الفنان المغترب "صلاح عمر" يملك تجربة فنية هامة في مجال النحت لم تمعنه قساوة الغربة من العمل على إغناء تجربته وتعميقها.

حول تجربته الفنية في "سورية" وفي المهجر تحدث الفنان "صلاح عمر" لموقعنا قائلاً: «عندما كنت طفلاً ترعرعت في أجواء موسيقية وذلك ضمن عائلة كان أغلب أفرادها يمارسون الغناء أو العزف على الطنبور فوالدي هو عازف الطنبور والمغني التراثي المعروف "عبد الرحمن عمر" /"أبو صلاح"/ الذي شجعني في بداياتي على تعلم العزف، من هنا بدأت حيث درست آلة العود في معهد "حلب" للموسيقا كما تعلمت العزف عليها عند الأستاذ الفنان "رشيد الصوفي" من "عين العرب".

في مجال الموسيقا والغناء تأثرت بكثير من الفنانين الأكراد والعرب، وأولهم كان والدي كما تأثرت بصوت جدتي "كليزار يوسف" التي كانت أكبر مغنية تراثية وملحمية في "حلب" وربما في سورية

أما فن النحت فقد كنت أمارسه بدايةً كهواية عابرة ثم تعلمت الحفر على الخشب كصنعة /باب معيشة/ ولكن فيما بعد شجعني شخص يدعى "حسين أبو شادي" على الذهاب الى مركز الفنون التشكيلية بحلب لأتعلم فن النحت بشكل أكاديمي وبالفعل ذهبت وسجلت في ذلك المركز حيث تعلمت فيه الكثير».

الدلفين ثلاثي الأبعاد من أعماله

وإضافة إلى الحفر على الخشب أمارس فن النحت على النحاس والقصدير والتفاح والبطاطا والعظام وبذور افوكادو والحجر ولدي في هذا المجال أعمال كثيرة».

وعن الذين تأثر بهم في بداياته قال: «في مجال الموسيقا والغناء تأثرت بكثير من الفنانين الأكراد والعرب، وأولهم كان والدي كما تأثرت بصوت جدتي "كليزار يوسف" التي كانت أكبر مغنية تراثية وملحمية في "حلب" وربما في سورية».

من أعماله الخشبية

وتابع الأستاذ "صلاح" حديثه معللاً سبب اختياره لفن النحت: «عندما كنت أعيش مع جدي وجدتي في قريتي "كوردان" ناحية "جنديرس" والتي ولدت فيها كانت الحجارة الكلسية في واجهة منزلنا ملأى بالنقوش النحتية الشرقية وقد دفعتني تلك النقوش الجميلة لاختيار فن النحت والتعمق فيه لاحقاً».

«في سورية- والكلام له- شاركت مع بعض الاصدقاء من الفنانين الأكراد والعرب في العديد من المعارض منها معرض في المركز الثقافي بالرقة في العام 2006 وبالسلمية في محافظة حماه في العام 2005 و"معرض الجبل" في "جنديرس" منطقة "عفرين" في العام 2006 ومعرض فني مشترك في "حلب" في العام 2004».

الأستاذ صلاح عمر في أحد معارضه

وحول قصته مع الاغتراب تحدث قائلاً: « انتقلت إلى "السويد" في صيف العام 2007 وهنا أتيحت لي الفرصة المناسبة لممارسة فن النحت فقد ساعدتني الحكومة السويدية في البداية بفتح مرسم كي أُعلّم أبناء الجاليات الأجنبية فن النحت والرسم مقابل راتب قليل وفيما بعد أقمت معرضاً فردياً وشاركت في مهرجان كبير مع فنانين من "السويد" تعرفت خلاله على كبار الفنانين هناك حيث قاموا بمساعدتي كي أصبح عضواً في نقابة الفنانين كما تعرفت على فنان يدعى "جيمس" وهو مدير جامعة وعن طريقه دخلت الجامعة منذ العام 2011 والآن أدرس فن النحت فيها بشكل أكاديمي.

الغربة رغم مرارتها تعطي المرء الدفع والحافز كي يثبت نفسه وتساهم في صقل مواهبه وتزيد من خبرته وذلك من خلال التعرف على الكثير من الفنانين ومن مختلف أنحاء العالم، ولا شك بأن الدراسة الأكاديمية في "السويد" جعلني أكثر خبرة وتعمقاً في عالم الفن.

حالياً كما ذكرت أدرس في جامعة وأقوم بالتحضير لمعرض فردي بالتنسيق مع جمعية إسلامية في السويد وسيتضمن هذا المعرض الخط العربي ورسائل سماوية والقرآن الكريم».

وحول المعارض التي أقامها في "السويد" قال: «في الحقيقة شاركت في عدة أمسيات موسيقية ومهرجانات فنية في "السويد" من خلال العزف على آلة العود وتقديم الموسيقا الشرقية بشكل عام والموسيقا الكردية بشكل خاص وأجرت عدة صحف سويدية لقاءت معي تحدثت فيها عن الفن الشرقي وخصوصيته، وفي مجال فن النحت أقمت معرضاً فنياً فردياً في العام 2010 وشاركت في مهرجان فني كبير في "السويد" وبعد حوالي الشهر وتحديداً في 15 حزيران سوف أقيم معرضي الفردي الثاني في مدينة كالمار السويدية تحت اسم "رسائل سماوية" كما سأقيم معرضاً فنياً في خريف هذا العام في جزيرة "أولاند" السياحية».

وعن الرسالة التي يمكن للفنان أن يقدمها للعالم عن بلده عبر فنه قال: «في الحقيقة الغرب لديهم فكرة سلبية عن الشرقيين وثقافاتهم، إنّ مهمة الفنان والمبدع هي العمل على تغيير هذه الفكرة، مثلاً قبل فترة جرت في الجامعة مسابقة لأجمل مشروع نحت وقد قمت باختيار موضوع "دلفين ثلاثي الأبعاد" وكان المفروض انجاز العمل خلال ثلاثة أيام والذي حصل أنني قمت بانجازه بيوم واحد ورغم سرعة العمل كان مشروعي هو الأجمل والأسرع، طبعاً بالنسبة للكثير من الطلاب كان ذلك نوع من الصدمة لأنهم لم يتوقعوا أن أفوز كشرقي بالدرجة الأولى، على المرء أن يثبت نفسه ويكون متفوقاً ليصل الى مراده ومن هنا فإن مشروعي هو العمل لأصبح فناناً متميزاً ومشهوراً في الغرب لكي أحقق ما أطمح إليه وهو أن يتبناني أبناء وطني».

وختاماً قال: «ذات مرة قال لي صديقي النحات "دانيال" أنت تحمل ثلاث ثقافات متنوعة هي العربية والكردية والسويدية وهذا ما يجعلك مميزاً عن البقية، إن غنى الثقافات وتعددها أمر جميل جداً، هنا أكتسب الثقافة الغربية وهم يكتسبون مني الاسلوب الشرقي».

يذكر أن الفنان المغترب "صلاح عبد الرحمن عمر" هو من مواليد العام 1978 في قرية "كوردان" التابعة لمنطقة "عفرين".