تتعرض محافظة "حلب" هذه الأيام إلى عاصفة رملية حادة حملت معها كميات كبيرة الغبار والأتربة الرملية؛ التي أثرت بوجه مباشر في حياة السكان الاجتماعية والصحية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 أيلول 2015، العمة "بنفش حمو" وهي ربة منزل لتتحدث عن هذه العاصفة في "ريف حلب الشمالي" قائلة: «تأتينا العاصفة الرملية كل سنة تقريباً لتحمل معها الأتربة والرمال من المناطق الصحراوية الشرقية، وبحكم خبرتنا الطويلة في الريف يمكننا التنبؤ بقدومها قبل يوم أو يومين وذلك بمجرد توقف هبوب الهواء الغربي وتوقف سقوط الندى فجراً، وهبوب الهواء الشرقي الجاف والحار، إن الهواء الشرقي يجلب معه الرمال والأتربة.

في تقليد "القشمر" أو "المهرّج" يقوم أحد الأشخاص بأخذ دور "المهرّج"؛ حيث يدهن ساعديه ورجليه ووجهه بهباب الفحم ويلبس فرو الغنم ويحمل عصا غليظة تنتهي بجرس خاص بالمناسبة؛ فيجوب مع مجموعة من الأطفال على بيوت القرية حيث يبادر أهل كل بيت بمنحهم كمية من الزيت أو البرغل أو النقود بعد رشهم بالماء أملاً بهطول قريب للمطر، وفي اليوم التالي يجتمع الأطفال وبينهم "القشمر" فيشترون بتلك النقود دجاجات وخبز، وتجتمع نساء القرية لإعداد أكلة "البرغل باللحم" بالقرب من مزار مقدس ليتم تناولها جماعياً من قبل أهل القرية، والعادة أن الأمطار تبدأ الهطول وهم ما زالوا على "السفرة"

وفي أعرافنا الفلاحية أيضاً أن قدوم العاصفة الرملية هو مؤشر على قرب هطول الأمطار؛ وبالتالي فهي إحدى الدلائل التي تبشّر بموسم خيّر وبمجرد هطول المطر الذي نسميه شعبياً بمطر الخير تستحم الدنيا وتنظف الأجواء، أحياناً عندما يتأخر هطول المطر لعدة أيام وتبقى هذه العاصفة الرملية التي تؤثر سلباً في مختلف مناحي حياتنا نلجأ إلى ممارسة تقليد اجتماعي قديم يسمى "القشمر"».

بنفش حمو

وأضافت: «في تقليد "القشمر" أو "المهرّج" يقوم أحد الأشخاص بأخذ دور "المهرّج"؛ حيث يدهن ساعديه ورجليه ووجهه بهباب الفحم ويلبس فرو الغنم ويحمل عصا غليظة تنتهي بجرس خاص بالمناسبة؛ فيجوب مع مجموعة من الأطفال على بيوت القرية حيث يبادر أهل كل بيت بمنحهم كمية من الزيت أو البرغل أو النقود بعد رشهم بالماء أملاً بهطول قريب للمطر، وفي اليوم التالي يجتمع الأطفال وبينهم "القشمر" فيشترون بتلك النقود دجاجات وخبز، وتجتمع نساء القرية لإعداد أكلة "البرغل باللحم" بالقرب من مزار مقدس ليتم تناولها جماعياً من قبل أهل القرية، والعادة أن الأمطار تبدأ الهطول وهم ما زالوا على "السفرة"».

وتابعت حديثها: «من الآثار السلبية للعاصفة الرملية على حياتنا أنها تتغلغل إلى داخل البيوت فتترسب على الأواني المنزلية والفرش والمخدات والألبسة وغيرها، ولا يمكن التخلص من تأثيراتها إلا من خلال القيام بعملية "التعزيل" بعد هطول الأمطار وتنظيفها للجو وذلك في مناسبة اجتماعية معروفة تسمى "يوم التعزيل"؛ حيث تجتمع الجارات من النسوة للتشارك في إنجاز هذا العمل المضني الذي يستغرق يوماً كاملاً في كل بيت، وعند انتهاء العمل في كل منزل تبادر صاحبته بإقامة طبخة "معتبرة" بالمناسبة لتتناولها النسوة مجتمعات، وعادة تكون الطبخة بناء على طلبهن.

تأثير العاصفة الرملية في تجفيف الخضار

للعاصفة الرملية أيضاً تأثيرات سلبية في الصحة وخاصة الأطفال المصابين بالأمراض الصدرية كالربو والكريب والزكام، وللحد من هذه التأثيرات نبادر إلى منع الأطفال من الخروج من البيوت مع وضع أقمشة مبللة بالماء على أنوفهم وأفواههم عند الضرورة».

العمة "حميدة يوسف" وهي ربة منزل قالت: «تأتي العاصفة الرملية إلى مناطقنا عادة بينما تستعد النسوة الريفيات للقيام بتحضير مؤونتهن السنوية من الخضار والفاكهة؛ التي تتم بعدة طرائق أهمها التخليل والتجفيف.

تأثير العاصفة الرملية في نمو الشجر

بالنسبة للتخليل لا مشكلات لدينا مع العاصفة؛ حيث يتم قطف الخضار وغسلها وتخليلها، لكن المشكلة تكون مع المؤونة المجففة، مثل: "البندورة والقرع والكوسا والبامياء والتين والزبيب والفليفلة الحمراء"، وغيرها.

هذه الخضار والفاكهة تتطلب تعريضها لأشعة الشمس لعدة أيام قبل حفظها، لكن هذه الرمال والأتربة الدقيقة تمنعنا من ذلك لأنها تترسب عليها وتدخل في ثناياها فتفسدها، لذا علينا الانتظار حتى ينظف الجو، وإذا بقيت العاصفة لأيام فإننا نصبح محرومين من الكثير من أنواع المؤونة مثل "التين اليابس والزبيب"؛ لأن فترة نضج الثمار تكون قصيرة وتصبح ملوثة؛ وبالتالي نلجأ إلى شراء المنتجات المصنوعة التي تباع في الحوانيت».

العم "إبراهيم إبراهيم" وهو مزارع قال: «تترك العاصفة الرملية آثاراً سلبية على مواسمنا وخاصة الزيتون؛ لأن فترة هبوب الرياح الشرقية تتزامن مع بداية موسم جني الزيتون الأخضر.

إن الأتربة التي تتراكم على الشجر وخاصة على أوراقها تمنعها من النمو الطبيعي؛ وبالتالي تبقى الثمار صغيرة الحجم وخاصة بالنسبة للزيتون "الخلخالي"؛ وهذا ما يؤثر بأسعاره لأن المعروف أن ارتفاع أسعار الزيتون وهبوطها مرتبط ارتباطاً كبيراً بأحجام الثمار.

والأهم من ذلك أن وجود كميات كبيرة من الغبار المترسبة على الأشجار تمنع العمال من جني المحصول؛ لأنها تؤدي إلى إصابتهم بأمراض عديدة مثل التحسس والربو وغيرها، وفي هذه الحالة وعندما يتأخر هطول المطر التي تغسل الأشجار يبادر المزارعون إلى تنظيف حقولهم بواسطة مرشات مائية لتسهيل عمليات القطاف والحصول على ثمار كبيرة الحجم».