في أعراف الفلاحين والرعاة دلائل ومؤشرات تبشر بشتاء مطير وموسم خير ومحصول وفير، وهذه الدلائل متواجدة ضمن البيئة المحيطة وقد تعلموا قراءتها عبر الزمن، وهذا العمل نتاج الخبرات المتوارثة.

حول هذه الدلائل والمؤشرات تحدث لمدونة وطن "eSyria" العم "عبدو حمادة"، 86 عاماً وذلك بتاريخ 6 كانون الثاني 2015، قائلاً: «للفلاحين والرعاة أساليبهم الخاصة لمعرفة حالة الطقس في مناطقهم وأوضاع مواسمهم وذلك بالاعتماد على الكثير من الدلائل المتواجدة في البيئة المحيطة، وهذا الأمر يعتمد على الخبرات المتراكمة لديهم منذ مئات وربما آلاف السنين من خلال التعامل اليومي معها وحاجتهم الماسة لهذه الدلائل في حياتهم اليومية.

"الضباب" في العرف الريفي مؤشر للمصالحة بين الجو الماطر والجو الصحو؛ فيعقب ظهوره في الشتاء الانتقال إلى الجو الدافئ لكنه مؤقت لمدة أسبوع تقريباً قبل عودة الأمطار أو الثلوج

فهناك دلائل عديدة تبشر بشتاء قارس تتخللها هطولات ثلجية وحدوث موجات شديدة من الصقيع، إن تجمع الطيور والعصافير وطيرانها بشكل خاطف وسريع ضمن أسراب هو أحد هذه المؤشرات، كذلك فإن ظهور طائر محلي يسمى شعبياً "سقورجق" مع بدايات فصل الشتاء هو أحد المؤشرات القوية على شتاء قاسٍ لذلك يقوم السكان وخاصة الرعاة منهم بالاستعداد لذلك الوضع من خلال شراء وتخزين المزيد من علف الماشية، كما يدخل الناس "الرفوش" إلى داخل منازلهم الريفية ليزيحوا بها الثلوج صباحاً من أمام أبوابهم وقطع كميات كافية من الحطب كوقود للمدافىء، والبدء سريعاً بعمليات صيانة السطوح الترابية من خلال كبسها بواسطة حجر الدحل الأسطواني؛ لمنع ارتشاح المياه للداخل».

الينابيع تبشر بمواسم الخير

وتابع: «إن ظهور طيور "السنونو" في الجو في معتقدات أهل الريف مؤشر على انتهاء فصل البرد ومبشر بالدفء وقدوم فصل الصيف، فبمجرد رؤية السكان للسنونو يتنفسون الصعداء بعد شتاء بارد وطويل وآن الأوان للخروج لرعي قطعانهم في الطبيعة واقتراب موسم حلب الماشية.

إن حصاد المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير والعدس والحمص وغيرها يحتاج إلى نزول الندى فجراً؛ لأنه يساعد الفلاحين في حصاد مريح فلا تتكسر السنابل وتسقط الحبوب على الأرض فيقل المحصول، ولمعرفة متى ينزل الندى يراقب الفلاحون طائراً جبلياً معروفاً لديهم يسمى "طير الندى"؛ فإن ظهر يستعد الفلاحون للذهاب إلى الحقول فجراً لحصاد المحصول، أما إذا تأخر ظهوره فيؤجلون العمل بضعة أيام».

نبتة "تولك" تنعشها أمطار الخير

الجد "سيف الدين أوسو"، 95 عاماً* قال: «لمعرفة المواسم المطيرة التي تساهم في زيادة كمية المحاصيل هناك العديد من المؤشرات التي يعتمدها السكان منذ مئات السنين وحتى اليوم؛ وأول هذه المؤشرات هو امتلاء "أجران الرعاة" بالمياه؛ وهي حفر صخرية طبيعية أو من عمل الإنسان متواجدة في الطبيعة، وهذه الأجران تمتلئ بمياه الأمطار عندما تهطل بكميات وفيرة وكافية، والمعروف أن هطول الأمطار بكميات كافية يبشر بموسم خيّر ووفير، أما عندما تكون كمية الأمطار قليلة فنادراً ما تتجمع المياه في هذه الأجران لأنها تتبخر سريعاً من حرارة الشمس.

ومن المؤشرات على الموسم الخيّر أيضاً ظهور الينابيع وجريان مياهها لأيام، ويعقب ذلك هطول الأمطار الوفيرة حيث تنبع المياه من تحت الصخور وتجري كينابيع لعدة أيام وتكون مياهها نظيفة ونقية، لذا يلجأ السكان إلى حفر مجارٍ لها لإيصالها إلى صهاريجهم بعد وضع نبتة "البلان" الشوكية عند نقطة دخول هذه المياه إلى الصهاريج كمصفاة لمنع دخول القش إليها واستعمال هذه المياه المتجمعة خلال فصل الصيف؛ حيث تقل المياه عموماً.

الجد سيف الدين أوسو

وليكون الموسم مطيراً يجب أن تهطل الأمطار الخريفية المبكرة؛ ويسميها أهل الريف "أمطار الخير" وذلك مع بداية شهر أيلول، إن هطول هذه الأمطار بكميات كافية يؤدي إلى نمو نبتة "تولك" الريفية بكثرة، هذه النبتة يقطعها السكان لاستعمالها في إعداد العديد من الطبخات اللذيذة».

وتابع: «"الضباب" في العرف الريفي مؤشر للمصالحة بين الجو الماطر والجو الصحو؛ فيعقب ظهوره في الشتاء الانتقال إلى الجو الدافئ لكنه مؤقت لمدة أسبوع تقريباً قبل عودة الأمطار أو الثلوج».

وختم الجد "سيف الدين": «لمعرفة موعد البدء برش البذار قديماً كان الفلاحون يراقبون ظهور طائر أسود اللون يسميه أهل الريف "غراب البذار" الذي يتغذى على هذه البذار التي ينثرها الفلاح في الحقول، ولتفادي ذلك يقوم بحراثة أرضه مباشرة لطمر البذار في التراب وإخفائها عن عيون الغراب».

  • توفي بعد حوالي الشهر من إعطائنا هذه المعلومات.