يحاول الشاعر "محمود نايف الشامي" الإلمام بجميع نواحي الأدب من خلال استقطابه للوجوه الشابة وتعريفهم بالجمهور، حول ذلك وبعض الشؤون الأخرى التقى به eAleppo وكان معه هذا الحوار:

ما هي القصيدة بالنسبة للشاعر "محمود الشامي"؟

هل يصدّق متابع شعر "محمود الشامي" المحملة بشحنات العاطفة والشعور ونبضات المحبة والفطرة والجمال أنّ كلماته تبزغ من داخل المدينة الصاخبة.!؟، إنّ في رقّة ألفاظه وجمال صوره وعمق معانيه ما يؤهله إلى دخول عالم الإبداع، وهو بشعره يطرح الأسئلة ويلتمس الطريق، يغني للحياة، للحب وللإنسان، وقد لاحظت في شعره الذي كتبه مؤخراً تطوّراً ملحوظاً يؤكّد ما توقعته منذ أن أصدر مجموعته الأولى "ذكريات المطر" ، وهو بالتأكيد يسير على طريق الإبداع بخطوات ثابتة وجميلة

القصيدة هي روح الشاعر وهي التي تترجم شخصيته وتعبّر عن حالات الحزن إن كان حزيناً وعن حالات الفرح، أحياناً تأخذ منحىً شخصياً إذ يكون نتاج تجربة شخصية مرّ بها الشاعر في حياته، ولكن أفضّل تسميتها بأنها روح الشاعر أكثر من أن تكون أي شيء آخر، إذ تستطيع التعرّف على شخصية الشاعر من خلال قصيدته ولكن ليس في غالب الأحيان، فهي متوقفة على أسلوب الشاعر ومدى معرفتك به، وهنا إن كنت تعرف الشخص تستطيع الوصول إلى مكامنه وخوالجه، ولا بدّ أن تقرأ للشاعر العديد من القصائد لتستطيع أن تفهمه بطريقة صحيحة، إذ يجب أن تقرأ له وهو في جميع حالاته حتّى تستطيع الإلمام بشخصه وأسلوبه تماماً.

الشاعر محمود نايف الشامي

هل مستساغ تأثر الشاعر الشاب بأحد الأعلام المشهورة برأيك؟

بالنسبة لي فأنا أسمح بذلك ولكن لفترة محددة بشرط أن تكون الفترة مؤقتة وليس دائمة إذ لا بدّ له من أن يرتدي عباءته فيما بعد، فلا يمكن أن نتقبل من شخص تقمصه لإحدى الأعلام المشهورة دائماً وإنما هي حالة قد يمرّ فيها الشاعر لفترة مؤقتة لا أكثر وهي فترة البدايات حصراً.

محمود الشامي مع الأديب مصطفى النجار

وموضوع التقمّص صعب جداً برأيي إذ هنالك أشخاص من الممكن أن يتقمصوا دائماً فلا يستطيعون بذلك خلع عباءة الشاعر الذي تقمصوا شخصيته، وموضوع أن يكون للشاعر نمط خاص به يحتاج إلى فترة طويلة من البحث والتنوع والأخذ من مختلف الشعراء كنازك الملائكة و"بدر شاكر السياب" و"أمل دنقل" وغيرهم كثيرين.

ماذا تحاول تقديمه من خلال إشرافك على "المنتدى الثقافي الشبابي"؟

أهم شيء هو إيجاد الفرص والفرص الحقيقة للمواهب الشابة وكسر حاجز الإرباك أو الخوف بين الشاعر والمتلقي وخاصة أن معظم الشباب الذين نستضيفهم يظهرون لأول مرّة، ونريد بهذه الفرص أن نتيح المجال أمام هؤلاء الشباب في أن يتعرّف عليهم الجمهور عن قرب، طبعاً أنا لم أكتفي بالشعر فقط في المنتدى وإنما قدمنا أصواتاً جميلة جداً بالإضافة إلى العزف ومشاهد مسرحية عديدة من قبل "أسرة تراكم"، وبهذه الحالات يتم مناقشة نتاج الشباب مباشرة مع الشخص الذي قدّم إبداعاً في مجال ما، فيتم توجيه هؤلاء المشاركين من قبل أشخاص قد يكونون على دراية وعلم أكثر بالمواهب المقدّمة، طبعاً نحن ركزنا كثيراً في المنتدى على الوجوه الجديدة بدون الأعلام المشهورة كون الثاني قد أخذ حقّه إلى حد ما بينما بقي الأول مهمّشاً إلى حد ما إن صح التعبير.

كيف ترى مستوى نقد القصيدة في "حلب" من خلال الأمسيات الشعرية التي تقيمها؟

صراحةً لم يكن هنالك نقد موضوعي أبداً وإنما كانت عبارة عن انطباعات لا أكثر، فالنقد يحتاج إلى تشريح النص بالمجمل، وأعتقد أن مشكلة "حلب" هو أنها لا تحوي نقاداً أبداً، ومن خلال متابعتي للأمسيات في المراكز الثقافية واتحاد الكتاب العرب، فإنهم جميعاً كانوا يعطون انطباعهم ولا يمكن أن نسمي ذلك نقداً أبداً، وهذا الانطباعات من خلال التجربة الطويلة يمكن أن تتحول إلى نقد ولكن رغم ذلك لن يكون النقد منهجياً، فالناقد يجب أن يكون محايداً تماماً ومخلصاً فيما يقول، بحيث نأخذ منه الشيء الإيجابي والسلبي في آن معاً، فالناقد يجب أن يغوص في أعماق القصيدة وأعماق الشاعر ليستطيع فهمها وإيضاح النواحي التي قد تخفى على الجمهور العادي.

هل ترى ضعفاً من قبل المراكز الثقافية في "حلب" في استقطاب الشعراء؟

بالتأكيد، إذ هنالك أشخاص مسيطرون على الساحة الأدبية لذلك لا يتم استقطاب الشباب بالشكل المناسب، وهذا الموضوع ليس سهلاً أبداً، إذ يجب علينا البحث عن هؤلاء المواهب الشابة بدلاً من أن ننتظر مجيئهم إلينا، وغالب الأسماء الموجودة في المراكز الثقافية هي أسماء معرفة ومن النادر أن نرى أسماء جديدة على اللائحة، وهنالك تقصير كثيراً من قبل المعنيين على الشأن الثقافي في "حلب".

ما الذي يحتاجه الشاعر في "حلب" ليتطوّر أكثر برأيك؟

يحتاج على منبر ليقدّم إنتاجه الأدبي بالإضافة إلى حاجته إلى تشجيع أكثر، فإن كانت لديهم موهبة حقيقة ووجدوا التشجيع والمنبر المناسب ليظهروا من خلاله فإن ذلك سيهام تلقائياً في تطوّرهم، ولكن إن لم يكن هذا موجوداً فبالتأكيد سيتراجع، ودور الجريدة مهم جداً في هذا التطوّر، ومشكورة جريدة "الجماهير" التي تضم في صفحاتها زاوية أدبية أسبوعية لاستقطاب نتاج الشباب ولكن برأيي أن هذا لا يكفي لأن شريحة الشباب بحاجة إلى منبر أكبر لنسمعهم بالشكل الصحيح والمناسب، فلا يكفي أن أنشر قصيدة في جريدة ما لأن مواجهة الجمهور لا بدّ منها من قبل الشاعر، وصراحة أعرف العديد من أصدقائنا الشعراء الذي توّقفوا عن الكتابة لعدم تلقيهم الدعم والتشجيع المناسب مع العلم أن نتاجهم كان جيدة جداً ولكنهم مع الأسف لاقوا نقداً لاذعاً من قبل النقاد الذين لم يعوا أنها المشاركة الأولى لهم وأنهم مبتدؤون وليست لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال وهم بحاجة إلى العناية والمتابعة والتوجيه ليتطوّروا أكثر، وحتى الذين لم يتركوا الشعر أصبحوا يحتفظون بنتاجهم لأنفسهم دون طرحه على الجمهور، طبعاً أنا لا أقصد بعدم النقد اللاذع أن نصفّق للشاعر الهاوي ولكن هنالك أسلوب معيّن يجب أن ننقدهم فيه وخاصة للذين يسيرون لأول مرّة في هذا الطريق.

هل ترى طبعك لديوانك اليتم "ذكريات المطر" أنه كان تسرعاً أم كان في مكانه؟

ما ذكرته في ذلك الديوان كان عبارة عن مجموعة من النصوص وليس شعراً، وصراحة في الفترة الأولى شعرت أنني تسرّعت كثيراً ولكن بعد ذلك اكتشفت أنه كان من المفترض أن أطبعه، فقد استفدت من طبعه بأنني انتقلت إلى مرحلة ثانية أكثر تطوّراً، ولو لم أطبعه لكنت في مكاني ولم أقدّم جديداً أبداً، طبعاً أنا لا أتنكّر منه وهو بالفعل"ذكريات المطر" ويعني لي الشيء الكثير، وقد كانت كتابته في المرحلة الإعدادية ومرحلة البدايات الأولى.

على الرغم من إتباعك للنمط الواضح في القصيدة إلا أنك قدّمت العديد من الشعراء ذوي الاتجاه السريالي أو المغاير لنمط كتابتك ومن النادر رؤية هذا التلاحم بين شعراء من نمطين مختلفين، ما السبب؟

الشعرُ شعرٌ برأي، وإنما طريقة تقديمه تختلف من شخص إلى آخر، فأنا مع جميع الأنماط سواء كانت سريالية أو خاطرة أو حتى نثراً، ولكن من المهم أن يقدّم لي شيئاً في النهاية، فأنا أتذوق كافة الأنماط الشعرية ولا أفضل نوعاً على آخر أبداً وإنّما النمط الذي يشدني هو الذي يعطيني فكراً في النهاية، إذ لا تستطيع أن تلزم الشاعر بنمط محدد ليكتبه فوقتها لن يستطيع تقديم شيء ولن يستطيع تقديم فكره ضمن نمط أنت حددته له، فمن الممكن أن تقدّم الخاطرة لي شيئاً لا تستطيع المعلقة تقدميه.

وهنالك بعض الشعراء الشباب الذين يستسهلون قصيدة النثر ولكنها في الحقيقة ليست سهلة أبداً، فأن تكتب قصيدة النثر أصعب من أن تكتب قصيدة عمودية، إذ توجد في القصيدة العمودية الموسيقى التي تجمّلها بينما في قصيدة النثر فتعتمد على الصورة بالدرجة الأولى والصور المدهشة بالإضافة إلى أن قصيدة النثر تعتمد على الكثافة ولا تحتوي مساحات يمكن تقيدها وهذه المساحة يجب استغلالها بصورة مبتكرة وحديثة.

كما التقى eAleppo بالأستاذ والشاعر "مصطفى النجار" الذي أشاد بنتاج الشاعر "محمود الشامي" قائلاً:

«هل يصدّق متابع شعر "محمود الشامي" المحملة بشحنات العاطفة والشعور ونبضات المحبة والفطرة والجمال أنّ كلماته تبزغ من داخل المدينة الصاخبة.!؟، إنّ في رقّة ألفاظه وجمال صوره وعمق معانيه ما يؤهله إلى دخول عالم الإبداع، وهو بشعره يطرح الأسئلة ويلتمس الطريق، يغني للحياة، للحب وللإنسان، وقد لاحظت في شعره الذي كتبه مؤخراً تطوّراً ملحوظاً يؤكّد ما توقعته منذ أن أصدر مجموعته الأولى "ذكريات المطر" ، وهو بالتأكيد يسير على طريق الإبداع بخطوات ثابتة وجميلة».