ابن رشيد الصوري" وغيرهم».

وتختم بالقول أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في أنه يتطرق إلى تاريخ العلوم عند العرب والتي لا يوجد لدى الأجيال الجديدة اطلاع عليها مضيفة أن هذه المؤتمرات تنير الطريق للباحثين وخاصة لطلاب الدراسات العليا.