بعد أن أجبروا على ترك مدارسهم, بل حتى بيوتهم, وأحبائهم, في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها في العراق, هاهم مصرين على متابعة طريق علمهم, وتعليمهم في المدارس السورية جنباً إلى جنب مع أشقائهم السوريين, ابتداءً من مرحلة التعليم الأساسي مرورا بالثانوية, ووصولا إلى الجامعة..

إنهم الطلاب العراقيون المقيمون حاليا في "سورية"..

المواد هنا متقاربة جدا مع المواد التي كنا ندرسها بالعراق, مع اختلاف بسيط..

موقع eSyria التقى عدداً من الطلاب العراقيين في مدارس مدينة "منبج" بريف "حلب" في حديث عن أوضاعهم في المدارس السورية.

محمد طه .../... مهند الربيعي

لم نفاجأ بما قالوا, وليس غريبا على "السوريين" ما لمسه هؤلاء الطلاب من التودد والمحبة والتقرب الذي عاشوا لحظاته منذ أن داوموا في المدرسة, و منهم الطالب "مهند الربيعي" الذي كان يسكن مدينة "بغداد", وهو الآن طالب في الثانوية الصناعية بمدينة "منبج" حيث يقول:

«في الحقيقة ومنذ اليوم الأول لي في الثانوية الصناعية لم أشعر أبدا بأنني غريب, فقد رحب بي جميع الطلاب, وهذا ما كنت أتوقعه, ولعل ما ساعدني أكثر على التأقلم السريع هو قرب اللهجة المحكية هنا في "منبج" من لهجتنا العراقية».

هنادي أحمد

ولم يكن هذا الترحيب السريع, هو حالة خاصة لـ"مهند" بل هو تماما ما حصل مع " هنادي أحمد" طالبة الصف الثامن في مدرسة "قصر بنات العرب" بمنبج حيث تقول: «كل الناس في "سورية" وبمجرد ما يعرفون أنك عراقي, تراهم يحبون أن يتعرفوا عليك, وهذا ما حصل معي عند تسجيلي بداية في مدرسة "البحتري" للبنات, حيث أن جميع الطالبات هناك التففن حولي ورحبن بي أشد ترحيب..».

وعن دراستها الآن في مدرسة "قصر بنات العرب" تتحدث "هنادي" عن علاقتها بزميلاتها, ومعلماتها قائلة:

«بالنسبة للمدرسة فهي مؤلفة من فوجين, وكل طالبات الفوجين يعرفنني, والتعامل معي جيد إن كان من قبل الطالبات, أو المعلمات, وأنا أختلط مع الجميع, حتى أن المعلمات وبشكل دائم في الفرصة يتحدثن معي عن "العراق" وعن منزلي, وعن أوضاعنا في "العراق" بشكل عام.., والحمد لله لم أتعرض لأي موقف سيء في مدرسة, "قصر بنات العرب", والموقف الوحيد الذي أزعجني هو المعاملة غير الجيدة من آنسة الفرنسي في مدرسة "البحتري", التي لم تقدر وضعي بأني طالبة جديدة, وأتعامل مع منهاج جديد, وليس فقط بل حتى أننا لم نكن ندرس الفرنسية في "العراق", ولأنني تحسست منها تركت المدرسة في الصف السابع, ولأعود في العام التالي وانتقل إلى "قصر بنات العرب" والتي بصدق أُعامل بها بتميز جيد من قبل الجميع, وزميلاتي في المدرسة مهذبات جداً ويتمتعن بأخلاق عالية..».

أما "محمد طه", وهو في الصف الخامس, ويدرس في مدرسة "أغيد الحسيني" فيقول: «أنا منذ سنتين في هذه المدرسة, ولي الكثير من الأصدقاء فيها وأنا لا أشعر بأني غريب بين زملائي بل على العكس تماما مثلي مثلهم, والآنسات تعاملهن معي ممتاز, ولم أسمع خلال السنتين كلمة عراقي من أحد..».

أما الاختلاف في المناهج ومقارنة الدراسة بين هنا وهناك هو ما أربكهم قليلاً...

فيقول "مهند الربيعي" (طالب الثانوية الصناعية): «المواد هنا متقاربة جدا مع المواد التي كنا ندرسها بالعراق, مع اختلاف بسيط..».

وإذا كانت المواد متقاربة عند "مهند" فهي صعبة نوعا ما بالنسبة لـ "هنادي" وخصوصا المواد العلمية وتضيف: «هناك الكثير من الاختلاف في المنهاج, وخصوصا في المواد العلمية وبالأخص الرياضيات فهي هنا صعبة, ورغم ذلك لا أتوانى عن السؤال والاستفسار الدائم, والأساتذة يجيبوني على كل ما أسأل, وأتمنى أن يبسط المنهاج قليلا للطلاب, فبرأيي فيه بعض الصعوبة..».

وبعد ما لمسوه من حب وود, واحترام شديد من أشقائهم السوريين أرادوا أن يقدموا لهم كلمة شكر محملة بأخلص الأماني الطيبة فتقول "هنادي": «نتمنى لأشقائنا السوريين أن يعيشوا بسعادة وهناء وراحة في وطنهم ومنازلهم بين أهلهم وأصحابهم, وأن لا يعانوا الذي عشناه نحن في العراق, أما للمدرسين فعليهم الاهتمام أكثر بهؤلاء الطلاب الرائعين وإعطائهم بكل حب وإخلاص وأن يكون التعليم كما هو رسالة سامية».

جمعتهم بإخوتهم السوريين مقاعد الدراسة, ليكونوا أهل الدار, ولم يكونوا أبدا ضيوفا بل مضيفين, وهم في بلدهم "سورية"..