يعتبر الشيخ "رشيد كدرو" من أوائل المتعلمين والمعلمين في ريف محافظة "حلب" الشمالي، في زمن كان الناس غارقين في الجهل والأمية، ليشرب من نبع علمه العشرات من أبناء المنطقة.

للحديث عن سيرة الشيخ "رشيد كدرو" ودوره التعليمي في حياة الناس تحدث الأستاذ "عبد الرحمن حاجي عثمان" الباحث في تراث منطقة "عفرين"، ومدير موقع "تيريج عفرين" الثقافي لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 نيسان 2014 قائلاً: «قبل فترة الخمسينيات من القرن العشرين كان التعليم في عموم محافظة "حلب" يتم من قبل أشخاص يسمون "الخوجة" أو "الشيخ"، وذلك داخل المغاور أو تحت الأشجار أو في أحد البيوت في القرى، وكان هؤلاء يعلمون التلاميذ ضمن حلقات تسمى "حلقات الكتاتيب" مبادئ القراءة والحساب والنحو والديانة وباللغة العثمانية القديمة التي كانت تسمى "أسكة ترك".

هذا الدور البارز الذي قام به الشيخ "رشيد كدرو" في حياة الناس جعله في رأس قائمة الوجوه المؤثرة في المنطقة التي تستحق منا كل تقدير واحترام

وفي منطقة "عفرين" برز من بين هؤلاء الخوجة المرحوم "رشيد كدرو" الذي كان له دور كبير في حياة أبناء المنطقة وخاصة إذا عرفنا أن العديد من الشخصيات العلمية وأصحاب الشهادات قد تخرجوا على يديه».

الأستاذ عبد الرحمن حاجي عثمان

وأضاف الأستاذ "عبد الرحمن": «ولـد الشيخ "رشيد كدرو" في قريـة "أبين" التابعة إلى منطقة "عفرين" في العام 1887 ميلادي - 1305هجري، أي قبل 127 عاماً من تاريخ اليوم، وفي العام 1327هـ - 1909م تخرج المرحوم في "دار المعلمين" بمدينة "حلب"؛ ليتفرغ بعدها للتدريس وتعليم التلاميذ التربية والتعليم.

من أهم المدن التي قام الشيخ "رشيد كدرو" بالتدريس فيها بعد تخرجه "معرة النعمان" في محافظة "إدلب" وذلك بموجـب صك رسـمي من قبل الدولة العثمانية حينها، بعدها ترك الشيخ التدريس في مدينة "معرة النعمان" ليتابـع بعدها التعليـم في مسقط رأسه قرية "أبين" وذلك لمدة 65 عاماً وبعدة لغات هي: العربية، والتركية، والكردية، والفارسية، وفي مجالات العلوم الدينية والفلكية».

الدكتور محمد عبدو علي

وعن أهم تلاميذ الشيخ رشيد "كدرو" قال: «من أهم من تلقى التعليم على يدي الشيخ المرحوم كل من المجاهد "رشيد رسول"، والشيخ "محمد خليل" حامل شهادة الأدب العربي من قرية "علمدار" التابعة إلى منطقة "عفرين"».

الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تاريخ وتراث منطقة "ريف حلب الشمالي" قال عن الشيخ المرحوم: «خلال بحثي عن أوائل الأشخاص الذين اهتموا بالكتب وبتحصيل المعرفة في المنطقة فإن أقصى ما تذكرته الذاكرة الشعبية في هذا المجال يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهم من فئة المعلمين الشعبيين أو الخوجة وكان من أبرزهم الشيخ "رشيد كدرو".

الشيخ "رشيد كدرو" من مواليد قرية "أبين" بريف حلب الشمالي في العام 1887م، وهو من أوائل المتعلمين في محافظة "حلب"، ويعتبر منارة من منارات العلم فيها باعتباره كان يلقن المبادئ التعليمية والتربوية قبل أكثر من قرن من الزمان، وكان خريج دار تعليمية رسمية حينها هي "دار المعلمين" بمدينة "حلب".

من تلاميذه المعروفين في "ريف حلب الشمالي" الشهيد المجاهد "رشيد حجي بن رسول" المولود في قرية "علمدار" في العام 1905م، الذي تلقى على يدي الشيخ المرحوم العلوم المختلفة ليقوم لاحقاً وتحديداً بين عامي 1931- 1932م بتدريس اللغة العثمانية والقرآن الكريم في قريته "علمدار" والفضل يعود إلى معلمه الشيخ "كدرو".

حمل الشيخ المرحوم "كدرو" أولى الشهادات العلمية في المنطقة، ويعتبر رائداً في هذا المجال، وكان له دور بارز وكبير في الحركة التعليمية في المنطقة وخارجها من خلال عمله في سلك التدريس مدة تجاوز 65 عاماً، وهذه المدة كافية لتخريج مئات التلاميذ الذين حملوا من بعده لواء العلم والمعرفة في عموم المناطق السورية لاحقاً».

وختاماً، قال الدكتور "محمد عبدو علي": «هذا الدور البارز الذي قام به الشيخ "رشيد كدرو" في حياة الناس جعله في رأس قائمة الوجوه المؤثرة في المنطقة التي تستحق منا كل تقدير واحترام».