طريقان للمستقبل تنفتح أبوابهما أمام طلابنا عند دخولهم الثانوية العامة، فيصعب الاختيار عند بعضهم، وليتضح جلياً عند بعضهم الآخر فلا مكان للحيرة عندما تحسم الأمور..

وللوقوف أكثر على حيثيات هذا الموضوع كما يعيشه طلابنا كان لموقع eAleppo وبتاريخ (21و22/9/2008)م عدة لقاءات مع طلاب وطالبات من الفرعين، للحديث معهم عن اختياراتهم وما يدور في فلكها من تجاذبات.

اخترت الأدبي لأنه أهون النارين، ولو ترك لي الخيار لما اخترت أيا منهما

ولعل ما أجمع عليه الكثير منهم هو وجود الهدف المحدد للاختيار قبل دخولهم الثانوية بأعوام، ولكل أسبابه ودوافعه في ذلك، فمنهم من لم يحب المواد العلمية وفضّل الأدبي لخلوه منها..

من طلاب ثانوية منبج

"مروان جدعان": «اختياري هو الأدبي..، فمنذ المرحلة الابتدائية، وأنا لا أطيق المواد العلمية ولم أستطع يوما أن استوعبها بشكل جيد»، وطبعاً يؤمن "مروان" بأن الفرص متساوية.. «لا فرق بين الفرعين فللأدبي مجالاته كما للعلمي اختصاصات ومجالات، وكلاهما يكمل الآخر».

أما الطالب "علي العلي" فقد انطلق من سهولة الأدبي في تحديد اختياره ويقول: «الفرع الأدبي دراسته أسهل، معلوماته جادة ومباشرة، كما أنه يقدم لنا معلومات تاريخية تصلنا بأجدادنا ويوميات حياتهم».

منى الخلف.../... الاستاذ احمد بكوري

ومثلما يوجد من اختار عن قناعة فهناك من حيره الاختيار فاختار «أهون النارين»، ويضيف الطالب "عبد الزين العيسى": «اخترت الأدبي لأنه أهون النارين، ولو ترك لي الخيار لما اخترت أيا منهما».

ومن أهون النارين إلى أصعبهما –بحسب رأي "عبد الزين"- إلى الفرع العلمي ليتحدث الطالب "علي الفرج" عن الدوافع في الاختيار فيقول: «نحن في العائلة جميعنا درسنا الفرع العلمي، وهدفي أن أصبح طبيبا كما أبي، ولن أحيد عن "الطب" فإن لم استطع دراسته في "سورية" سأدرسه في الخارج..».

دعاء حمدان

ومن جديد تعود الرغبة التي تنطلق من المقومات الشخصية للطالب والتي هي من يحدد الخيار كما عند الطالبة "منى الخلف" والتي تقول:

«أنا اخترت العلمي لأنني أميل إلى المواد الفهمية أكثر من تلك التي تعتمد على الحفظ كأساس في دراستها، كما أن للفرع العلمي أبواب متعددة لمجالات العمل في الحياة». وعن دور أهلها في الاختيار تضيف "منى": «دور أهلي تجلى في منحيين اثنين أولهما النصح والإرشاد من قبل والديَّ وإعطائهم لي كامل الحرية في الاختيار، وثانيهما ما قدمه لي أخوتي من معلومات عن الفرعين وما تحويه مناهجهما من مواد، مما ساعدني على التعرف على طبيعة الفرع الذي سأختاره تجنباً للوقوع في أشياء مجهولة».

أما المميز في اختيار"منى" اختيارها للفرع العلمي كوسيلة لدراسته أحد الاختصاصات المحسوبة على الفرع الأدبي وهو "الحقوق"، فتقول: «ليس بالضرورة أن من يدرس الفرع العلمي يكون تخصصه علميا، فأنا ارغب بدراسة الحقوق، لأني أحلم بأن أكون "قاضية" في المستقبل إن شاء الله، فاختياري للفرع العلمي، انطلق من قدراتي على التعامل مع مواد هذا المنهاج».

أما الطالبة "دعاء حمدان" فترى في الفرع العلمي سبيلا لإكمال تفوقها والاستمرار فيه، فتقول: «اخترت العلمي لأني أحب مواده والتي استمتع بدراستها، فالمواد العلمية رياضة للدماغ ومنشط للذاكرة نستطيع من خلالها استخدام ذكائنا في التعامل معها واستيعابها وفهمها ولا تترك مجالا للملل أثناء دراستها، كما أن منهاج الفرع العلمي يحوي على بعض المواد الأدبية التي تقدم لنا جرعة مميزة من الثقافة والمعلومة كمواد التربية القومية والتربية الدينية واللغة العربية، ناهيك عن عنصر التنوع الذي تضفيه على المنهاج».

تكلم لها البعض عن صعوبة المواد العلمية وكثافة منهاجها لكن هذا الكلام لم يثني "دعاء" عن اختيارها وعن ذلك تقول:

«لم أكترث بكلام أحد فقد اطلعت على المنهاج ولم أجد فيه الشيء الصعب، وعموما أنا لا أرى أن هناك شيء اسمه (صعب)، فالتعب والجد والاجتهاد يجعلان الصعب سهلا». وبعد كل هذه العزيمة والإصرار إلامَ تريد الوصول "دعاء"؟..«كانت رغبتي الأساسية هي دخول كلية الطب، ولكن وبعد أن انقصوا علي فرحتي بنقصان العلامة التي تفصلني عن المجموع التام في الصف التاسع، أصبح هدفي هو تعويض تلك العلامة، وسأسعى جاهدة إلى ذلك..».

ومن الطلاب إلى مدارسهم، وسؤالنا هل تتدخل المدرسة في اختيارات الطلاب؟ وعن هذا أجابنا الأستاذ "حسين السليمان" معاون مدير "ثانوية منبج للبنين" قائلاً: «لا تتدخل المدرسة أبدا في تحديد الفرع الذي سيدرسه الطالب، بل تترك له الخيار كاملا ليختار ما يحب ويرغب، حيث يتاح للطالب اختيار ذلك في الصف (العاشر) ليبدأ في الصف (الحادي عشر) دراسة في الفرع الذي اختاره.

وأحب أن أذكر هنا حالات التنقل بين الفروع والتي تستمر أحيانا حتى بداية الثالث الثانوي، وهذا ما يؤكد تذبذب بعض الطلبة في اختياراتهم، فأكثر عمليات التحويل تتم من الفرع العلمي إلى الأدبي أما العكس فهو نادر..».

إذا كانت المدرسة لا تتدخل أبدا في الاختيار فهل الأهل يتدخلون، وإن لم يتدخلوا فما هو دورهم، وعن هذا يتحدث الأستاذ "أحمد البكوري" فيقول:

«الدور الأساسي للأهل هو توجيه الطالب، فمهما كان الطالب واعٍ ومدرك لاختياره فإن الأهل على اطلاع أكثر وبالرغم من ذلك فلا بد أن يكون دور الأهل ايجابي بالنسبة لاختيار الطالب، فنجاح الطالب يعني ضمناً نجاحهم، كما فشله هو فشل لهم، ويجب أن يتجلى اهتمام الأهل ضمن رغبته بهدف الوصول إلى النجاح الذي يبتغيه، ويمكن تحقيق النجاح في أي مجال كان وليس فقط في فروع محددة، والطالب كالشجرة إذا اعتنينا بها كبرت وأثمرت، وإن أهملناها يبست..».